عقدت لجنة الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد بالمجلس الوطني التأسيسي أمس لقاء لتسليط الأضواء على عدد من التجاوزات المسجّلة في قطاع النفط والغاز وفي المجال الجبائي بتونس، تم التأكيد خلاله على أن آلاف المليارات تبخرت جراء هذا الفساد.. ويأتي هذا اللقاء قبل جلسة مساءلة ينتظر أن يعقدها نواب المجلس مع وزير الصناعة. وكشفت الأستاذة فوزية باشا المحامية المتحصلة على شهادة خبرة في عقود النفط الدولية للنواب عن التجاوزات المسجلة في قطاع النفط والغاز، في حين تحدث الخبير الجبائي لسعد الذوادي عما وصفه بالفساد المستشري في المجال الجبائي والذي يكلف المجموعة الوطنية على حد تأكيده سنويا آلاف المليارات. وبيّنت الأستاذة باشا أن تونس تعاني من عجز طاقي منذ سنة 2000، ولكن لا أحد يعرف كم يقدّر نصيب الدولة التونسية من الغاز المستخرج من حقول البلاد؟ وهل تتقاضى الشركة التونسية للأنشطة البترولية أتاوة من الشركات الأجنبية نقدا أو عينا؟ وهل أن حقول الغاز وآبار النفط مجهزة بعددات تتابعها هذه الشركة أم لا؟ وهل وضعت الشركة التونسية للكهرباء والغاز عدادات لاحتساب الغاز الطبيعي الذي تحصل عليه وما هي نوعيته وهل أن نوعية النفط المستخرج من الآبار التونسية جيدة أم رديئة؟ ولماذا يقع تصدير الغاز ب112 دولارا مقابل استيراد نوعية أقل قيمة ب118 دولارا؟ ومن يشرف على اجراءات التصدير؟ وتحت مراقبة من تتم؟ وهل يتم التصدير من ميناء الصخيرة أو مباشرة عبر المياه الاقليمية؟ وتحت مراقبة من يقع ذلك؟ وما مدى حضور الديوانة في هذا الشأن؟ وأين تودع عائدات التصدير؟ وهل أن الشركة التونسية للأنشطة البترولية تستورد النفط الخام أم المكرر؟ ومن يحدد الكميّة الواجب توريدها؟ وتلك الواجب تصديرها ومن يراقب العمليتين؟ وهل أن كميات الغاز التي تشتريها الشركة وجوبا وفقا للامتيازات الممنوحة لشركات بترولية؟ ولماذا لا يتم دفع قيمة الدعم للشركة التونسية للكهرباء والغاز أو لشركة ستير للتكرير مباشرة وليس عن طريق الشركة التونسية للأنشطة البترولية؟ الإجابة عن مختلف هذه الإستفسارات تكشف على حد تأكيدها الخور الكبير في هذا القطاع. وقالت إن عقود الأنشطة البترولية مشوبة بالفساد، ولا بد من تكثيف الرقابة على امتيازات الاستغلال.. وأوضحت أن قوانين بن علي كانت تقر بالمراقبة اللاحقة لأنشطة الاستغلال ولكن المراقبات اللاحقة أقرت بوجود خلل، لأن هذه المراقبة لا تتم بصفة دورية ولا بصفة قانونية فهناك شركات بترولية لم تخضع منذ 14 سنة لأعمال التدقيق والرقابة على امتياز الاستغلال.. وتبلغ قيمة مستحقات الدولة التونسية من الاداء على الغاز نحو 380 مليارا إلا أن الشركة التونسية للأنشطة البترولية لم تقم بدورها. كما لم تستخلص الدولة التونسية مستحقات كان لابد من استرجاعها من شركات أجنبية. وإضافة إلى عدم التدقيق لا تقع متابعة الاستخلاص. وبينت المحامية أنها تقدّمت بشكاية بشأن حقل غاز اوتيك وقد ورد ذكر هذا الحقل في تقرير دائرة المحاسبات الذي قدر قيمة الخسائر المالية لامتياز اوتيك غاز بخمسة مليون دينار سنة 2010 فقط. وفي ملف وزعته على النواب أشارت الاستاذة فوزية باشا إلى أنه أمكن الاطلاع على العديد من التجاوزات التي تكتسي صبغة جنائية في التصرف في حقول النفط في تونس بما يجعل أغلب الاتفاقيات النفطية منذ ابرامها وعند تنفيذها تشوبها عديد الإخلالات المالية والجبائية وسوء التصرف وخرق قانون الصفقات العمومية وخرق مجلة المحروقات ونصوصها المكملة مما يرقى على حد تأكيدها إلى تهم جنائية تخل بالتوازنات الاقتصادية لقطاع الطاقة. وارتكب هذه الخروقات مسؤولون على القطاع، قالت إنهم تحيلوا على مرسوم المصادرة وهربوا حقوق سليم شيبوب صهر بن علي الوارد اسمه في هذا المرسوم وذلك فيما يتصل برخصة البحث برج الخضراء الجنوبي التي استعمل سليم شيبوب نفوذه السياسي للحصول على مرابيح هامة من العملة الصعبة نقدا وبرخصة البحث بيكس التي اتسمت اجراءات منحها بالرشوة وخرق قانون المحروقات وخاصة للفصل 15 منه الذي ينص على :"تمنح رخصة البحث بالخصوص بناء على معايير القدرات الفنية والمالية لصاحب المطلب وعلى أهمية وطبيعة محتوى برنامج الاشغال المقترح". ومن الخروقات الأخرى التي أتت على ذكرها ما يتصل برخصة البحث أميلكار وقد ورد ذكرها في تقرير دائرة المحاسبات عدد 27 لسنة 2011. سواء الخروقات الخاصة بامتياز صدربعل أو بامتياز ميسكار وتتلخص في عدم الايفاء بالامتيازات التعاقدية أوغياب الوثائق التعاقدية وعدم احترام مقتضيات مجلة المحروقات في خصوص الرخص وعدم تركيز مصلحة للدراسات في مجال الغاز وعدم تفعيل دور المجلس الوطني للطاقة. ومن المسائل الاخرى التي تمت الاشارة اليها احتكار شركة بريتش غاز لحقل ميسكار وغياب أي رقابة وعدم استفادة الخزينة التونسية من ارتفاع الاسعار العالمية للمحروقات. أكدت على أنه تم خرق قانون الصفقات العمومية ومجلة المحروقات، بإمضاء الملحق الخامس للاتفاقية النفطية الخاصة الممنوحة لشركة بريتش غاز في رخصة بحث أميلكار المبرمة سنة 1988. وتحدثت أيضا على خروقات أخرى تتعلق بانبوب الغاز العابر للبلاد التونسية من الجزائر الى ايطاليا وغيره من التجاوزات الأخرى. الفساد الجبائي عدة نقاط استعرضها الخبير الجبائي لسعد الذوادي لدى تطرقه لمسألة الفساد الجبائي، وقال إنه كان من الضروري نشر قائمة سوداء في أسماء الشركات الأجنبية التي نهبت بالصفقات الفاسدة أموال البلاد، وذكر أنه كان من المفروض أيضا بعد الثورة مراجعة كل الصفقات المشبوهة والعقود الفاسدة لكن هذا لم يحصل. وحمل المسؤولية لما سماه بعصابات الفساد الموجودة في وزارة المالية، ونبه إلى ان مشروع قانون المالية لسنة 2014 هو مشروع إجرامي لأن هذه العصابات لا تريد أن تتحقق ثورة جبائية في البلاد، وهي تريد تخريب المؤسسات البنكية لفائدة من بيضوا الأموال وتكريس السمسرة الجبائية. وانتقد بشدّة شطب الديون الجبائية منذ سنة 1988 في خرق للفصل 25 من مجلة المحاسبة العمومية، وصياغة مشاريع القوانين المالية على مقاس المناشدين واللصوص والمافيات وتسجيل العقود الخاضعة للمعلوم النسبي بالمعلوم القار في خرق للقانون وشل مصالح المراقبة الجبائية بمقتضى الفصل 18 من قانون المالية لسنة 2012، وتهميش مهنة المستشار الجبائي. وعبر النواب عن أسفهم باستفحال الفساد في قطاعات هامة بالبلاد وأكدوا أنهم سيسائلون الوزراء المعنيين بها.