تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إكتظاظ.. تدهور الخدمات.. شهادات من أهل الاختصاص... ردود وتبريرات
تحقيقات "الصباح": في مراكز التوليد بالمستشفيات العمومية
نشر في الصباح يوم 06 - 11 - 2013

في زيارة ميدانية للمستشفى الجهوي بسليمان: أقسام بلا مرضى ولا أطباء
اعداد: لمياء الشريف
علياء القروي في الخامسة والثلاثين من العمر مهنتها قابلة بمستوصف قلعة الأندلس وهي من متساكني قنطرة بنزرت.. تزوجت لتحمل طفلتها الأولى في ظروف صحية عادية، كانت تباشر مراحل وظروف حملها طبيبة مختصة في أمراض النساء والتوليد وعند اقتراب موعد الولادة وجهت الطبيبة المباشرة المريضة إلى مستشفى بالعاصمة وسلمتها رسالة إلى قسم التوليد لإتمام عملية الوضع بعملية قيصرية وفسرت من خلال الرسالة كيفية استحالة الوضع بصفة طبيعية لوجود موانع صحية ثابتة.
توجهت المريضة إلى المستشفى إلا أن الطبيب الذي أشرف على معاينتها في ذلك اليوم أعلمها أنه يمكنها الولادة طبيعيا دون الحاجة إلى التدخل الجراحي عكس ما قررته الطبيبة المباشرة، وطلب منها العودة بعد 13 يوما كتاريخ أقصى لوضع حملها.
عادت المريضة إلى المنزل واتصلت من جديد بطبيبتها المباشرة فاستنكرت ما حدث واتصلت بدورها بالطبيب (بالمستشفى) وأبلغته استحالة ولادة المرأة طبيعيا واستحالة تأخير الوضع إلا أن طبيب المستشفى أصر على وجوب الوضع في التاريخ الذي حدده هو ولم يأخذ برأي الطبيبة.
دخلت المريضة قسم التوليد يوم 30 نوفمبر لكنها لم تخضع للولادة بل بقيت طيلة يومين تنتظر مخاضا لم يأت مكنها الفريق الطبي من حقن وأدوية بغية تسهيل عملية الولادة الطبيعية لكن حالتها الصحية تعكّرت ومن ثم أدخلت المريضة غرفة الولادة الطبيعية قبل ان يتم نقلها لغرفة العمليات لتخضع إلى عملية ولادة قيصرية.
وكانت النتيجة أن تعرّضت علياء إلى نزيف حاد ورغم محاولات الإسعاف المتأخرة إلا أنها فارقت الحياة.
هناك عديد الحالات عرفت مصيرا مشابها لمصير علياء بعضها ناتج عن الإهمال والبعض الآخر عن الأخطاء الطبية فيما ترد بعض الحالات الى جهل شق من النساء بعالم الولادة فمنهن من يقتصرن على محاكاة تجارب من سبقتهن ومنهن يستقين معلومة قد تكون نتيجتها وخيمة اذ قد تؤدي إلى فقدان الجنين أو الأم والجنين معا.
لو أن علياء توجهت إلى مصحة خاصة هل كان سيتمسك الطبيب بالولادة الطبيعية؟
..... يهربن من "القطرة"
تهرب بعض الحوامل من رداءة خدمات المستشفيات والاكتظاظ نحو المصحات الخاصة ويقبلن بدفع أموال طائلة بحثا عن الرفاهية وحسن المعاملة لكن عادة ما يفاجأن بأنهن كنّ عرضة للابتزاز وللأطماع بالإضافة إلى رداءة الخدمات.
وعليه فإن السؤال الملح هو: لماذا لا تتدخل سلطة الإشراف لتفادي الاكتظاظ وتحسين الخدمات بالمستشفيات المختصة بالتوليد وإنشاء مراكز توليد جهوية تعتني فعلا بالأم والوليد وتخفف العبئ على مركز التوليد المعروفة بالعاصمة وتجنب بالتالي العائلات من الهرولة نحو المصحات وصرف اموال كثيرة؟
.... زيارات ميدانية تكشف المستور
أدّت "الصباح" زيارات ميدانية لعديد مراكز وأقسام التوليد على غرار المستشفى الجهوي بسليمان ومستشفى التوليد ببنزرت ومركز الأم وطب الرضيع بوسيلة بورقيبة وخرجت بالاستنتاج التالي: أقسام خالية من المرضى والأطباء في المستشفى الجهوي بسليمان باستثناء بعض الممرضين وقابلة وعون استقبال واكتظاظ لا مثيل له بمركز التوليد وطب الرضيع بمستشفى وسيلة بورقيبة بتونس حيث يستقبل هذا المركز يوميا عددا كبيرا من النساء من جميع ولايات الجمهورية ويسجل يوميا قرابة 60 عملية ولادة.
التقينا عديد المواطنين أمام مركز التوليد بالعاصمة المعروف بمستشفى وسيلة بورقيبة وغالبيتهم تذمروا من سوء المعاملة التي تتعرض لها قريباتهم الحوامل إضافة إلى رداءة الخدمات الناجمة عن شدة الاكتظاظ فالنساء المقبلات على الولادة يتعرضن إلى ضروب شتى من الاهانات كالكلام البذيء والصّياح في وجوههن وهو ما افادت به احدى المرافقات فيما استغرب احدهم سبب منع شقيقته من مرافقة زوجته مشيرا الى ان هذه الاخيرة في وضع صعب ولا يمكنها ان تبقى وحيدة خاصة وأنها تعاني من مرض السكري.
إحدى المرافقات أشارت أن النساء الحوامل داخل المركز يبقين لساعات يصارعن آلام المخاض دون مراقبة طبية وقد تضطر إحدى المقيمات بنفس الغرفة إلى إعلام الإطار الطبي والشبه طبي بوضعها الحرج حتى يتسنى لهم اسعافها أو نقلها للولادة.
هذا ما قاله مرافقون ومرافقات لنساء حوامل على أبواب الولادة.. ولكن ماذا عاينت "الصباح" اثناء زيارتها للمركز وقسم التوليد ليلا؟
_ اكتظاظ و نقص في الإطار الطبي والشبه طبي وصعود بعض النساء الحوامل وهن محملات بحقائب المدارج نظرا لتعطل المصعد.
.. وشهد شاهد من اهلها
التقينا بقابلة في مستشفى وسيلة بورقيبة (فضلت عدم ذكر اسمها) فاعلمتنا أن المركز يشهد اكتظاظا كبيرا ذلك ان عديد النساء يتابعن حملهن في مناطق أخرى ثم عند حلول موعد الولادة يقصدن هذا المركز بالذات على الرغم من وجود بعض المستشفيات الاخرى كالرابطة وشارل نيكول وتوفرها على أطباء التوليد واطباء الاختصاص والقوابل إلا أن المريضات لا يثقن إلا بهذا المركز.
ولاحظت ان مستشفى شارل نيكول لا يتجاوز معدل الولادات فيه في اليوم 3 او 4 حالات في حين ان مستشفى وسيلة يسجل يوميا وفي الأوقات العادية (دون اعتبار أوقات الذروة) ما يفوق ال16 حالة.
مضيفة بأن عملية التوليد صعبة للغاية والقابلة مسؤولة عن روح الوالدة وروح جنينها وكل هفوة منها قد تعرضهما إلى الخطر أو الموت..
وعن سبب عدم استقبال المصاحبين للمرضى قالت بان المستشفى خاص بالنساء وفي هذه الظروف لا مجال لاستقبال الرجال أو المرافقين وذلك من باب الحرص ايضا خاصة بعد ان تكاثرت ظاهرة اختطاف الرضع من المستشفيات ودرءا للخلط بين المواليد.
.. مؤاخذات وشهادات
هل يمكن ان يطغى الجانب المادي على الجانب الإنساني في مهنة الطب؟ هل يمكن ان تتحول الخدمات الصحية (في المصحات الخاصة) إلى مجرد صفقات مالية بعيدة كل البعد عن الجانب الأخلاقي والإنساني؟ هل يعقل ان تتحول حياة النساء إلى مجرد قائمات وأرقام للكسب المادي؟
توجه اصابع الاتهام الى بعض الاطباء المختصين في الولادة والمتعاقدين مع المصحات الخاصة بتغليبهم الجانب المادي على الجانب الانساني والاخلاقي للمهنة وذلك من بشهادة اهل الاختصاص على غرار سعيدة فرايو(قابلة) التقيناها بالمستشفى الجهوي بسليمان وروت لنا حقائق مفزعة مهنة الطب بريئة منها.
اكدت محدثتنا"في أحيان كثيرة عندما يصل الطبيب الى المصحة ويكون مستعجلا "كالعادة" و يتضح ان مدة مخاض الحامل ستطول يوهمها بانها تحتاج الى عملية قيصرية على الفور بتعلة ان مولودها "تعب" او انها تعدت الوقت المخصص لما قبل مرحلة الوضع فتجبر على الخضوع الى عملية قيصرية اما اذا كانت ساعة الوضع وشيكة فان الطبيب يستعجل الولادة والتدخل الجراحي مما يؤثر لاحقا على صحة المرأة النفسية والبدنية وخصوصا الزوجية.
واضافت السيدة فرايو انه في احيان كثيرة يطلب من القابلة ان تضغط على رحم المراة لتعجيل الولادة وهذا العمل مناف للقانون كما يمكن ان يلتجئ بعض الاطباء أيضا إلى الإسراع بإخراج المولود عن طريق اللاقط (الماعون) بدون مبرر للاستعجال.
اما الطريقة الاكثر بشاعة التي تتعرض لها المرأة في المصحات الخاصة عند عملية الوضع- دائما- حسب قول محدثتنا وهي من أهل الاختصاص- تتمثل في حصر راس الجنين في حوض امه وتعطيل عملية الولادة فيما تطلب القابلة من المرأة عدم الدفع لإخراج المولود وذلك بناء على رغبة الطبيب حتى يكمل بعض المهام في عيادته الخاصة وقد تصل حالة حصر المولود في الحوض حسب قولها الى ساعة او اكثر خاصة اذا كانت المرأة الحامل تحصلت على خدمة التبنيج السفلي. وهو من شانه ان يؤثر على حياة الام والجنين وقد يصل الى حد الاعاقة.
ونبهت محدثتنا الى أن جلسات التصوير بالأشعة المكثفة التي تفوق الحد المطلوب والافراط في حقن المريضة بالادوية اثناء الولادة من شانه ان يؤثر على الام والجنين معا ولاحظت وأرجعت مشكل التوحد والعنف الذي يعاني منه اغلب الأطفال لبعض الأدوية التي تحقن بها المريضة والى التصوير بالاشعة التي لها تأثير سيء جدا على مستقبل الاطفال.
"قيصرية" و"طبيعية" وبينهما ربح مادي واتهامات
يقول البعض ان هناك ارتفاعا في نسبة العمليات القيصرية بالمصحات الخاصة تتجاوز بشكل ملفت عدد الولادات الطبيعية لتصل إلى حوالي 75 بالمائة.
القابلة سعيدة فرايو ترجع هذه الظاهرة الى أن بعض الأطباء لا ينتظرون حتى تلد الأم طبيعيا فهم يخيرون -حسب قولها- في جل الحالات ان يخرجوا الجنين بطريقة شق البطن ربحا للمال لأن تسعيرة الولادة القيصرية تساوي ضعفي تسعيرة الولادة الطبيعية كما ان مدة الولادة الطبيعية يمكن ان تطول الى حدود اليومين في حين ان الولادة القيصرية لا تتجاوز مدتها ساعة واحدة.
ولاحظت القابلة المختصة ان بعض الاطباء يلجأون الى الولادة القيصرية دون الاخذ بعين الاعتبار لا المضاعفات الصحية والنفسية للام (خاصة التخدير الكامل او التخدير النصفي) ولا الظروف المادية ايضا كما أشارت محدثتنا ان اللجوء إلى العملية القيصرية تنامى بعد تبني منظمومة "الكنام" لم تخف حقيقة ان خوف بعض الأمهات من الولادة وغياب الدورات التوعوية من بين الاسباب المحفزة لاجراء القيصرية.
..وطبيب مختص يرد
أكد الدكتور"بريري" المختص في التوليد وامراض النساء أن أطباء القطاع العام غير الأطباء الذين يعملون بالقطاع الخاص والمصحات حيث لاحظ ان هناك فرقا بينهما بحكم اختياراتهم وفيما يخص جشع المصحات الخاصة افاد ان هذه الأخيرة هي مؤسسات ذات صبغة تجارية وطبيعي جدا أن تبحث عن الربح المادي قبل تقديم الخدمات الصحية وهو ما نلاحظه عندما يتوجه المريض إلى أي مصحة يطلب منه قبل كل شيء صك الضمان واعتبر ان هذه المصحات تعتمد اساسا على التمويل الذاتي فمن الطبيعي ان تفكر في المال حتى تبقى قائمة الذات ملاحظا ان الطبيب لا دخل له في تحديد التسعيرة او غيره من الطلبات المالية لكنه يتقيد بالاجراءات الموجودة في المصحة التي يعمل بها ليحصل على نسبة معينة لا غير.
وبحكم انتمائه الى المستشفيات العمومية شرح الدكتور"بريري" ان هناك اجتماعات طبية دورية يقوم بها رئيس القسم بالمستشفى وبقية الاطار الطبي وهي اجتماعات تقييمية يناقش من خلالها القرارات التي يتخذها الطبيب(فيما يخص العمليات الجراحية) في اطار مراجعة وتبادل للاراء وهي في نفس الوقت محاسبة ضمنية لافعال بعض الاطباء حتى لا يتفرد الطبيب باخذ القرارات التي يمكن ان تحدد حياة المريض.
واستنكر الدكتور الاتهامات الموجهة لبعض الأطباء وخاصة منها ما يتعلق بتعطيل الولادة واعتبرها غير منطقية بل ذهب الى القول بانها قد تكون اتهامات من اجل أغراض شخصية مؤكدا ان الطبيب يرى دائما ان مهنة الطب رسالة تهدف إلى المحافظة على صحة الإنسان الجسدية والنفسية والتخفيف من آلامه ورفع مستواه الصحي العام مؤكدا ان مسألة البحث في مسؤولية الطبيب عن أخطائه المهنية دقيقة جداً، فليس من المقبول إطلاق التهم جزافاً على الأطباء بشكل عام منعاً من الإساءة إلى الجسم الطبي ككل، حتى ولو وجد البعض القليل الا ان الشاذ يحفظ ولا يقاس عليه.
القابلات والحماية القانونية
كل ما نريده اليوم هو «الحماية القانونية».. هذه العبارة الشعار هي أكثر ما يلخص مطالب القابلات في تونس حيث اعتبرن انهن في حاجة الى التنصيص على كلمة سلك القابلات في القانون حتى يتسنى لهن وضع قانون اساسي منظم للمهنة، فرغم اقرار الفصل عدد 62 من مجلة حقوق وواجبات الطبيب التونسي لصفة استقلاليتها وعلى الرغم مما تشدد عليه المعايير الدولية في هذا المجال فانها لا تزال تشهد التهميش خاصة بعد صدور مشروع قانون ينقح الفصل عدد2 من قانون الوظيفة العمومية عدد 112 ديسمبر 1983 والذي يدرج كل مراقبي الصحة واعوان التنفيذ والاستقبال في سلك خاص لكل منهما في حين وقع استثناء القابلات.
واعتبرت هالة التواتي(قابلة بمركز التوليد بمركز وسيلة بورقيبة) ان النقص الكبير في عدد القابلات في المستشفيات العمومية يرجع بالاساس لعدم احترام المعايير الدولية التي تفرضها منظمة الصحة العالمية على الدول والحكومات مشيرة ان القابلة لا يجب ان تتجاوز175 عملية توليد سنويا في حين انها قد تصل في كثير من الاحيان الى 1000 عملية وهو ما يساهم في تدهور الخدمات في القطاع الحكومي.
جدير بالذكر ان الكنفدرالية العالمية للقابلات كانت دعت في توصياتها الى الاهتمام بتكوين القابلات ووضع اطار قانوني للمهنة وهو ما نفتقده في تونس فالتكوين القاعدي للقابلة الذي تدعو له النقابة الاساسية يكون في حدود 5 سنوات عوض 3 سنوات مثلما هو معمول به في عدد من الدول على غرار الجزائر".
فالحماية من خلال قانون خاص يحدد الحقوق والواجبات، وهو الأمل في رد الاعتبار لهذه المهنة وتحسين الاوضاع التي جعلت الكثير من القابلات يتوقفن عن ممارسة النشاط اما امشقته واما لمشاكله التي وصلت حد دخول البعض منهن السجن ومتابعتهن قضائيا.

مدير مركز التوليد ل"الصباح" : نعم هناك ضغط واكتظاظ.. والحلّ موجود
قال عبد الحميد السلطاني المدير العام لمركز التوليد وطب الرضيع ان المركز مرجعي ويحتوي على عدد هام من الأطباء المختصين في التوليد والقوابل وقال ان هذا المستشفى يستقبل الكثير من النساء من جميع أنحاء الجمهورية وسواء كان لدينا سرير شاغر أو لا فإننا مضطرون إلى قبول الجميع، مفيدا ان المستشفيات العمومية مازالت تعتمد الولادة القيصرية كحل اضطراري يمكن ان يلجأ اليه الأطباء عندما تتعسر على الأم الولادة بطريقة طبيعية، وحسب الإحصائيات فان نسبة الولادات القيصرية بالنسبة لشهر سبتمبر 2013 لم تتجاوز 5142 ولادة قيصرية مقارنة بسنة 2012(جانفي الى سبتمبر) حيث سجل ما يفوق 6000 حالة.
وقال محدثنا:" نقبل جميع الحالات المستعصية من جميع ولايات الجمهورية وحتى من العيادات الخاصة التي تعجز أحيانا على توليد المرأة خاصة إذا كانت الولادة المبكرة أو إذا كانت الأم تعاني من مرض القلب والسكري وضغط الدم" مضيفا:"المعدات والأجهزة الطبية متوفرة بالإضافة إلى قسم مخصص للحالات الإستعجالية ويعد من أفضل الأقسام الموجودة في الجمهورية يشغل القابلة والطبيب الداخلي والطبيب المقيم". كما تحدث مخاطبنا عن الإشكال الأساسي المتمثل في الاكتظاظ والنقص في الإطار الطبي والشبه الطبي خصوصا انه يستقطب نساء من جميع الجهات ومن داخل ولايات الجمهورية ولو اقتصر الأمر على عدد المنتفعات الموجودات بتونس الكبرى لكانت الخدمات الصحية أفضل وظروف العمل أحسن بكثير.
وعن سؤال يتعلق بالأخطاء الطبية قال إنها واردة وهي تحدث بغير قصد.. فأحيانا تكون المرأة نفسها في حالة صعبة جدا.. وحالتها مستعصية فتحدث الوفاة.
وذكر أنه في مستشفى وسيلة لا توجد نسبة كبيرة من الوفيات أثناء الولادة مستدلا بهذه الارقام: تم في سنة 2013(جانفي الى سبتمبر) تسجيل ما يقارب 270 حالة وفاه 259 منها في صفوف الرضع.
... ماذا عن الحلول؟
راى السيد عبد الحميد السلطاني ان الحل يتمثل أولا في ضرورة اعتناء كل جهة بالمرضى التابعين لها حتى لا يضطروا للقدوم الى العاصمة ولن يتم ذلك الا بتوفير الأجهزة الطبية اللازمة والإطار الطبي والشبه طبي وتدعيم عدد القوابل وبذلك يخفف الضغط على مركز التوليد وطب الرضيع في تونس وتتحسن بالتالي الخدمات الصحية داخل المركز وتتطور ظروف العمل.

رئيس غرفة المصحات الخاصة ل"الصباح": … اتهام الطاقم الطبي للمصحات بلا أدلّة أمر خطير ومرفوض
أكد الدكتور خالد النابلي رئيس غرفة المصحات الخاصة على وجود ارتفاع في أسعار المصحات وارجع ذلك لأسباب عديدة منها أن المريض هو الوحيد الذي يتكفل بكل مصاريف علاجه حيث لا وجود لضمان اجتماعي أو تامين على المرض في المؤسسات الصحية الخاصة واعتبره مشكلا سيبقى قائما ومن شانه أن يتفاقم مادام المريض هو الوحيد الذي يتكفل بكل مصاريف العلاج اي (قرابة 45 بالمائة).
ولاحظ انه من الطبيعي ان تسعى اغلب العيادات الخاصة إلى الربح المادي لان ذلك طبيعة المؤسسة الخاصة حتى تستمر.
أما عن العمليات القيصرية بالمصحات الخاصة فأكد النابلي وجود ارتفاع نسبة الولادات القيصرية في المصحات الخاصة مقارنة بالمستشفيات العمومية وذلك لان هناك أمهات يلدن لأول مرة ويفضلن الوضع في العيادة الخاصة مهما بلغت التكاليف بدل التوجه إلى المستشفيات العمومية وهن من يطلبن أن تكون الولادة بعملية قيصرية.
وعن التجاوزات التي يقوم بها بعض أطباء الولادة داخل المصحات الخاصة او وجود بعض الأطباء الذين يخضعون المريضة إلى العمليات القيصرية دون وجود أسباب حقيقية وراء إجرائها وغيرها من التجاوزات لاحظ أن هذه تهم خطيرة لا يجب أن نرمي بها جزافا على الطاقم الطبي وان حدثت فعلا فهناك قانون يخول محاسبة المخطئين من خلال عريضة تقدم لوزارة الصحة والعمادة.
وأضاف بأن كل مواطن لديه الحق في الصحة سواء في القطاع العام أو الخاص، فالمصحات الخاصة هي جزء لا يتجزأ من هذه المنظومة الصحية لذلك نحاول دائما إيجاد السبل الكفيلة لاحترام هذا الحق، ولكن لا ننسى أن المصحات الخاصة تتطلب مصاريف إضافية على القطاع العام وعلى المواطن أن يتفهم ذلك.
واشار في هذا السياق إلى إحداث هيئة وطنية في المجال الصحي وظيفتها مراقبة المؤسسات الصحية الخاصة أو العمومية وتراقب الخدمات الطبية والشبه الطبية وهذه الهيئة أحدثت بقرار سبتمبر2012.
وقال انه قد تم انعقاد اجتماع خلال هذا الشهر لتفعيل القرار ومن المتوقع ان يدخل حيز التطبيق بداية من سنة 2014.

أرقام ودلالات
عدد القابلات في بلادنا في حدود 3200 قابلة من بينهن حوالي 2700 في القطاع العام و500 في القطاع الخاص.
أما عن أطباء الاختصاص (المختصون في التوليد) فان عددهم في حدود 809 أطباء من بينهم 600 في القطاع الخاص والبقية في القطاع العام يتواجد الجزء الكبير منهم في الجهات الساحلية والمدن في حين يغيبون في الارياف والمناطق المحرومة وهو ما يجعل من مهام القابلة في هذه المناطق صعبة وعسيرة.

21 ألف حالة ولادة في مركز التوليد فقط
يستقبل مركز التوليد وطب الرضيع في أوقات الذروة خاصة في فصل الصيف حوالي 80 حالة ولادة يوميا وقد سجل المركز خلال سنة 2013 ما يفوق21 ألف حالة ولادة منها وإلى حدود شهر سبتمبر ما يقارب 11919 حالة ولادة طبيعية وأكثر من 5000 حالة ولادة قيصرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.