ماذا بعد تعليق الحوار الوطني؟ متى ستستأنف الجلسات؟ وفي أي ظروف ستجرى بعد تبادل الاتهامات بين الفرقاء السياسيين؟ أسئلة كثيرة تدور في ذهن المواطن المتوجّس جرّاء تعطل مسار الحوار و تواصل الأزمة في ظل رؤية ضبابية ومشهد سياسي متشعّب يبدولناظره بعيدا. وكشف تعليق الحوارعن شرخ كبير وتباين خطير في علاقة الأطراف السياسية ببعضها البعض..وما يمكن استنتاجه من خلال متابعة ردهات المشاورات هو انعدام الثقة بين الفرقاء وسط مناخ من النفاق السياسي تتخلله مناورات وتكتيكات تصب في خانة المصالح الضيقة..بعيدا عن كل إدعاءات العمل من أجل مصلحة البلاد.. والمؤكّد أن لهذه الضربة الجديدة لتونس، تداعيات على الأحزاب في حدّ ذاتها..و في هذا الإطار تباينت ردود الأفعال من تعليق مسار الحوار وتهافتت الأحزاب إلى تبرير مواقفها و رمي الكرة في ملعب بعضها البعض.. من جهته بقي الرباعي الراعي للحوار بقيادة إتحاد الشغل على نفس المسافة من جميع الأطراف، وحاول قدر المستطاع تذليل الصعوبات وإذابة جليد الإختلاف بين الإخوة الأعداء..حيث أكد حسين العباسي أن دور الرباعي يقتصرعلى الدفع نحو التوافق و ليس من صلاحياته اقتراح أسماء لرئاسة الحكومة..و بخصوص استئناف الحوار قال العباسي أنه سيتم خلال اليومين القادمين على أقصى تقدير.. أما المرشح المدعوم من حركة النهضة، المناضل أحمد المستيري فقد أعرب خلال تصريحات إذاعية أمس عن استعداده لرئاسة الحكومة في حال طلب منه ذلك.. و تصرّ الجبهة الشعبية على تحميل مسؤولية تعطل الحوار لحركة النهضة، التي مازالت تتعامل بمنطق الأغلبية وتسعى لفرض رؤيتها لمستقبل البلاد دون الأخذ بمواقف بقية الأطراف السياسية..وذلك حسب ماورد على لسان القيادي زياد لخضر.. وحدة المعارضة.. رغم تصريحات حمة الهمامي بقطع التنسيق مع الحزب الجمهوري، فقد نفى عصام الشابي في تصريح ل"الصباح" أن تكون هناك قطيعة مع جبهة الإنقاذ وأن الجمهوري متمسك بوحدة المعارضة في إطار الجبهة.. كما أشار الشابي إلى ضرورة البحث عن شخصيات أخرى تكون توافقية للخروج من الأزمة.. من جهته اعتبر القيادي في حركة نداء تونس لزهرالعكرمي أن التعليق هو خسارة للوقت و مضيعة له خاصة وأن الظرف الإقتصادي لا يسمح بمزيد إهدار الفرص..مؤكدا أن الخروج عن الرزنامة التي وضعتها خارطة الطريق هو نصف فشل.. كما حمل العكرمي مسؤولية تعطل مسار الحوار إلى الترويكا التي وحسب رأيه لم تكن مستعدة لإنهاء الشرعية والدخول إلى مرحلة التوافق بما يخدم مصلحة البلاد..و مازالت تريد أن تحكم بمنطق الأغلبية و فرض رؤيتها الضيقة.. وعن استئناف جلسات الحوار أكد القيادي في نداء تونس أن المشاورات جارية في هذا الشأن في صلب حركته و بالتنسيق مع شركائهم في جبهة الإنقاذ، لإيجاد مخرج سريع من هذا المأزق الجديد..مشيرا إلى ضرورة البحث عن شخصية أخرى و ترك الأسماء التي تسبب الإختلاف لتفادي الرجوع إلى نفس المربع.. وعلى النهضة أن تتخلى عن دعمها للمستيري لتسهيل عملية اختيار رئيس الحكومة المقبل.. أما بخصوص موقف الحركة من الحزب الجمهوري، قال العكرمي: "ليس من المعقول ولا المنطقي إبعاد أو تجاهل أي طرف سياسي بقطع النظر عن مواقفه.. من جهته نفى القيادي في جبهة الإنقاذ عبد الرزاق الهمامي وجود نية لإبعاد الحزب الجمهوري من جبهة الإنقاذ على خلفية موقفه خلال مجريات الحوار الوطني..وعلل ذلك بحاجة المعارضة إلى توحيد صفوفها في الوقت الراهن.. واعتبر الهمامي أن تعليق الحوار هو إشارة سيئة جدا بعثها السياسيون إلى الشعب التونسي..محملا المسؤولية إلى الترويكا واصفا موقفها بالمتعنت والمتصلب والمتمسك بالشرعية و منطق الأغلبية في مرحلة تتطلب الوفاق.. وطالب الأمين العام لحزب العمل الوطني الديمقراطي أحزاب المعارضة بمزيد الضغط على "الترويكا" حتى تصغي إلى صوت المصلحة وتترك حساباتها الضيقة جانبا في هذه المرحلة الدقيقة..إذ لايمكن أن يرتبط مصير بلاد بشخص مهما كانت مكانته و قيمته..حسب تعبيره و في نفس السياق أكد القيادي في التحالف الديمقراطي محمود البارودي أن الحوار ليس فرصة لتصفية الحسابات السياسية، و مهما كان الإختلاف مع الحزب الجمهوري لا يجب أن يتم التعامل معه بطريقة إقصائية وليس من المنطقي تخوينه لأنه جزء أساسي في المشهد السياسي..و على المعارضة أن توحدّ صفوفها و تقف على موقف موحدّ.. وعن تعليق الحوار الوطني، أكد البارودي أن تمسك حركة النهضة بالمستيري مبالغ فيه و ليس له من تبرير سوى نيتها المسبقة في إيصال الأمور إلى طريق مسدود وهو ما لا يتماشى مع متطلبات المرحلة الراهنة.