تعود الجامعة التونسية لتخوض تجارب النضال والعمل من اجل تحقيق المطالب الطلابية التي مازال بعضها على طاولة المفاوضات مع سلطة الإشراف. ولئن تعتبر الجامعة السياسية منطلقا للتعاطي العلمي والثقافي فانها ايضا مدرسة اولى لتعلم السياسة وقد أسهمت الحركة الطلابية بشكل مباشر في تشكيل الوعي الوطني من خلال جملة الشخصيات الوطنية التي أسست مفهوم الدولة الوطنية. ولم تكن الجامعة التونسية بمعزل عن واقع التحولات السياسية بل كانت وفي كثير من الاحيان الحاضنة الرسمية لعمل الأحزاب الممنوعة من العمل الحزبي والإطار الإيديولوجي لكثير من الأنساق الفكرية ذات اليمين وذات الشمال. وقد اكتمل المشهد الطلابي بعودة التيارات الإسلامية التي كثيرا ما كانت تعمل تحت مسمى التيار المستقل حيث خاضت منافسات انتخابات المجالس العلمية الى جانب الاتحاد العام لطلبة تونس بمختلف تياراته السياسية بالاضافة الى طلبة الحزب الحاكم المنحل. وقد كانت آخر التعبيرات السياسية التي انضافت إلى الجامعة شباب النهضة بالجامعة ليصل بذلك عدد الفصائل السياسية بالجامعة التونسية نحو 22 فصيلا ينشط جميعهم ضمن ثلاثة اتحادات طلابية أولها الاتحاد العام لطلبة تونس (شق وائل نوار) والاتحاد العام لطلبة تونس (شق أماني ساسي) بالاضافة الى الاتحاد العام التونسي للطلبة الذي عاد لنشاطه الجامعي بعد أحداث 14 جانفي. وتشترك الاتحادات الثلاثة في ذات الأهداف وهي الدفاع عن الحقوق المادية والمعنوية لعموم الطلبة من مسكن وأكلة ومنح جامعية. انقسامات.. يعيش الاتحاد العام لطلبة تونس منذ نحو عقد من الزمن حالة من الانقسام والتشرذم نتيجة تدخل اطراف حزبية للسيطرة على المنظمة وتدجينها لفائدة اهدافها السياسية بعد ان عجزت في الاقتراب من التونسيين نتيجة تضييقات السلط القائمة آنذاك. وقد كانت الجامعة ولا تزال جالبة للقوى السياسية في محاولة منها لتحسين شروط التفاوض احيانا والسمسرة السياسية احيانا اخرى وهو ما خلق فضاء نافرا لبعض القوى التي بدات تتلاشى وتفقد سيطرتها على الجامعة لفائدة اطراف اخرى اكثر دينامكية واكثر التصاقا بالواقع الطلابي. كما عرفت عدة اطراف تقليدية بالجامعة تراجعا واضحا على مستوى الاستقطاب واكتفى ناشطوها بالتعاطي السطحي مع الاحداث. اما على مستوى التعاطي المشترك بين ابناء المنظمة وفي الوقت الذي كان المتابع ينتظر من الجميع التوحّد على قاعدة ذكرى 5 فيفري الا ان العكس كسر كل التكهنات حيث اصبحت المنظمة برئيسين وبمكتبين تنفيذيين وبهيئتين اداريتين الأمر الذي خلق معه ضعفا واضحا في أداء المجموعتين اللتين لا تجد كلتاهما حرجا في إقصاء الآخر بتعلة الشرعية التاريخية والانتخابية. وسجلت الجامعة منذ شهر مارس عودة لافتة للتيار الاسلامي بمختلف تلويناته عبر منظمة الاتحاد العام التونسي للطلبة، والذي بدا اكثر تماسكا من المنظمات الاخرى؛ وايضا عبر منظمة شباب حركة النهضة بالجامعة الذي عقد مؤخرا مؤتمره الأول..