شهدت الجلسة العامة المخصصة لمواصلة النقاش حول مشروع القانون المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء، اليوم الخميس، توترا على مستويات عدة من بينها الخلاف حول منهجية العمل واستياء نواب الجبهة الشعبية وآفاق تونس لما آعتبروه "تهميشا" لرأي الأقلية صلب المجلس، بخصوص هذا القانون التأسيسي والجوهري في إرساء سلطة قضائية مستقلة. وفضل نواب الجبهة الحضور في بداية الجلسة لاكتمال النصاب قبل أن ينسحبوا بعد ذلك من جلسة قال إن "المشاركة فيها ستكون شكلية باعتبار أن كتل النهضة ونداء تونس والإتحاد الوطني الحر هي التي تمرر خياراتها وقراراتها بالإستناد إلى قوتها العددية صلب المجلس". أما نواب كتلة آفاق تونس فقد خرجوا أكثر من مرة أثناء سير الجلسة للتشاور وغادروا القاعة قبل نهايتها، باستثناء النائب رياض المؤخر الذي بين أن حضوره هو فقط لمتابعة النقاش لا للمشاركة فيه، معبرا عن استياء كتلته من المنهجية المعتمدة في مناقشة المشروع المعروض والذي اعتبره "تراجعا عن المشروع المقدم من طرف الحكومة". وقد دعا عدد من النواب إلى رفع الجلسة، إلى حين التوصل لاتفاق مع الكتل المنسحبة، من ذلك أن النائب عبد العزيز القطي (نداء تونس) لاحظ وجود "خلاف حقيقي وجوهري" بخصوص هذا المشروع بين الكتل النيابية من جهة وبين وزير العدل ولجنة التشريع العام، من جهة أخرى، مقترحا التوصل إلى أرضية توافق قبل العودة للمصادقة على بقية فصول المشروع. وصادقت الجلسة على الفصل 32 بعد تبني مقترح تعديل تقدمت به الوزارة يتمثل في تعويض أغلبية ثلاثة أرباع للمصادقة على النظام الداخلي لمجلس القضاء، بأغلبية الثلثين وعلى الفصل 33 بعد تعديل الأغلبية الضرورية حتى تكون الجلسات قانونية أيضا من ثلاثة أرباع إلى ثلثين. أما الفصل 34 فقد تم تقسيمه إلى فصلين، الأول ينص على أن "يتخذ المجلس قراراته باغلبية الحاضرين من الأعضاء، عدا الصور الواردة بالقانون وفي حالة التساوي يكون صوت الرئيس مرجحا". كما تقرر ترحيل بقية الفصل في صيغته المقترحة من قبل لجنة التشريع العام إلى فصل جديد ينص على ما يلي " تنسحب الأحكام المتعلقة بالدعوة إلى انعقاد المجلس والنصاب وأغلبية اتخاذ القرار الواردة بالفصلين 33 و34 على مختلف الهياكل المكونة للمجلس . وتصدر القرارات في مادة رفع الحصانة بالأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس القضائي". وتمت المصادقة أيضا على الفصول 35 و36 و37 و38 بعد إدخال تعديلات لم تكن محل خلافات جوهرية، ليتركز النقاش على الفصل 39 المتعلق بصلاحيات الجلسة العامة والذي تطور الخلاف حوله إلى جدال بين مختلف الكتل الحاضرة ووزير العدل محمد صالح بن عيسى، حول محتوى الفصل وكذلك منهجية النقاش. وذكر الوزير بأن تركيبة الجلسة العامة، وفق الدستور، يجب أن تكون مستخرجة من المجالس الثلاثة للمجلس الأعلى للقضاء، لا أن تكون جامعة لكل الهياكل، وهو رأي لم يحظ بالقبول من طرف العديد من النواب الذين اعتبروا الجلسة العامة هيكلا جامعا وله صلاحيات واسعة صلب المجلس. وقد تمت المصادقة على الفصل 39 معدلا بأغلبية 128 صوتا واحتفاظ 3 نواب بأصواتهم، دون تسجيل أي اعتراض. وينص هذا الفصل محل الجدل بعد تعديله على التالي: "تتولى الجلسة العامة إعداد النظام الداخلي للمجلس وضبط المنح المسندة للأعضاء في حدود الميزانية المصادق عليها من قبل مجلس نواب الشعب وتعيين أربعة أعضاء بالمحكمة الدستورية ومناقشة مشروع الميزانية والمصادقة عليه ومناقشة التقرير السنوي والمصادقة عليه كما ينص الفصل على "اقتراح الإصلاحات الضرورية لضمان حسن سير القضاء واحترام استقلاله وإبداء الراي بخصوص مشاريع ومقترحات القوانين التي تعرض عليها وجوبا والمتعلقة أساسا بتنظيم العدالة وإدارة القضاءواختصاصات المحاكم والإجراءات المتبعة لديها والأنظمة الخاصة بالقضاة والقوانين المنظمة للمهن ذات الصلة بالقضاء وإعداد مدونة أخلاقيات القاضي". وإثر ذلك صادق المجلس على الفصل 40 من مشروع القانون المعروض، بأغلبية 119 صوتا دون تسجيل أي احتفاظ أو اعتراض. وقد رفعت الجلسة في حدود الساعة الثانية بعد الزوال، على أن تستأنف مع الساعة الثالثة.(وات)