وصل النقاش الذي دار أمس بالمجلس الوطني التأسيسي بين نواب لجنة السلطة التشريعية والتنفيذية والعلاقة بينهما والمتعلق برئاسة الجمهورية إلى أفق مسدود. إذ عبر عدد من النواب عن رفضهم لعملية التصويت التي تمت مؤخرا في غيابهم، على الفصل 45 المتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية، و تمسّكت النائبة سامية عبو بالطّعن في عمليّة التصويت، على اعتبار أنه لم تقع دعوة نواب اللجنة للجلسة بصفة رسمية. وبكثير من العسر أدار النائب عمر الشتوي رئيس هذه اللجنة الأشغال، فإضافة إلى التأخير والتوتر الذي ساد النقاش، فإن الاختلاف في وجهات النظر بين النواب في مسائل جوهرية أصبح شاسعا ويصعب معه التوافق.. وتتعلق المسائل الخلافية بمقترحات لنظام برلماني كما تريده كتلة النهضة مقابل مقترحات لنظام رئاسي معدل كما تريده بقية الكتل. و أمام إصرار كل طرف، على التمسك بالرأي وعدم قبول الرأي المخالف، استحال التقدم في النقاش، ورفعت الجلسة في مناسبة أولى لمنح الوقت الكافي لنواب كتلة حركة النهضة التي تقدمت برأي، ولنواب بقية الكتل الذين توافقوا نسبيا وتقدموا برأي آخر، حتى يتحاوروا بشأن مجموع النقاط الخلافية، من أجل تقديم مقترحات واضحة لا لبس فيها.. ولكن هذه المهلة التي دامت طويلا لم تؤدّ إلى أيّة نتيجة إذ تواصل الجدل ساخنا حول سلطة «رئيس الجمهورية»، واحتد النقاش بين نواب كتلة حركة النهضة وبقية الكتل وخاصة المؤتمر من أجل الجمهورية، مما يؤذن بحصول أزمة.. ولم يقتصر التوتر الذي ساد الجلسة على نواب اللجنة بل تجاوزه إلى مكتبها, إذ تبادل كل من النائب عمر الشتوي والنائب زياد العذاري التهم، ولام الشتوي العذاري على كثرة الغيابات وبرر العذاري ذلك بمحدودية كفاءة الشتوي في تسيير عمل اللجنة. ورفعت الجلسة التي دامت نحو أربع ساعات، لتستأنف صباح اليوم.. وينتظر أن تقع حوصلة الرأيين، أي رأي نواب كتلة حركة النهضة من ناحية ورأي نواب بقية الكتل في الفصول من 45 الى 49 واتمام النقاش والتصويت فصلا فصلا على بقية الفصول أي من الفصل 50 الذي شرع امس في نقاشه إلى الفصل 74.. طعن ففي ما يتعلق بالفصل 45 موضوع الطعن في التصويت عليه، يذكر أن المقترح المقدم من قبل حركة النهضة بشأنه ينص على ما يلي: «ينتخب رئيس الجمهورية من مجلس الشعب ولمدة خمسة اعوام قابلة للتجديد مرة واحدة الستين يوما الأخيرة من المدة الرئاسية انتخابا حرا سريا وبأغلبية ثلثي أعضاء المجلس وفي صورة عدم حصولها في الدورة الاولى تنظم دورة ثانية بعد اسبوع ولا يمكن أن يتقدم للدورة الثانية إلا المترشحان المحرزان على أكثر عدد من الاصوات في الدورة الاولى. وتحديد المدة الرئاسية بدورتين لا يقبل أي تعديل دستوري». أما الرأي الذي تقدمت به بقية الكتل فمفاده ما يلي: «ينتخب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب ولمدة خمسة اعوام خلال الستين يوما الأخيرة من المدة الرئاسية انتخابا عاما حرا سريا وبالأغلبية المطلقة للأصوات المصرح بها وفي صورة عدم حصولها في الدورة الاولى تنظم دورة ثانية يوم الاحد الموالي ليوم الاقتراع ولا يمكن ان يتقدم للدورة الثانية إلا المترشحان المحرزان على أكثر عدد من الاصوات في الدورة الاولى وذلك طبق الشروط المنصوص عليها بالقانون الانتخابي. وإذا تعذر اجراء الانتخاب في ميعاده بسبب حالة حرب أو خطر داهم فإن المدة الرئاسية تمدد بقانون يصادق عليه مجلس الشعب وذلك إلى ان يتسنى إجراء الانتخاب. وتحديد المدة الرئاسية بدورتين لا يقبل أي تعديل دستوري. وبين عدد من النواب أن المصادقة على هذا الفصل من قبل اللجنة تم على عجل وفي ظل غياب نواب جل الكتل وكان من المفروض ارجاء المصادقة إلى حين تنظيم جلسة يقع اعلام جميع النواب عنها.. وفسروا ان الغاية من هذه السرعة هي تمرير كتلة النهضة لمقترحها بشأن انتخاب رئيس الجمهورية.. ومن جهته بين النائب وليد البناني من حركة النهضة انه خلافا لما تداولته بعض وسائل الاعلام فإنه لم تقع المصادقة في الجلسة الماضية على اعتماد نظام برلماني من قبل اللجنة. صلاحيات الرئيس بقدر اصرارهم على عدم الرجوع لمناقشة هذا الفصل المتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية مرة أخرى بعد المصادقة عليه، وعدم اقتناعهم بالمبررات التي قدمتها نائبة المؤتمر من اجل الجمهورية سامية عبو للطعن في التصويت، ابدى نواب كتلة النهضة انفتاحا عند مناقشة صلاحيات رئيس الجمهورية.. وتجدر الاشارة في هذا الصدد إلى ان الرأي الذي تقدموا به في هذا الشأن وتحديدا في الفصل 50 ينص على ما يلي: «يتولى رئيس الجمهورية ختم القوانين بما في ذلك قوانين المصادقة على المعاهدات ويعرض وجوبا على الاستفتاء مشاريع قوانين المصادقة على المعاهدات الدولية التي تستوجب تعديل الدستور للمصادقة عليها ويرأس المجلس الأعلى للأمن والدفاع وهو القائد الأعلي للقوات المسلحة ويعين في الوظائف العسكرية العليا باقتراح من رئيس الحكومة ويعين في الوظائف الملحقة برئاسة الجمهورية ويشهر الحرب ويبرم السلم بعد موافقة مجلس الشعب بأغلبية الثلثين ويمارس العفو الخاص ويسمي رئيس الحكومة وأعضاءها في مناصبهم بعد حصولهم على الثقة من قبل مجلس الشعب ويعتمد باقتراح من الحكومة الممثلين الدبلوماسيين بالخارج ويقبل اعتماد ممثلي الدول الاجنبية لديه. اما الرأي الثاني الذي تقدم به نواب بقية الكتل فمفاده أن رئيس الجمهورية يختص بتمثيل الدولة والقيادة العليا للقوات المسلحة والامن الداخلي واعلان الحرب وابرام السلم بعد موافقة مجلس الشعب بأغلبية ثلاثة أخماس وارسال قوات الى الخارج بموافقة رئيسي مجلس الشعب والحكومة واعلان حالة الطوارئ وتوجيه السياسة الدفاعية والأمنية العليا بعد أخذ رأي اللجنة البرلمانية المختصة وتضبط قائمة الوظائف السامية بقانون وتعيين مفتي الديار التونسية واسناد الأوسمة. وينتظر أن يتواصل النقاش خلال الساعات الأولى من صباح اليوم حول جميع المسائل الخلافية المتعلقة برئيس الجمهورية وذلك قبل انعقاد الجلسة العامة للمجلس عند الظهيرة.. الصباح