اعتبر وزير العدل محمد صالح بن عيسى خلال افتتاحه للندوة الصحفية التي عقدتها هيئة الحقيقة والكرامة خلال إحيائها للذكرى الأولى لتركيزها أن هذه الندوة تم تنظيمها من أجل انقاذ العدالة الإنتقالية وأن عنوان الندوة " أي عدالة انتقالية نريدها؟" يدل على أن هناك حيرة وتساءل وقلق سياسي واجتماعي يدل على أن مسار العدالة الإنتقالية انخرط في اتجاه مصبوغ بخصوصية سياسية وتاريخية وثقافية واقتصادية. مشيرا أن كل تجارب البلدان التي مرت من الإستبداد الى الإنتقال الديمقراطي كان لها مسار وأنه بعد مرور أربع سنوات على الثورة كثر الحديث عن هيئة الحقيقة والكرامة فهناك من دعّمها وهناك من شكّك فيها وهنالك مواقف عديدة وكل موقف له منطلقات فكرية وسياسية وايديولوجية. ورأى الوزير أنه بغض النظر على نقائص واخلالات هيئة الحقيقة والكرامة فأمامها الآن تحدّيات تتمثل في اثباتها استقلاليتها في تعاطيها مع الملفات بكل موضوعية وبكل تجرد وهو رهان كبير ويستوجب مواقف جريئة لكي تبعث برسائل واضحة للجميع. وقال أن الهيئة ستعترضها صعوبات خاصة أن بعض الأطراف رأت أن تركيبتها سياسية ومدنية وفيها اخلالات لذلك يجب عليها أن تدحض كل الشبهات التي تهدف لجعلها آلية للتشفي والإنتقام وتصفية الحسابات وشدد على ضرورة أن توفّق الهيئة في الربط الوثيق بين العدالة الإنتقالية والعدالة العادية وذلك بالتفاعل بين العدالتين. وختم الوزير بالقول أن هنالك صعوبات مادية وبشرية تنتظر مسار العدالة الإنتقالية لأننا حسب رأيه عندما " نريد توفير دوائر مختصة في المحاكم الإبتدائية يجب أن نوفر العدد الكافي، فالقضاء اليوم يشكو من قلّة عدد القضاة بالمقارنة مع الكم الهائل من الملفات"، وقال الوزير أيضا أن للمجتمع المدني دور أساسي في نجاح أو فشل مسار العدالة الإنتقالية. وتطرقت رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين خلال مداخلتها الى المشاكل والصعوبات التي اعترضت الهيئة خلال تركيزها، ولاحظت أن السؤال المطروح " أي عدالة انتقالية نريد؟" موجه للحكومة ولرئاسة الجمهورية وللمشرّع وللسلطة القضائية وللأحزاب لأنها أطراف فاعلة حسب ذكرها فهيئة الحقيقة والكرامة لا يمكنها أن تنجز العدالة الإنتقالية بمفردها ولا يمكنها كشف حقيقة الإنتهاكات دون النفاذ الى الأرشيف والإستعانة بأعوان السلطة التنفيذية لتنفيذ مهامها. وتساءلت كيف لهيئة الحقيقة والكرامة القيام بمهامها وباب أرشيف البوليس السياسي موصد أمامها، واتهمت جهات إدارية برفض التعامل مع الهيئة. واعتبرت رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة أن العدالة الإنتقالية تمثل الجسر الوحيد للضفة الآمنة فلا انتقال ديمقراطي للجمهورية الثانية دون عمل مشترك بينها وبين بقية الأطراف. وكشفت أن الهيئة تلقت 13 ألف ملف وهذا يكشف حجم الثقة التي حظيت بها رغم عدم تلقّيها الإعتمادات المالية اللازمة. ودعت بن سدرين الجميع الى العمل معا لتبقى تونس منارة مشعّة في العالم ولإعادة الحقوق لأصحابها ومساءلة المذنبين. مؤكدة أنه رغم الصعوبات فإن هيئة الحقيقة والكرامة لن تتدخر جهدا للقيام بمهمتها التاريخية على أكمل وجه.