توصّلت لجنة التوافقات بالمجلس الوطني التأسيسي تحت إشراف رئيس المجلس مصطفى بن جعفر إلى الحسم في 22 فصلا من مشروع القانون الانتخابي والاستفتاء وفق صيغة توافقية بين مختلف الكتل النيابية وغير الممثلين، وذلك تمهيدا لتيسير مصادقة الجلسة العامة عليها في الساعات القادمة. وتراوحت الفصول المتوافق عليها من الفصل 39 الى الفصل 61، وهي فصول مدرجة ضمن فروع «شروط الترشح» و «تقديم الترشحات» و«اجراءات الطعن في قرارات الهيئة» و«الإعلان عن المترشحين المقبولين» من قسم الانتخابات الرئاسية، وفي الفرعين الأول والثاني المتصلين بالمبادئ المنظمة للحملة الانتخابية وتنظيم الدعاية أثناء الحملة من القسم المتعلّق بتنظيم الحملة الانتخابية ومراقبتها ضمن باب الفترة الانتخابية وفترة الاستفتاء. وفي هذا السياق، أكّد الحبيب خضر مقرّر الدستور ل«التونسية» حصول توافق في مجمل الفصول المعروضة على اللجنة إثر تغيير منهجية العمل من خلال الذهاب نحو مسح شامل لكل الفصول المتبقية من القانون و على التوالي، خاصة منها المسائل الجوهرية والتي مازالت تحظى بخلافات وتحفظات متعدّدة من مثيل التزكية. وأشار مقرّر الدستور إلى خروج ممثلي نواب الشعب صلب اللجنة باتفاق ضمني يقضي بإدراج تعديل على الفصل الخاص بالتزكية لرئاسة الجمهورية والنزول بعدد النواب الواجب على المترشح الحصول على دعمهم من 20 نائبا الى 10 نواب، والنزول بعدد رؤساء الجماعات المحلية المنتخبة من 50 إلى 40، والإبقاء على عدد الناخبين في حدود 10 آلاف وفق الشروط المنصوص عليها في مقترح القانون، مع التنصيص على أن يتم تقديم الترشحات لمنصب رئيس الجمهورية في المقر المركزي للهيئة العليا المستقلة للانتخابات سواء من قبل المترشح أو من ينوبه. ورغم التغير النوعي والشكلي المستمر بين الفينة والأخرى في منهجية عمل لجنة التوافقات البرلمانية وحرصها على تسريع المصادقة على القانون الانتخابي المتكوّن من 170 فصلا، والذهاب يوميا بالجلسة العامة نحو الحسم في 15 فصلا أملا في مصادقة النواب على المشروع برمته في غضون أسبوعين كأقصى تقدير، تتراءى داخل المؤسسة التشريعية بوادر اختلافات وانقسامات شديدة في وجهات النظر حول بعض الفصول، ليس فقط بين مختلف الكتل النيابية، إنما أيضا داخل الكتلة الواحدة، وهي من ضمن الأسباب التي عجّلت بإسقاط بعض الفصول الهامة من المشروع أبرزها الفصل 18 الخاص بموانع الترشح وصور الحرمان من المشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة، والذي رحّل إلى لجنة التوافقات لإعادة تعديله في الساعات المقبلة ومن ثمّة اعادة طرحه من جديد على التصويت على معنى الفصل 93 من النظام الداخلي للمجلس التأسيسي، وذلك بعد أن تحصل الفصل الذي ينص مضمونه على أن «الترشح لعضوية مجلس نواب الشعب حق لكل: ناخبة أو ناخب تونسي الجنسية منذ عشر سنوات على الأقل، بالغ من العمر ثلاثة وعشرين سنة كاملة على الأقل في تاريخ الترشح، غير مشمول بأيّة صورة من صور الحرمان الواردة بهذا القانون» على 47 صوتا مع و43 احتفاظا فيما رفضه 31 آخرون خلال الساعات الماضية وبالتالي أعتبر فصلا مرفوضا نظرا لعدم بلوغه النصاب القانوني والمقدّر ب109 أصوات للتمرير. وفي هذا الإطار، أكد آزاد بادي رئيس كتلة حركة وفاء ل«التونسية» أن إسقاط الفصل 18 قد جاء دون مبرر، خاصة أنّه لم يحتو على نقاط خلافية كثيرة إنما تمثل الإشكال في نقطة وحيدة وهي تحديد موانع الترشح للإنتخابات التشريعية بهذا القانون، حيث تم تقديم مقترح تعديل في الغرض لحذف عبارة «هذا القانون» بمعنى ألاّ يحصر تحديد موانع الترشح في القانون الإنتخابي إنما تفتح على قوانين أخرى، ملمحا في السياق ذاته إلى أنّ المسألة قد تحولت من تعديل شكلي إلى رهان سياسي لدى بعض النواب باعتبار أن البعض حسب قوله ظنوا أن هذا المقترح سيؤدي إلى تطبيق صور الحرمان التي سيقرها قانون تحصين الثورة اذا ما تمت المصادقة عليه، وهو ما أرغمهم على استباق ذلك عبر منع تمرير هذا التعديل، مبيّنا أنّ الهدف من هذا التعديل هو الحرص على أن يكون القانون الانتخابي منسجما مع بقية النصوص و ألاّ يكون منغلقا على نفسه بالاضافة إلى الانفتاح على بقية الموانع التي يمكن أن تنص عليها القوانين والتي يجب أن تكون منسجمة مع بعضها البعض على حدّ قوله.