حذّرت خبيرة أمنية من تكرار السيناريو الجزائري في تونس عبر نجاح المجموعات الإرهابية باختراق المؤسستين العسكرية والأمنية، مشيرة إلى أن عملية ثكنة بوشوشة قد تشكل نقلة نوعية في عمل هذه الجماعات، في ظل وجود بعض المؤشرات التي تفيد بأن منفذ الهجوم يعاني من اضطراب سلوكي وتطرف فكري. وقالت بدرة قعلول (رئيسة المركز الدولي للدراسات الأمنية والعسكرية) «حتى الآن لم تؤكد التحقيقات أن عملية بوشوشة إرهابية، لكن ثمة بعض الفرضيات والتساؤلات حول هذه العملية تفيد بوجود بصمة أو مؤشرات إرهابية لها، مع احتمال استقطاب منفذ العملية من قبل بعض الجماعات الإرهابية التي تعمل على استقطاب كل أفراد المجتمع بما فيهم الأمنيين والعسكريين، وهي تستقطب خاصة كل من له هشاشة نفسية واجتماعية وهذا الأمر يطبق على منفذ العملية». وأوضحت أن منفّذ العملية يعاني من مشاكل نفسية واجتماعية ولديه اضطراب سلوكي داخل المؤسسة العسكرية لأنه يرفض تطبيق التعليمات ولديه غيابات متكررة، وكل هذه الأمور ربما جعلته مهيأ للاستقطاب من قبل الجماعات المتطرفة، ربما لم تثبت الأبحاث حتى الآن أن له علاقة مع هذه المجموعات، لكنها أثبتت أن له تطرفا فكري واضطرابا سلوكيا، وهذا ما يجعل جميع الفرضيات محتملة». وأضافت «منفذ العملية جاء في الصباح ومعه سلاح أبيض ليطعن زميله ويأخذ سلاحه، ثم يستخدمه في قتل زملاءه خلال اجتماع تحية العلم الذي يضم عادة جميع عناصر الثكنة، وهذا يعني أن اختيار التوقيت وآلية التنفيذ توحي وكأنه تم التخطيط بشكل دقيق لهذه العملية». وكان الرقيب مهدي الجميعي فتح النار قبل أيام على زملائه في ثكنة بوشوشة القريبة من البرلمان، ما تسبب بمقتل وجرح حوالي عشرين شخصا (بمن فيهم الجميعي)، حيث أكدت وزارة الدفاع أن الحادثة «معزولة» مستبعدة وجود أية دوافع إرهابية وراءها. فيما أشارت مصادر إعلامية إلى أن قياديا في تنظيم «الدولة الإسلامية» الإرهابي يُدعى «أبو أنس التونسي» أشار في حسابه على تويتر قبل ساعات من الحادث إلى عملية إرهابية جديدة في تونس، كما أن التظيم المتطرف تبنى العملية عبر بيان نشره على حساب «أفريقيا للإعلام» التابع له، مرفقا بتسجيل صوتي قال إنه للدقائق الأولى بعد العملية. وعلقت قعلول على هذا الأمر بقولها «بالنسبة للتغريدة التي نشرها المدعو «أبو أنس» قبل ساعات من العملية، تم التثبت من صحتها وتاريخها عبر مجموعة من التقنيين، وهذا يحيلنا ربما إلى احتمال وجود مؤشر إرهابي على العملية، أما بخصوص الشريط الذي بثه التنظيم، فهو يعود لهجوم باردو ولا علاقة له بعملية بوشوشة، وعلى كل حال اختراق الاتصالات (خط التليكس) بين باردو ووزارة الداخلية سهل جدا، ولا بد من الإشارة إلى أن المجموعات الإرهابية تحاول استغلال جميع الحوادث (حتى لو كانت عرضية) لتسجيل أهداف لصالحها عبر نسبها لها». وأضافت «لكن ما يثير الشك حقيقة هو عملية التمشيط الكبيرة جدا التي قامت بها قوات الأمن على المنطقة يوم الحادثة وخاصة في الصباح، والتي ترافقت مع تعتيم إعلامي كبير وغلق المنطق كلها أمام الناس وإفراغ مدرسة قريبة، وبعض الإجراءات الأخرى». ويرى بعض المراقبين أن عملية بوشوشة تحمل في بعض جوانبها تحولا جديدا في استراتيجية المجموعات الإرهابية التي اعتادت في وقت سابق على استهداف الجيش والمراكز الأمنية على الحدود وانتقلت لاحقا إلى استهداف المدنيين (هجوم باردو خاصة) وربما تمكنت أيضا من اختراق المؤسسة الأمنية والعسكرية. وتقول قعلول «أود الإشارة مجددا إلى أن عملية استقطاب أفراد من المجتمع التونسي من قبل المجموعات الإرهابية سهلة جدا، والحديث عن اختراق المؤسسة العسكرية من قبل هذه المجموعات هو أمر وارد وليس مستحيلا، ويتم ذلك عبر استغلال هشاشة الوضعية العسكرية داخل هذه المؤسسة والاضطرابات النفسية والاجتماعية لبعض الجنود وغيرها». وأوضحت أن الفكرة تقوم دوما على أن من يحمي المواطن هو من يرتدي الزي العسكري والأمني أي الجندي والأمني وهو المستهدف عادة من قبل الإرهابيين، ولكن أن يتم استقطاب هذا الجندي من قبل المجموعات الإرهابية ليقوم لاحقا بقتل زملاءه، فهذا يعتبر تحولا نوعيا في استراتيجية هذه المجموعات، ويعود بنا إلى السيناريو الجزائري، حيث التحق عناصر من الأمن والجيش بالمجموعات الإرهابية واخترقوا مؤسساتهم لتعم الفوضى، وهذا يستدعي من السلطات التحرك بسرعة لتحصين المؤسستين الأمنية والعسكرية لأنهما السور المنيع لحماية المواطنين والبلاد من الإرهاب، فإذا أصبحنا اليوم أمام «عسكري إرهابي متطرف» فهذا خطير جدا».( القدس العربي)