أكد خبراء في المجالين الامني والعسكري في تقييمهم لقرارات مجلس الأمن القومي التي أعلن عنها أمس الاربعاْء رئيس الحكومة الحبيب الصيد علي أهمية هذه القرارات مشيرين في تصريحات لوكالة تونس افريقيا للأنباء الي أنه كان بالامكان اتخاذ قرارات أخرى "أكثر جرأة وواقعية". فقد تساءل الخبير في الشان العسكري مختار بن نصر عن الجدوى من اقرار تفعيل قانون مكافحة الارهاب ومنع غسل الاموال قائلا "هل يعني ذلك أنه لم يتم تفعيل القانون الذي تمت المصادقة عليه منذ أشهر". واعتبر أن "العناية بالشباب وبالمناطق الداخلية كان من المفروض أن تكون الشغل الشاغل للدولة وغير مرتبطة باجراءات استثنائية يتم اتخاذها بصورة ظرفية". وأضاف أن البرنامج الذي تم اتخاذه بخصوص تشغيل الشباب في المناطق المتاخمة للجبال هو برنامج طويل المدي ويبقي تنفيذه رهين اجراءات ادارية معقدة ومرتبط بالميزانيات وبالقوانين. ولفت الى وجود» أزمة فاعلية سياسية بالتوازي مع العجز الاقتصادي "مؤكدا «ضرورة اتخاذ قرارات استثنائية حتي وان كانت مؤلمة". وبخصوص الانتدابات في قطاعي الأمن والدفاع نوه بن نصر بهذا القرار مشيرا الي ان الانتدابات الجديدة ستساعد المؤسسات الامنية والعسكرية علي تقوية نفوذها وتعزيز قدراتها. أما في ما يتعلق بالتعامل مع التونسيين العائدين من بؤر التوتر فاقترح الخبير تكثيف التعاون الدولي في المجال الاستعلاماتي وذلك لتحديد هويات هؤلاء التونسيين وأماكن تواجدهم . وشدد علي ضرورة "وضع اجراءات وسن قوانين هدفها حماية البلاد من المخاطر المنجرة عن عودة المقاتلين الي تونس" وفق تعبيره داعيا الي "ضرورة وضع استراتيجية جديدة ومحكمة في نقاط العبور خلال فترة الغلق الممتدة علي 15 يوما «. من جهته يري الخبير الامني فيصل الشريف أن الاجراءات المعلن عنها هي خطوات مهمة معربا عن أمله في أن يتم استتباعها بخطوات أخري أكثر جرأة وواقعية". وأكد علي ضرورة وضع الدولة لاستراتيجية دعاية مضادة تهدف الي حماية الشباب من التأثر بالفكر الارهابي وذلك عبر شبكات التواصل الاجتماعي والتوعية من خلال البرامج التعليمية والخطاب الديني المعتدل. وأبرز أن حجب مواقع الانترنات التي يستخدمها الارهابيون للدعاية لا تكفي لوحدها لمعالجة ظاهرة استقطاب الشباب. كما شدد علي ضرورة اتخاذ اجراءات صارمة بخصوص الجمعيات التي يشتبه في تمويلها للمجموعات الارهابية قائلا "لم نري برنامجا واضحا لتجفيف منابع الارهاب المادية والدعائية». ودعا الي ضرروة وقف تناثر السكان وتجميعهم في مناطق سكانية وتشريكهم في استراتيجية وطنية لحماية الامن القومي ومكافحة لارهاب واحداث مناطق للتبادل الحر لايقاف التهريب نهائيا وجهاز خاص بحراسة الغابات. وفي ما يتعلق بقرار غلق الحدود مع ليبيا لمدة 15 يوما اعتبر الخبير أن القرار هو ظرفي وعلي الدولة أن يكون لها وجود خارج الحدود سيما في ما يخص جمع المعلومات حول التونسيين المقاتلين في بؤر التوتر . واقترح تجميع العائدين في مراكز واستيقاء المعلومات منهم قبل احالتهم علي القضاء الي جانب احداث وكالة للامن القومي وتخصيص لجان تفكير دائمة تعمل علي تجميع المعلومات واعداد الدراسات لتحليل الواقع وتقديم الحلول العملية لضبط اليات التدخل الامني والعسكري واتخاذ الاجراءات الضرورية في مجال مكافحة الارهاب. أما الخبير الامني علي الزرمديني فقد أكد علي ضرورة أن تكون قرارات مجلس الأمن القومي على مستوى عال ورفيع خاصة وأن هذا المجلس يعد أعلي سلطة أمنية يرأسه القائد الأعلي للقوات المسلحة ويضم أعلي قيادات الامن والجيش. وقال « كنا ننتظر علي الأقل ابراز خطوط عريضة لاستراتيجية عميقة للتصدي للارهاب وللتمشي في اطار ما أعلن عنه عن حرب شاملة ضد الارهاب علي غرار الاعلان عن احداث خلايا أزمة بالوزارات التي تضم قطاعات استراتيجية وحيوية تهدف الي وضع خطط لحماية هذه القطاعات الراجعة لها بالنظر.» كما أشار الي أهمية الدفع المعنوي للقوات المسلحة من أجل ابراز قوة وصمود الدولة وخلق اليات لحماية كل المواطنين سواء في المدن أو الارياف أو المناطق الجبلية وبالنسبة لقرار غلق الحدود مع ليبيا قال الزرمديني» الغلق الظرفي لا يكفي ويجب توفير اقامات محددة زمنيا لليبيين المتواجدين في تونس «. كما دعا الي «سن قوانين استثنائية للتعامل مع العائدين من بؤر التوتر مثل تجريدهم من الجنسية التونسية واحالتهم علي القضاء خاصة وان تونس لا تملك الاليات الكفيلة لتشديد الرقابة الادارية» حسب تعبيره يذكر أن مجلس الأمن القومي أقر أمس الاربعاء جملة من الاجراءات في اطار الحرب علي الارهاب وهي اقرار 6 آلاف انتداب جديد في صفوف الأمن والجيش الوطنيين واتخاذ اجراءات عاجلة في حق العائدين من بؤر التوتّر وغلق الحدود البرية مع ليبيا لمدة 15 يوما. كما أقر تشديد المراقبة على الحدود البحرية والمطارات وتكثيف عمليات حجب المواقع التي لها صلة بالارهاب وتفعيل الخطة الوطنية الشاملة لمقاومة الارهاب والتطرف وتفعيل الصندوق الوطني لمقاومة الارهاب لدعم امكانيات الأمن وتفعيل قانون الإرهاب وتقرر كذلك تكليف وزير الداخلية ومن ورائه ولاة الجمهورية بالمراقبة الإدارية لكل من تعلقت بهم شبهة الإرهاب وتحيين وضعية المقيمين الأجانب الي جانب دعوة السلطات القضائية للإسراع في البت في قضايا المتهمين بالارهاب وإقرار برنامج خاص لتشغيل الشباب في المناطق الحدودية وخاصة في المناطق الجبلية التي يتحصن بها الإرهاب. كما تم الاعلان عن حالة الطوارئ لمدة ثلاثين يوما كامل تراب الجمهورية وحظر التجوّل بالنسبة لتونس الكبرى علاوة علي إقرار الحرب الشاملة ضدّ الإرهاب وتحمل الجميع مسؤوليته في خوض هذه الحرب