◄ بوجود مرسومين خاصين بالقطاع.. تلغى الأحكام السابقة عديدة هي التجاوزات والإنتهاكات التي ارتكبت في حق الصحفيين في الفترة الأخيرة بغير موجب قانوني سببها عدم تفعيل المرسومين عدد 115 و116 ليتساءل كثيرون عن خلفيات هذا الإستبعاد لقانونين خاصين منظمين للقطاع المكتوب والسمعي البصري وأي خلفيات كامنة وراء عدم الإعتراف بهما وتفعيلهما؟ فهل تعود المسألة إلى الإرادة السياسية أم يعود الأمر إلى إمكانيات التأويل الواردة بعدد من الفصول التي تخضع إلى الرأي المطابق وغير الإلزامي؟ فحسب رأي مصطفى لطيف جامعي مختص في القانون العام"ما لا يجب نسيانه أن صياغة المرسومين115 و116 جاءت في سياق عملية ثورية وفي فترة حماسية رغبة في القطع من المنظومة القانونية الاستبدادية الماضية على غرار مجلة الصحافة لسنة 1975 أو المجلة الجزائية فهي إذن فلسفة تحررية للخروج من وضعيات الفراغ خاصة منها القانونية". مضيفا: "نحن نعلم أن في المبادئ القانونية اللاحق يغلب على السابق وأن النص الخاص يغلب على النص العام ونحن لدينا مرسومين خاصين يعني ذلك أن الأحكام السابقة لاغية وكل ماهو مخالف لهما يعتبر ملغى، وفي مجال العقوبات وخاصة الجزائية والتي تم اعتمادها في الكثير من المناسبات في هذه الفترة الأخيرة، فإن القانون الأخف له الأولوية ونحن هنا أمام مرسومين خاصين أحكامهما مخففة ولهما الأولوية المطلقة في التطبيق فيما عدا ذلك وكل من يعتبر أن عددا من فصول المرسومين يقبل التأويل لا يمكن اعتبارها إلا تعلات لها خلفيات غير قانونية الغاية منها تمرير الرفض أو عدم الإقتناع أو التخوف من حرية الإعلام". تعبير عن الإصرار وأمام جملة الإنتهاكات والتجاوزات فإن الدخول في إضراب عام في قطاع الإعلام قال اللطيف أنه "لا يمكن قراءته في قراءة معزولة فهو يعد شكلا من أشكال الإحتجاج وأيضا الإصرار على الحفاظ على جملة المكتسبات التي تحققت إبان الثورة والرفض القطعي للتنازل عنها هو في جانب آخر يدخل في إطار الصراع النمطي الذي يعيشه المجتمع وبالتالي فإن تحركات من هذا النوع إذا نجحت فهي تعد تعبيرا عن الإصرار الكبير من أجل ضمان استقلالية الإعلام وحياديته". وحسب رأي حسن المانسي رئيس المجلس الوطني المستقل للإعلام والإتصال فإن "كل مسألة يضحى بها نفس ديمقراطي سواء تعلقت بالإعلام وحرية الرأي والتعبير أو بالممارسة الصحفية أو بالدستور أو غيرها من المجالات وفي كل حلقة من حلقات هذا التطور إلا وقابلتها محاولات لإخمادها من قبل هذه السلطة التي بدا واضحا بأنها لا تعترف بالحريات الفردية والعامة" ليضيف أن "المسألة الوحيدة التي ربحها الشعب التونسي منذ اندلاع الثورة هي حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة ومع ذلك تتكرر محاولات الاعتداء عليها إما باستعمال ركائز قانونية بالية تم الاستغناء عنها منذ سنوات أو باللجوء إلى أساليب التهديد والترهيب والهرسلة". حرية الإعلام لا تبنى عبر نظام لا ديمقراطي فتفعيل المرسومين115 و116 من الضروريات والأوليات كما أكد المانسي الذي قال:" القول أن المرسومين تضمنا العديد من الثغرات والنقائص يحولان إلى حد ما دون تطبيقهما قول غير جائز فإمكانية إصلاحهما وإدراج تنقيحات عليهما مسألة بديهية وممكنة وقد نادينا بها منذ زمن ليس بالبعيد ومنذ صياغتهما". غير أنه من المهم التذكير بأن المنظومة الإعلامية "منظومة كاملة تستند إلى عدة مكونات تشريعية ومهنية وأخلاقية وأيضا اجتماعية وهذه دعوة إلى إعادة النظر في الوضع المادي والاجتماعي للصحفي وأخذها بشكل جدي وهي دعوة إلى كل المعنيين بالشأن العام والشأن الإعلامي وذلك بتوحيد كلمتهم عن طريق الهيئات الممثلة له أو عن طريق ضبط أخلاقيات المهنة وحبذا لو يجمع مديرو المؤسسات الإعلامية على سن ميثاق شرف موحد ومدونة سلوك تجمعهم لا يتدخل فيها أي طرف خارجي يكون الإطار الأكبر الذي يوحد قطاع الإعلام والعاملين فيه". غير أن الإشكال إذا تواصل العيش في إطار نظام لا ديمقراطي لا يقر بحرية الإعلام وحرية الرأي والتعبير فإن الإشكال سيبقى قائما فالحرية تمر عبر نظام أسسه مبنية على الديمقراطية...