حذر أستاذا القانون الدستوري قيس سعيد وجوهر بن مبارك ورئيس منظمة «عتيد» معز البوراوي، من «مساوئ» نظام الاقتراع الذي نص عليه مشروع القانون الأساسي للانتخابات البلدية. وينص الفصل 85 من مشروع القانون الذي أعدته الحكومة ويحتوي على 124 فصلا على أن « التصويت لاختيار اعضاء المجالس البلدية والجهوية على القائمات يجري في دورة واحدة. ويتم توزيع المقاعد على أساس اسناد نصف المقاعد زائد مقعد للقائمة التي تحصلت على أكبر عدد من الاصوات. وفي صورة التساوي يتم اختيار القائمة التي يترأسها الاصغر سنا. ويتم توزيع باقي المقاعد حسب التمثيل النسي من الاخذ بأكبر البقايا. ولا تعتبر في عملية توزيع المقاعد القائمات المتحصلة على اقل من 5 بالمائة من الاصوات المصرح بها في الدائرة». وقال أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد في تصريح ل(وات)، «إن طريقة الاقتراع المقترحة في مشروع القانون هي نفسها التي كان يتم اعتمادها عند تعديل المجلة الانتخابية السابقة في ماي 1990 «. وأوضح أنه تم التنصيص حينها على أن القائمة التي تتحصل على أغلبية الأصوات المصرح بها تفوز بنصف المقاعد المتنافس عليها، في حين يتم توزيع النصف الثاني باعتماد التمثيل النسبي وطريقة اكبر البقايا. واعتبر أن المجالس المحلية المنتخبة ستكون امتدادا للمركز، وسيشعر النواب المنتخبون بالنظام المقترح أنهم مدينون لانتخابهم لا للناخبين الذين انتخبوهم بل للهيئات المركزية للاحزاب التي رشحتهم لخوض الانتخابات البلدية قائلا «لا يشعر المنتخب بأية مسؤولية الا أمام من كان وراء ترشيحه». وأكد على ضرورة أن يقع الاختيار على طريقة «الاقتراع على الافراد» والا فان الوضع سيبقى على حاله، وستنقل الصراعات داخل المركز الى المستويين المحلي والجهوي، حسب تعبيره. وأضاف سعيد، أنه تم بعد الثورة اغلاق المجالس المحلية وتعويضها بنيابات خصوصية، لانها كانت تابعة للمركز بالرغم من أنها كانت في النص القانوني جماعات محلية تتمتع بالاستقلالية المالية والادارية. ولاحظ أن من وضع المشروع «لم يكلف نفسه عناء النظر في الأسباب الحقيقية التي أدت الي فشل الحكم المحلي في تونس، وانما أعاد نفس الاختيارات بنصوص تحمل تاريخا جديدا ولكنها بفكر قديم»، حسب قوله. أما رئيس شبكة «دستورنا» جوهر بن مبارك، فقد اعتبر أن نظام الاقتراع الوارد في مشروع القانون «غير عادل ويكرس الهيمنة». وأفاد بأنه حسب الفصول 85 و85 و87 و88 لا تكتفي القائمة المتحصلة على أكبر عدد من الأصوات بالفوز آليا بنصف المقاعد زائد واحد مهما كانت نسبة أصواتها، بل تدخل أيضا في قسمة بقية المقاعد التي توزع بالنسبية على أساس أكبر البقايا. وأكد أن هذا النظام هو «أسوأ» من نظام الاقتراع الذي استعمل في تونس قبل الثورة، باعتبار أن القانون الانتخابي الاسبق كان يضع سقف 80 بالمائة لحجم المقاعد التي يمكن الفوز بها من طرف الحزب الاول، في حين لا يضبط المشروع الحالي هذا السقف بما قد يسمح لحزب واحد بالفوز ب 100 بالمائة من المقاعد خاصة في الدوائر الصغرى. وأشار بن مبارك الى حصول «خطأ فادح» في صياغة الفصل 86 الذي نص بخصوص باقي المقاعد «ان يتم توزيعها على أساس أكبر البقايا في مستوى الدائرة الانتخابية»، معتبرا ان الأصح هو أن ينص على «ان يتم توزيعها على القائمات الأخرى أو المتبقية على أساس أكبر البقايا في مستوى الدائرة الانتخابية»، لأن استثناء القائمة الأولى لا يتم الا اذا صرح النص بذلك. من جهته، صرح رئيس منظمة «عتيد» معز بواروي، بأن نظام الاقتراع تم اختياره «بقرار سياسي»، وفق تقديره، «قصد وضع اليد على السلطة المحلية، وتكريس هيمنة حركتي نداء تونس والنهضة على المستويين المركزي والمحلي»، حسب قوله. ولاحظ أن نظام الاقتراع المقترح «غير منصف وغير عادل بين الأطراف المترشحة»، مستبعدا «أن تعبر نتائج الانتخابات المحلية عبر هذا النظام عن ارادة الشعب»، وفق تقديره. ودعا الى البحث عن أنظمة اقتراع أخرى علي غرار «الاقتراع على الأفراد» أو اجراء الانتخابات علي دورتين أو اعتماد أنظمة اقتراع مختلفة حسب الكثافة السكانية للبلديات، لافتا الى أن الاستقرار السياسي لا يكون بالضرورة عبر نظام الاقتراع المقترح في نص مشروع القانون. وأفاد بوراوي بأن المنظمة تقوم حاليا باعداد مشروع قانون موازي للانتخابات البلدية، ستعمل علي احالته على مجلس نواب الشعب لمناقشته مع المشروع الحكومي. يشار الى أن لجنة فنية مكونة من ممثلين عن رئاسة الحكومة ووزارات الداخلية والعدل والتنمية والاستثمار والتعاون الدولي، قد أعدت مشروعي قانونين حول «الانتخابات البلدية» و»الجماعات المحلية». وتم الانطلاق في تنظيم استشارة وطنية موسعة حول مشروعي القانونين بمشاركة أحزاب سياسية ومنظمات ومكونات من المجتمع المدني، قبل المصادقة عليه من قبل مجلس الوزراء واحالته على مجلس نواب الشعب.