تأجّلت الجلسة الانتخابية المقرّرة أمس بالمجلس الوطني التأسيسي لتعويض الشهيد النائب محمد البراهمي في لجنة فرز الترشحات للهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى صباح اليوم. ورشح النّواب المستقلّون "المنسحبون" الذين رجعوا أمس للمجلس بكثافة، زميلهم مراد العمدوني بصفته نائبا عن نفس الحزب السياسي الذي ينتمي إليه البراهمي وهو التيار الشعبي، في حين اتفق بقية النواب المستقلّين "المرابطين" على ترشيح زميلهم مبروك الحريزي وفق ما أفاد به الحريزي نفسه. واتصفت أجواء الجلسة الانتخابية التي تأخّر موعد انطلاقها كثيرا بالتوتر، إذ غادر المرابطون قاعة الاجتماعات نحو البهو، ثم قرروا بعد التشاور بينهم عدم العودة، بل ارتفعت أصوات بعضهم وخاصة نواب الوفاء للثورة للتنديد بالنواب المنسحبين، وقالوا إنهم لا يفهمون كيف يعود هؤلاء إلى المجلس بعد غياب تجاوز أكثر من ثلاثة أشهر، وبعد أن أمضوا الصائفة يستحمون في البحر و يتظاهرون في الشوارع وفي اعتصام الرحيل، وبعد أن قالوا مرارا وتكرارا إن شرعية المجلس انتهت. وكانت محرزيّة العبيدي النائبة الأولى لرئيس المجلس تروح وتجيء بين من في البهو ومن في القاعة، ولما استحال اكمال النصاب من جديد غادر النائب صالح شعيب غاضبا متهما العبيدي بأنها هي من دبرت العملية، وهو ما أثار حزنها فصرحت لوسائل الاعلام وهي تبكي أن ما آلمها كثيرا هو سوء النية، فهي تعتبر أن بناء الثقة من جديد لا يبنى على هكذا أسس. وقالت إنها بقيت في المجلس الوطني التأسيسي، لإيمانها العميق بأن المسار الانتقالي لا ينجح إلا من المجلس. وفي ما يتعلق بالجلسة الانتخابية أكدت أنها دعت النواب المستقلين وعددهم 53 لكي يختاروا بينهم من سيعوض الشهيد محمد البراهمي لكن لم يكن هناك نصابا إذ كان يجب أن يحضر 27 نائبا لكن عدد النواب الحاضرين كان في حدود 16 فقط لذلك سعت إلى إقناع النواب بالدخول ولهذا الغرض "مشت كيلومترات" بين القاعة والبهو، ورغم ذلك لم تفلح. وبعد أن تقرر تأجيل الجلسة توجه بقية النواب إلى البهو وبدا اللقاء الأول بينهم وبين المرابطين صعبا وباردا رغم تبادل التحيات والقبل. وفي تصريح ل "الصباح" بين النائب مراد العمدوني أن النصاب القانوني كان متوفرا في بداية الجلسة الانتخابية لتعويض الشهيد محمد البراهمي في لجنة الفرز ثم فجأة انسحب عدد من النواب وفسر ذلك بأن عدد النواب الذين رشحوه هو لتعويض الشهيد كان أكبر بكثير من عدد هؤلاء وأكد أن هذه الطريقة لا تعبر عن احترام لا للمجلس ولا للديمقراطية وهي سعي واضح من قبل من يدعون الدفاع عن الشرعية لإفشال الحوار الوطني وبالتالي تعطيل أشغال لجنة الفرز وانتخاب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بما يفشل خارطة الطريق. وفي المقابل فسر النائب مبروك الحريزي سبب عدم حضور عدد من النواب المستقلين بما فيهم نواب الوفاء للثورة للجلسة الانتخابية بأن هناك منهم من يرفض الجلوس مع النواب المنسحبين مرة أخرى وهناك من يرفض الاملاءات الخارجية وهناك من يفكر في مرشح بديل ويرى أن فرض مراد العمدوني من قبل البعض غير منطقي.