دراما موسيقية في مقاربة اجتماعية فيها الكثير من الإبداع اختيار هيئة تنظيم مهرجان الجزائر الأول للسينما المغاربية عرض فيلم "الوتر الخامس" للمخرجة المغربيّة سلمى برقاش كان صائبا لعدّة اعتبارات من أبرزها أن كاميرا هذا الفيلم تنقلت بين مسائل اجتماعيّة وإنسانيّة من خلال تسليط الضوء على قضيّة الصّراع بين الأجيال وما تطرحه من اختلاف في المواقف من الفنّ خاصة إذا ما كان موْهبة وطموح لشاب يجدُ الرفض والصدّ من قبل أفراد العائلة بتعلة أن الموْهبة والفن مجرّد هراء لا يجني منها صاحبَها سوى المتاعب واللهث وراء أحلام زائفة. وقد استطاعت المخرجة المغربيّة أن تجعل من هذه القضيّة الاجتماعيّة منطلقا لفيلمها لتقدّم عملا متميّزا فيه من الجماليّة الفنيّة والطرح الثاقب للمشاكل المسجّلة في المجتمع الشبابي من مخدّرات وتمرّد ورغبة في التحدّي والحب. وقد كان لتوظيف الأماكن الأثريّة وما تُحيل إليه من علاقة متينة بين التاريخ والأصالة وبين سحر الموسيقى ودورها في شدّ الجمهور بلغة سينمائيّة متطوّرة، خاصة أن هذا الفيلم الذي يشارك في مسابقة الأفلام الطويلة يصنّف ضمن الدراما الموسيقيّة. فانطلاقا من قصّة الشاب "مالك"، يجسّدها الممثل المغربي علي السّملي في الثامنة عشرة من عمره يهوى العزف على آلة العود؛ يعيش صراعا دائما مع والدته التي تقف سدّا منيعا أمام طموحه في ممارسة موهبته خاصة أن عائلته تعيش ظروفا مادية صعبة بعد أن توفي والده الفنان وعازف العود المشهور حسب قصة الفيلم، ولم يترك لهما مورد عيش. فيلتجئ "مالك" إلى عمّه "أمير" (هشام رستم) الذي يدير معهدا للموسيقى بعد أن أعجب هذا الأخير بعزف هذا الشاب " ليقرّر تبنّيه ومساعدته في مساره الفني، واعدا إياه بتمكينه من أهمّ أسرار العزف على آلة العود "سرّ الوتر الخامس"، الذي اخترعه عملاق الموسيقى العربيّة "زرياب". يقرّر البطل مرافقة عمّه لاكتشاف سرّ الوتر الخامس، وأثناء رحلته، يدخل مالك في علاقة عاطفيّة فاشلة، مع فتاة فرنسيّة تُدعى "لورا"( تجسّد الدّور كلير هيلين كاهين)، ويكتشف تسلط عمّه وأنانيته، ليقرّر الابتعاد عنه، ويكشف سرّ الوتر الخامس بنفسه. يحتوي الفيلم على معزوفات أندلسيّة رائعة، تحيل على التراث والأصالة، ومشاهد لبنايات أثريّة قديمة، في صورة تبعث على سؤال حول مصير العديد من المواقع التاريخية.