تونس-الصباح الأسبوعي - كشف كريم عبد السلام رئيس جمعية العدالة ورد ّ الاعتبار ان تقرير"المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية حول احداث" الرش" في سليانة في نوفمبر 2012 الذي وقع الكشف عنه مؤخرا متطابق مع تقريرالجمعية المذكورة والذي قدّمت نسخة منه للتحقيق العسكري لتدعيم ملفات الدعوى التي رُفعت ضدّ وزير الداخلية آنذاك علي العريّض وكل من سيكشف عنه البحث. واشارت ذات المصدرإلى ان تقرير اللجنة المستقلة التي عيّنتها الحكومة للتقصي في الأحداث المذكورة بيّنت ان الوسائل المستعملة لقمع المتظاهرين هي من قبيل الأسلحة المحظورة ف"الرش" تمّ استعماله بإفراط؛ كما وقع استغلال قنابل مسيلة للدموع مصنّعة عام 1984.. واستعمال السلاحيْن غير مبرّر. وكشف أيضا كريم عبد السلام ان التقرير الذي أعدته جمعيته اثبت خطورة الأسلحة المستعملة لقمع الاحتجاجات والتي وقع ايضا اعتمادها بشكل قصدي وعمدي وخارج محيط الولاية بأكثر من كيلومتريْن. وكانت هيئة الدفاع قدّمت شكوى لفائدة 19 حالة تعاني من إصابات بليغة (تعوّروا في أعينهم..) كما خلفت لهم هذه الإصابات أزمات نفسيّة ومشاكل صحيّة اذ هناك منهم من أصبح مدمنا خاصة ان البعض منهم في سنّ السابعة عشرة؛ ومنهم من لم يدرك 20 ربيعا قد وجد نفسه يعاني من إعاقة على مستوى البصر ستلازمه طول حياته فوجدوا في عالم الإدمان ملاذا.. مشكلة العلاج بالخارج.. التحقيق العسكري طلب توسيع دائرة الاستماع للضحايا، وأكد رئيس «جمعية العدالة وردّ الاعتبار» التي تتابع ضحايا «الرّش» منذ انطلاق الأحداث بسليانة أحد المصابين رفض الأطباء في فرنساتسريحه بل ويشرف عليه حتّى مختصّون في علم النفس لأن حالته سيئة والأطباء متمسكون بتمديد فترة علاجه لكنّ القنصلية رافضة لبقائه وتعمل على ترحيله (حسب رئيس جمعية العدالة وردّ الاعتبار) والحال ان وجهه يحمل 48 شظية تتطلب علاجا مستمرّا لانتزاعها فضلا عن وجود شظية أخرى في العمود الفقري إن وقع نزعها سيسبّب ذلك له الشلل ولهذا تتطلب حالته الصحية متابعة دقيقة؛ على ان وزارة الصحة العمومية تتكفل بشهر واحد للعلاج بالخارج وقد انتهت صلوحية "الفيزا" التي حصل عليها المصاب واصبح مهدّدا بالترحيل رغم تدخل الأطباء الذين يتابعونه، وقد غادر المستشفى واصبح عبارة عن "حارق" وتتمّ ملاحقته ولم تجدّد القنصلية تأشيرته ؛ كما أنه بتدخل من الاطباء المباشرين لحالته تنتظر وزارة الخارجيّة الفرنسية مجرّد طلب من نظيرتها في تونس لتمديد التأشيرة وإقامة المصاب المذكور. إنّ ضحايا "الرش" مقدّر عددهم ب261 ضحيّة تعرّضوا لإصابات متفاوتة؛ لكن المؤكد حسب التقرير أن الإصابات كانت قصديّة لانها مسّت الجزء الاعلى من الجسم؛ كما ان هناك حالات خطيرة استدعى الأمر معالجتها بالخارج وتمّ تمكين دفعة اولى من 4 اشخاص للعلاج بالخارج عاد منهم ثلاثة وبقي واحد محتجزا لدى الإطارالطبي بفرنسا لأن وجهه يحمل 38 شظية وحالته سيئة وقد مدّد الاطباء في مدة اقامته في حين لم تتكفل الدولة التونسية إلا بشهر فقط. اختلفت المبررات والنتيجة واحدة مقابل ذلك ينتظرأربعة آخرون إصاباتهم أيضا خطيرة الى السفر الى الخارج للعلاج. ومثلما اشرنا لا تتكفل وزارة الصحة إلا بشهر علاج فقط على انّ ذلك يطرح اسئلة عديدة؛ فالذين يعانون من أضراربليغة (حوالي 19 حالة) فكيف سيقع التصرّف معهم جميعا؟ وهل أن اعتماد الأولوية مردّه خطورة الحالة؟ ومهما كانت المبرّرات فالنتيجة واحدة؛ فاستعمال مثل هذه الأسلحة التي لا يكفي أنها منتهية الصلوحية وخطيرة بل أيضا سبّبت إعاقة خطيرة لهؤلاء الشباب الذين تحطمت أحلامهم بالمستقبل على "حبات الرش"؛ وهو ما أدى بهؤلاء الى رفض وضعهم خاصة ان عددا هاما منهم تتراوح أعمارهم بين 15 و20 سنة ومنهم من استهواه عالم الانحراف حسب "جمعية العدالة ورد الاعتبار" بسبب الانعكاسات النفسية السيئة التي يعانون منها نتيجة اصاباتهم؛ فمن فقد عينا واحدة قد فقد جزءا كبيرا من حياته، وحتى من حظوظ التواصل مع المحيط والمجتمع؛ خاصة انهم فاقدون للإحاطة والمتابعة زيادة عن البطالة والفقر والتهميش الذي تعانيه الجهة ككل. ويذكر ان قاضي التحقيق العسكري قرر الاستماع الى كل المتضرّرين الذين سيقدّمون شهائد وتقارير طبية. وضع اجتماعي صعب.. ولاحظ رئيس" جمعية العدالة ورد الاعتبار" ان جل المصابين في علاقة متوترة والعدالة الانتقالية نتيجة عدم الإيفاء بالوعود؛ كما ان المصابين ممن هم في سنّ حرجة قد أصبحت نفسيتهم هشة؛ وقد اكد ذلك الاقتصاديون في علم النفس، زيادة عن انه نتيجة عدم قبولهم لوضعهم أصبحوا اكثر جنوحا للتصرّفات العنيفة وأصبحوا يمثلون أرضية خصبة لدخول عالم الإدمان لنسيان الوضع الذي يعيشونه. ردود الفعل مختلفة ومن شأنها ان تعود في النهاية بالوبال على المصابين نتيجة غياب الاحاطة النفسية والاجتماعية؛ ويبدوأن تدويل هذه القضيّة بات يُطبخ على نارهادئة حيث يؤكد دفاع المتضرّرين ان أركان رفع القضية على انظار المحكمة الجنائية الدولية متوفرة في حال لم يقع التعاطي مع هذه القضية بالكيفية المطلوبة ولم يقع تحديد المسؤوليات خاصة ان "سليانة" تستعد لإحياء الذكرى الأولى لاستعمال "الرش" في ربوعها لقمع المتظاهرين الذين رفضوا واليا من أجل عينيْه الاثنتين رميت أعين الآخرين بالرش". والملفت للانتباه انه منذ نوفمبر 2012 تاريخ أحداث سليانة الى اليوم لم يقع تسريع النظر في هذا الملف مما زاد من حدّة الاحتقان خاصة أن جل المصابين من الشباب قد انقلبت حياتهم رأسا على عقب. إن الوضع خطيرلأنه ليس من السهل إقناع الضحايا بأن ما حدث لم يكن متعمّدا اوهوأمرهيّن؛ فمن فقد عينا فقد فقد الأمل في الحياة...