اختتمت ليلة السبت الدورة الثانية للمهرجان الدولي لأفلام حقوق الانسان في قاعة المونديال بالعاصمة وذلك بحضور عدد كبير من السينمائيين والفاعلين في مجال حقوق الانسان بتونس. سهرة اختتام هذا المهرجان كانت بسيطة في إخراجها ومتقنة في تنظيمها واختزلت كلمات الافتتاح، التي قال فيها الياس بكار- أن مهرجانا لحقوق الانسان لا يبنى في سنة أو اثنين وإنمّا يحتاج لدورات متعاقبة وثرية على مستوى البرمجة والعروض حتى يحقق حضوره في المشهد الثقافي التونسي والدولي واستعرض مختلف الصعوبات المالية مؤكدا بنفس المناسبة على استقلالية المهرجان ومصداقيته وبحثه المتواصل عن مضامين سينمائية، تضيف للإنسان أبرز الأهداف والتطلعات التي عبّر عنها مدير التظاهرة ومؤسّسها السينمائي إلياس بكار. الحدث في ليلة اختتام المهرجان الدولي لحقوق الانسان بتونس المنتظم من 24 إلى 28 سبتمبر الماضي، كان تتويج فيلم السينمائي السجين عبد الله يحي(وقع إيقافه منذ21 سبتمبر الماضي ووجّهت له تهمة استهلاك مخدرات) "على الارض" بجائزتي المهرجان لأفضل فيلم تونسي وأفضل شريط طويل. شريط "على هذه الأرض" عبّر عن رغبة جيل سينمائي كامل يستحق فرصة الحضور ضمن مشهد ثقافي معتل في حاجة لمثل هذه الدماء الفنية الجديدة والمختلفة عن سابقيها من تجارب فنية.."على هذه الأرض" لعبد الله يحي قدم صورة سينمائية تنبئ ببصمة مخرج متفرد في رؤيته وحاسم في مواقفه الفنية والسياسية ويروي الفيلم حكاية قرية العمران الفقيرة والمهشمة، التي يخوض سكانها من نساء وشيوخ إضراب جوع بعد أن داهمهم البوليس وزج بشبابها في سجن وذلك من خلال عيون الطفل حمزة (12 سنة). وذكرت لجنة تحكيم الأفلام الطويلة المتكونة من الشاعر ادم فتحي وسنية الشامخي ولينا بن شعبان أن فيلم عبد الله يحي القابع في السجن صحبة مهندس صوت العمل يحي الدريدي، استحق الجائزة لمستوى طرحه الفني والتقني وهي الملاحظة نفسها، التي نوهت بها كذلك لجنة تحكيم الأفلام التونسية المتكونة من الناقد السينمائي الناصر الصردي والأردنيين سوسن دروزة وإيهاب الخطيب ونفى أعضاء لجان التحكيم أن يكون سجن المخرج عبد الله يحي ومهندس الصوت يحي الدريدي والمنتج المنفذ للعمل نصر الدين السهيلي– المفرج عنه منذ أيام قليلة- وراء تتويج الفيلم مشددا على أن فوز"على هذه الأرض" كان عن استحقاق. الجمهور الحاضر بقاعة الفن الرابع، هتف طويلا لسماعه قائمة المتوّجين ورددوا طويلا :"تحيا السينما.. الحرية ليحي" فيما اعتلى نصر الدين السهيلي الركح صحبة أخ المخرج عبد الله يحي لتسلم جائزتي أحسن فيلم طويل وأفضل شريط تونسي. من جهته، حصد شريط "صباط العيد" للمخرج أنيس لسود " الجائزة الأولى في مسابقة الأفلام القصيرة وأكدت في هذا السياق المخرجة المصرية نيفين شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام القصيرة إلى جانب كل من منير بوعزيز ورفيق عمراني أن الصورة السينمائية العالية الجودة والطرح الفني لهذا الفيلم المهتم بقضايا حقوق الانسان وخصوصا مشاغل الطفل وراء اختياره. أمّا في مسابقة أفلام ونساء فتوّج شريط المخرجة كيم لين جيناتو "سلمى" وأرجعت لجنة التحكيم المتكونة من سعاد بن سليمان وإيناس التليلي وهاشمي بن فرج اختيار هذا الفيلم الهندي لمدى عمق طرحه لمشاغل المرأة وما تعانيه من اضطهاد ويروي فيلم "سلمى" حكاية فتاة زوجها وأهلها في سن صغيرة ومنعت من الدراسة وهي في سن 13 لتسجن طيلة ربع قرن بقيود التقاليد والأعراف.. سجن جعل منها شاعرة تخترق كلماتها هذا الحصار وتصل أعمالها لناشر يحول معاناتها لفن وشهرة. للإشارة حققت الدورة الثانية لمهرجان حقوق الانسان بتونس إقبالا نخبويا حضره متفرجون مولعون بفن السينما ومهتمون بقضايا ومشاغل الانسان من حقوق ومكاسب وأسباب انتهاكها.