تداعب أنامله أوتار الاجاصة الخشبية بكل ثقة وحرفية وكأنه قضى عمره برفقة العود... هادئ ورصين.. لا يثرثر كثيرا ولا يحب ان يتحدث عن نفسه رغم ثراء تجربته الفنية وغزارة مشاركاته الموسيقية التي حاولنا ان نجلوها ضمن هذا الحوار الذي خصنا به وليد الزاير اثناء وجوده هنا في تونس وقبل عودته الى الولاياتالمتحدةالامريكية اين يعيش بين كتبه وعوده وأحلامه: كبف تقدم نفسك للقراء؟ درست في معهد الموسيقى بالمنزه ثم تتلمذت على يدي الاستاذ الكبير علي السريطي حيث درست عنده العود مدة سنة ثم بقيت على اتصال به وقد كنت أتمرن في بيته. وفي سنة 2002 سافرت الى الولاياتالمتحدةالامريكية بعد ان تحصلت على منحة دراسة وواصلت تعلم الموسيقى الغربية وتحديدا العزف على آلة الباص مع اختصاص اقتصاد وتصرف في الموسيقى في ولاية بوسطن وتحديدا في «بركلي كولدج أوف ميوزك». هل تخليت عن عزف العود في أمريكا؟ في بداية مشواري ركزت على دراسة الموسيقي الغربية وتحديدا الجاز الامريكي ولما علم احد اساتذتي بامتلاكي لآلة العود واتقاني العزف عليها طلب مني احضارها للجامعة لأعرّف زملائي بموسيقانا الشرقية والعربية تحديدا، فكانت عودتي لعزف العود. بعد ذلك تعرّف على المايسترو الامريكي من اصل فلسطيني الاستاذ وعازف العود سيمون شاهين وبدأت أدرس عنده العزف على آلة العود، وسيمون شاهين معروف عنه انه يٌعد سفيرا للموسيقى العربية الاصيلة في الولاياتالمتحدةالامريكية والى الآن مازلت أعزف مع سيمون شاهين. هل قدمت عروضا فنية؟ أول عرض شاركت فيه بالعزف كان بدعوة من سيمون شاهين وكان ذلك في منهاتن بنيويورك، ولكن قبله قمت بعدة عروض في عدة ولايات امريكية مثل واشنطن وتكساس وميشغن ولوس انجلس وكذلك في العاصمة الكندية مونتريال وكنت دائما اعزف الموسيقى التونسية وخاصة ألحان الهادي الجويني والموشحات التونسية والعديد من أغاني التراث التونسي. هل لديك انتاجات موسيقية خاصة بك؟ في الحقيقة انا الآن بصدد استيعاب مختلف أنواع الموسيقى العالمية وخاصة الامريكية والافريقية والعربية ومازلت بصدد البحث عن صيغة ترضي طموحاتي الفنية. ما هي اهم طموحاتك الفنية؟ أهم طموح يشغلني هو المساهمة في رفع ذائقة المستمع التونسي والرجوع الى الموسيقى الاصيلة والأصلية ولكن بطريقة حداثية تحافظ على اصالة الموسيقى من جهة واقناع مستمع اليوم باستساغته لتلك المعزوفات التي يعدها قديمة. ومن طموحاتي ايضا التي انا بصدد تحقيقها الان مزيد التعريف بالموسيقى التونسية خاصة والعربية بصفة عامة في امريكا باعتبار الموسيقى اهم جسر للتواصل الحضاري والثقافي، ولن أخفيك سرا ان قلت لك انني أحسّ بنجاح هذا المشروع لِمَا ألمسه من تجاوب كبير من المستمعين الامريكيين للمعزوفات العربية التي أقدمها وانبهارهم بثرائها. هل تعزف للجالية التونسية والعربية في امريكا؟ طبعا قمت بعدة عروض لأكثر من جالية عربية مثل اللبنانيين والسوريين والمغربيين وكذلك للتونسيين خاصة في نيويورك وقد قدمت عرضا كاملا بمفردي امام ملك الاردن وصادف ان قدمت عرضا في واشنطن حضرته الملكة رانيا ولورا زوجة جورج بوش وقدمت عروضا امام اكثر من ستة الاف متفرج. قلت انك عزفت في عرض من اجل السلام العالمي؟ نعم عزفت عرضين في جولة تدعو العالم الى تحقيق السلام والامن ونبذ الحروب وكان ذلك في صائفة 2006 وصائفة 2007 حيث قمنا بجولة داخل عدة ولايات امريكية، وكان برنامج العرضين يحتوي على جزء تثقيفي حيث كنا نعرّف بثقافتنا العربية ودعوتها للسلام الدائم وتدعم ذلك بالعروض الموسيقية، وقد سبق ان حضر احد هذين العرضين الملاكم العالمي محمد علي كلاي ورغم مرضه وتنقله على كرسي متحرك فانه أبى الا ان يحضر العرض لدعم ثقافة السلام وقد صفق لي طويلا وشكرني على العزف الذي قدمته. لماذا لم تقدم عروضا في بلدك تونس؟ أتمنى من كل قلبي ان أعزف في تونس، بل اصدقك القول بأن من أحلامي الاكيدة تقديم ولو عرض وحيد في بلدي تونس وانا الان بصدد البحث عن فرصة مناسبة للحضور وتقديم عرض موسيقي في تونس وخاصة ضمن فعاليات مهرجان المدينة الذي أتابع مقتطفات من عروضه على الأنترنات وقد سبق ان حضرت عدة عروض بالمدينة العتيقة وكذلك عرضا للأستاذ المرحوم علي السريطي بمرافقة المطربة ليلى حجيّج وكان ذلك بفضاء النجمة الزهراء. كيف ترى ظاهرة تهذيب التراث؟ أولا التراث هو ثروة وطنية لها حرمتها وأعتقد ان ظاهرة التهذيب وما يسمى كذلك بالتشذيب ظاهرة خطيرة ويكمن خطرها في إفقاد كل جمالية ونكهة وأصالة المعزوفات والاغاني ولكن هذا لا يمنع من ان اعادة توزيع الاغاني والالحان يساهم ولو بشكل جزئي ونسبي في ايصال التراث لشباب اليوم الذي غرّبته الآلات التقنية والفضائيات التي تشوّه الذائقة الفنية وتبلدها، وانا شخصيا لا افكر في تهذيب اي لحن بل اسعى للمحافظة عليه وعزفه بروحه التي خلق بها. لك ان تنهي هذا اللقاء العابر؟ انا غامرت وتغرّبت في الولاياتالمتحدةالامريكية ومع ذلك احس ان ثقافتي العربية والموسيقى الاصيلة تكبر يوما بعد يوم بداخلي ولذلك اسعى في كل عرض إلى تقديمها للآخر المختلف، وأتمنى ان اعتلي ركح المسرح البلدي او اي ركح اخر في اطار مهرجان المدينة مع المايسترو سيمون شاهين لتقديم عرض موسيقي احس من خلاله ان مغامرتي وغربتي لم تذهب أدراج الريح...