وزارة التعليم العالى تطلق مكتبة افتراضية مدعومة بالذكاء الاصطناعي    الديبلوماسية التونسية تحتفل بيومها الوطني : التاريخ .. المبادئ .. الأهداف    عاجل/ الجيش الاسرائيلي يعلن إنتشاره في جنوب سوريا    ترامب ينشر صورة له وهو يرتدي زي البابا ..    سوسة: القبض على شخص مصنف خطير وحجز مواد مخدرة    كارول سماحة تنعي زوجها بكلمات مؤثرة    استعدادا لعيد الإضحى المبارك وزارة الفلاحة توصي بتلقيح الحيوانات وتأمين أضاحي سليمة    دراسة جديدة: الشباب يفتقر للسعادة ويفضلون الاتصال بالواقع الافتراضي    البطولة العربية للرماية بالقوس والسهم - تونس تنهي مشاركتها في المركز الخامس برصيد 9 ميداليات    عاجل/ البحر يلفظ جثثا في صفاقس    شبهات فساد: قرار قضائي في حق وديع الجريء ومسؤولين آخرين.. #خبر_عاجل    هند صبري: ''أخيرا إنتهى شهر أفريل''    عاجل/ ضحايا المجاعة في ارتفاع: استشهاد طفلة جوعا في غزة    الحكومة الإيرانية: نخوض المفاوضات مع واشنطن لأننا لا نرغب في نزاع جديد بالمنطقة    المأساة متواصلة: ولادة طفلة "بلا دماغ" في غزة!!    سيدي بوزيد: انقطاع الكهرباء في هذه المناطق    وفاة وليد مصطفى زوج كارول سماحة    بطولة الكويت : الدولي التونسي طه ياسين الخنيسي هداف مع فريقه الكويت    جندوبة: استعدادات لانجاح الموسم السياحي    قبل عيد الأضحى: وزارة الفلاحة تحذّر من أمراض تهدد الأضاحي وتصدر هذه التوصيات    التلفزيون الجزائري يهاجم الإمارات ويتوعدها ب"ردّ الصاع صاعين"    الولايات المتحدة توافق على بيع صواريخ بقيمة 3.5 مليار دولار للسعودية    السلطات الجزائرية توقف بث قناة تلفزيونية لمدة عشرة أيام    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    افتتاح مهرجان ربيع الفنون الدّولي بالقيروان    سعيّد يُسدي تعليماته بإيجاد حلول عاجلة للمنشآت المُهمّشة    الهند تحظر واردات كافة السلع من باكستان    التوقعات الجوية لليوم السبت    جلسة عمل بين وزير الرياضة ورئيسي النادي البنزرتي والنادي الإفريقي    ملكة جمال تونس 2025 تشارك في مسابقة ملكة جمال العالم بالهند    مهرجان «كنوز بلادي» بالكريب في دورته 3 معارض ومحاضرات وحفلات فنية بحديقة «ميستي» الاثرية    نصف نهائي كأس تونس لكرة اليد .. قمة واعدة بين النجم والساقية    تفاصيل الاحكام السجنية الصادرة في قضية "التسفير"    الدوريات الأوروبية.. نتائج مباريات اليوم    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    تحسّن وضعية السدود    اللجنة العليا لتسريع انجاز المشاريع العمومية تأذن بالانطلاق الفوري في تأهيل الخط الحديدي بين تونس والقصرين    عاجل: بينهم علي العريض: أحكام سجنية بين 18 و36 سنة للمتهمين في قضية التسفير مع المراقبة الإدارية    القيروان: هلاك طفل ال 17 سنة في بحيرة جبلية!    الاتحاد الجهوي للفلاحة يقتحم عالم الصالونات والمعارض...تنظيم أول دورة للفلاحة والمياه والتكنولوجيات الحديثة    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير لتأمين صابة الحبوب لهذا الموسم - الرئيسة المديرة العامة لديوان الحبوب    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق..    جريمة قتل شاب بأكودة: الإطاحة بالقاتل ومشاركه وحجز كمية من الكوكايين و645 قرصا مخدرا    غرفة القصّابين: أسعار الأضاحي لهذه السنة ''خيالية''    منوبة: احتراق حافلة نقل حضري بالكامل دون تسجيل أضرار بشرية    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    البنك المركزي التونسي: معدل نسبة الفائدة في السوق النقدية يستقر في حدود 7،50 بالمائة في أفريل 2025    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زهير حمدي (أمين عام «التيار الشعبي») ل«التونسية»: اللوبيات خطر على الحياة السياسية بتونس
نشر في التونسية يوم 25 - 11 - 2015

التعدّدية النقابية حق دستوري ومنشور الحكومة مثير للريبة
مطلوب ميثاق دولي ضدّ الدول الراعية للإرهاب
السيادة ليست علما ولا نشيدا أو سفارات
حوار: أسماء وهاجر
بعد خمس سنوات من الثورة جرّب الشعب عديد الأحزاب ولم يجن منها سوى الخيبة و«الجبهة الشعبية» تطرح نفسها بديلا قادرا على إرساء منوال تنمية جديد يقطع مع الماضي ويكرس فعليا سيادة الشعب التي ليست علما ولا نشيدا أو سفارات... الجرأة والشجاعة مطلوبتان للتعاطي مع ملف الارهابيين العائدين من بؤر التوتر ولا بد من ميثاق دولي ضد الدول الراعية للارهاب... هدف الارهابيين من وراء ضرب سكان المناطق الحدودية إخلاء هذه المناطق للتمركز فيها... التعدّدية حق دستوري لكن قرار الحكومة الأخير يثير الريبة... أزمة «النداء» نتيجة طبيعية لتركيبته... «الجبهة الشعبية» مصرّة على عدم غلق ملف اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي مهما كان الثمن... لوبيات تتموقع بالبلاد وتهدّد الحياة السياسية... هذا بعض ما جاء على لسان زهير حمدي أمين عام «التيار الشعبي» أحد روافد «الجبهة الشعبية» في حوار «التونسية» معه:
تطرحون أنفسكم كبديل قادر على رفع المعاناة عن الطبقات الضعيفة... يقال أن هذا البديل لا يوجد إلا في خطاباتكم الحماسية؟
هدف أي حزب أن يصل الى السلطة لتنفيذ رؤيته ومشروعه وبرنامجه الذي وعد به ناخبيه. والشعب التونسي بعد خمس سنوات من الثورة جرب كثيرا من الاحزاب السياسية عبر محطتين انتخابيتين تبدوان مختلفتين في اطروحاتهما وبرامجهما وخياراتهما غير أن هذا الاختلاف لا يمس جوهر القضايا التي ثار بسببها الشعب التونسي وخاصة أوضاعه المعيشية والتنمية بشكل عام والتشغيل ومحاربة الفقر. ولا يهم الشعب نمط العيش فقط كما يحاول الترويج إلى ذلك البعض. فالتناقض الجوهري بين الاحزاب هو في الانتصار من عدمه للخيارات الاقتصادية والاجتماعية التي تجيب عن هذه القضايا التي نبحث عن حلول لها. و«الجبهة الشعبية» تمتلك رؤية متكاملة وبرنامجا ينبع من هذه الرؤية يجيب عن مجمل هذه الاستحقاقات فهي تعتبر أن حل هذه المشاكل يتطلب ارادة سياسية حقيقية مستقلة عن أية ضغوط داخلية أو خارجية أو أية حسابات خارج مصلحة الشعب وسيادة الشعب على مقدراته واستقلالية قراره الوطني .فالحلول موجودة وبناء تونس أخرى ممكن شريطة توفر هذه الارادة وتجسيم كل الخيارات التي ينبغي ان تنجز لمصلحة هذا الشعب. فنحن نحتاج اليوم الى من يمتلك هذه الارادة ويتخذ ما ينبغي اتخاذه من قرارات جريئة وحاسمة في مجمل الملفات الكبرى والقضايا الكبرى.تونس تحتاج اليوم الى مشاريع استراتيجية كبرى تستطيع ان تنهض بالاقتصاد وتستطيع ان تحقق التنمية وأن توفر الشغل وان تخفف من الفقر والاحتياج. فهل بإمكان من حكموا بالأمس أو الذين يحكمون اليوم ان يتخذوا قرارات واضحة في مجال مكافحة التهريب والاقتصاد الموازي بشكل عام الذي يهيمن على اكثر من نصف الناتج القومي الخام؟ هل لهم الارادة لاتخاذ قرارات جريئة في مجال مكافحة الفساد وهل هم مستعدون لإقرار نظام العدالة الجبائية الحقيقية ومكافحة التهرب الضريبي؟ هل لهم الاستعداد لإنجاز المشاريع الاقتصادية الكبرى التي تتطلبها أوضاع الدول في كل المحطات التاريخية الشبيهة بما نعيشه في تونس؟ اليوم تمثل قضايا الطاقات البديلة والنقل الحديدي أي ربط تونس بشبكة نقل حديدي عصريّة وتحلية المياه وتحقيق إصلاح زراعي حقيقي المداخل الجذرية لتغيير وجه الحياة في تونس .لكن من يحكم الآن ومن حكم بالأمس لن يقدروا على تنفيذها لأن ارتباطاتهم الداخلية أو المحلية أوالخارجية تحول دون أن تكون لهم ارادة مستقلة عمن أوصلوهم الى السلطة. وهذا هو جوهر الفرق الحقيقي بين «الجبهة الشعبية» والائتلاف الحاكم اليوم .فالأزمة أزمة منوال تنمية فمن يحكمون اليوم لم يقطعوا مع منوال التنمية الذي حكم تونس مدة 60 عاما وفشل وثار عليه التونسيون لكنهم متمسكون بأنه قدر التونسيين .
كأنك تلمح إلى مسّ بالسيادة الوطنية ؟
السيادة ليست علما وليست نشيدا وسفرات. ولكن جوهر السيادة الوطنية لأي شعب هو ان يشق طريقه بمسار تنمية مستقل دون تحكم ودون املاءات خارجية من منظمات عالمية كانت أو من دول. فالذين يحكمون اليوم مصرّون ولديهم قناعة بأنه لا خيار امام الشعب التونسي سوى الاعتماد على الاجنبي وان الاعتماد على الذات غير وارد في مفاهيمهم وسياستهم .
لكن رئيس الحكومة فنّد ذلك بمناسبة سؤاله عن قضية بنك لازار؟
ما كنت أشير إليه آنفا يتعلق بالخيارات الكبرى والالتزامات. أما مظاهر عدم استقلالية القرار وانتقاص السيادة الوطنية فهي متعددة والقرارات المتتالية تؤكد هذا التوجه من ذلك اسناد اعداد المخطط ولو في بعض العناصر منه إلى بنوك اجنبية وغيره من المحاولات التي لم تعد خافية ومن ذلك رهن أملاك عمومية وأنا أتحدث عن وثائق تسرّب وتكشف وهي وثائق وليست أقوالا .
طالبت بخطة وطنية واضحة للتعاطي مع الارهابيين العائدين من سوريا ... في اعتقادك كيف يمكن ترجمة ذلك؟
لا شك أن من أخطر الاوضاع التي تعيشها تونس وأخطر الملفات المطروحة امام السلطة هو ملف الارهابيين العائدين من ساحات الحروب .فلم يعد خافيا اليوم تدفق العشرات بل ربما المئات منهم على تونس وانتشارهم في مختلف القرى والمدن وهذا ما يفسر في اعتقادي الاعداد الكبيرة من العناصر الارهابية التي تقبض عليها اجهزة الامن في المدة الأخيرة .فالحكومة مطالبة بأن تضع خطة واضحة لكيفية التعاطي مع هؤلاء الارهابيين -وقد بدؤوا يعودوا- تكون متعددة الابعاد فيها الجانب الامني والجانب القضائي وكل الجوانب التي من شأنها ان تحد من تأثير ودور هؤلاء في ما يحصل في تونس. الجرأة والشجاعة مطلوبتان مع الارهابيين العائدين فالقانون واضح وخاصة القانون المتعلق بمكافحة الارهاب يجب ان يطبق لأنه وضع لهؤلاء ولم يوضع للمثقفين والصحافيين والفنانين . كما ان الحكومة مدعوة الى التنسيق الامني المباشر مع الأجهزة الأمنية السورية التي تمتلك بنك معلومات ضخما بأسماء الارهابيين وأصولهم وتاريخهم وحتى علاقاتهم وارتباطاتهم في تونس. وفي هذا الاطار لا بد من تفعيل الاتفاقية الدولية لمكافحة الارهاب فبمقتضاها تكون الدول التي نعتبرها ضالعة في الارهاب والتي لم يكن لها موقف واضح من الجماعات الارهابية في سوريا والعراق ملزمة بتبادل المعلومات حول الارهابيين وتسليم الارهابيين. والمجتمع الدولي اليوم مطالب باتخاذ قرارات ملموسة ضد الدول الراعية للإرهاب أو التي ترفض التعاون لمكافحته واعتقد أن تونس صاحبة مصلحة حقيقية في التوصل أو في اتخاذ قرارات مماثلة والعمل ربما على صياغة ميثاق دولي يكرس التزامات واضحة من الدول لمكافحة الارهاب ويرتب عقوبات على الدول الاعضاء التي تخرقه .
كيف تقيّمون تعامل الحكومة مع الجهات الحدودية المهددة بالارهاب ؟
رغم الجهد التي تقوم به الحكومة في هذا الاطار إلّا أنه لا يلبي الحاجات الحقيقية لسكان هذه المناطق لأن هدف الارهاب هو اخلاء المناطق الحدودية والمناطق الجبلية من سكانها لتخلو لهم وتحلّ محلهم الجماعات الارهابية وتصبح قاعدة للتقدم نحو المناطق الحضرية. وهذا ما شاهدناه في سوريا على مدى خمس سنوات فالقتال بين الجيش السوري والجماعات الارهابية يدور في الارياف فقط وليس في المدن والهدف هو افتكاك القرى والجبال والارياف وحرمان الجيش وقوات الامن من حاضنته الاجتماعية وسنده الشعبي. لذلك المطلوب من الدولة ضخ الاستثمارات المطلوبة لإقامة تنمية حقيقية في هذه المناطق وتوفير موارد الرزق للسكان وتعزيز الحضور الامني والعسكري رغم الكلفة الباهظة لهذه الاجراءات لكن اتخاذها من صميم الامن القومي لتونس.
وماذا عن تعاملها مع ضحايا الإرهاب ؟
رغم محاولات الحكومة احتضان ضحايا الارهاب وعائلاتهم فان هذه الحلول تبقى ظرفية لأن الاساسي والمهم التنمية بهذه الجهات وتوفير الحياة الكريمة للمواطنين حتى يكونوا ضمن منظومة مقاومة الإرهاب. فبلورة استراتيجية وطنية لمكافحة الارهاب يجب أن تأخذ كل الابعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والامنية والعسكرية .غير ان ما يقوم به بعض الاثرياء من عمليات استعراضية هنا وهناك مع بعض العائلات المنكوبة غير اخلاقي وفيه إهانة لهؤلاء الناس البسطاء. ونحن نوجه لهؤلاء الاثرياء مطلبا: ان كنتم فعلا حريصين على هؤلاء الناس وعلى تونس اذهبوا واستثمروا في هذه المناطق وخففوا معاناة هؤلاء السكان وليكن لديكم موقف واضح من بعض الجماعات خارج تونس التي تدعم الارهاب في تونس ؟كما ادعو بعض وسائل الاعلام إلى الكف عن المتاجرة بآلام الضحايا لانهم ليسوا مادة للفرجة وجلب الاشهار .
الوضع الاقتصادي في غاية التأزم ومع ذلك تؤازرون إضراب عمال القطاع الخاص بينما تونس في أشد الحاجة إلى إحياء قيمة العمل. ما تعليقك ؟
بدون شك لأن الوضع الامني والاقتصادي لا يتحمل أي تصعيد نقابي لما في ذلك من تأثير على ما تبقى من الاقتصاد الوطني ولكن أمام عدم استجابة اتحاد الصناعة والتجارة لكل المبادرات التي قدمها اتحاد الشغل بعد جولات المفاوضات لم يعد هناك خيار امام الاتحاد العام التونسي للشغل سوى الاضراب كأسلوب قانوني دستوري وكشكل يبقى الملاذ الوحيد لتحقيق مطالب منظوريه. فنسب الزيادة التي طالب بها الاتحاد هي نسب معقولة من اجل تجاوز تدهور المقدرة الشرائية للعمال ولا نراها تضرّ بالقدرة التنافسية للمؤسسة فالمطلوب اذن حماية الاقتصاد الوطني من هذه الهزات وتقاسم الاعباء والتكاليف بين طرفي الانتاج العمال والاعراف حتى لا يجوع الذئب ولا يشتكي الراعي وحتى لا يتحمل هذه الاعباء الطرف الاضعف في العلاقة الشغلية وهو الأجير. ونحن ندعو طرفي العلاقة الاجتماعية إلى اعطاء فرص اكثر للحوار والتفاوض من أجل غلق هذا الملف.
البعض كذلك يقرأ مواقفكم كنتيجة لخيار الجلوس على الربوة والبعد عن دائرة المسؤولية والحكم؟
أعتقد ان الذي لديه قناعات والذي لديه رؤية واضحة وإجابات حقيقية للقضايا المطروحة اليوم لن يغيرها بمجرد تغيير موقعه في المشهد السياسي فالدفاع عن البرامج والرؤى غير مرتبط بوجود حزب ما في السلطة أو في المعارضة. فلو كنا في الحكم لدافعنا عن كل الخيارات والسياسات والاجراءات الاقتصادية والامنية والاجتماعية والسياسية التي نطرحها اليوم على الشعب التونسي.
ما رأيك في إقرار التعددية النقابية هل هي دعم للحريات والطبقات الكادحة أم فتح الباب لصراعات جديدة بين اتحاد الشغل وبقية النقابات؟
من حيث المبدإ التعددية النقابية حق دستوري ولكن المنشور الصادر عن الحكومة بتمكين بقية النقابات الاخرى من الاقتطاع من أجور الاجراء يشير لبعض الريبة. أولا التوقيت الذي اتخذ فيه الاجراء والمقصود الأزمة العميقة بين منظمة الأعراف واتحاد الشغل ثانيا ان مجلة الشغل تعطي الافضلية في هذه المسائل للنقابات الأكثر تمثيلية ولا أعتقد أن هناك نقابة أخرى أقوى من اتحاد الشغل. ثالثا منظمة العمل الدولية تؤكد على ان التعاطي مع منظمة نقابية يتوقف على انجاز مؤتمراتها وأن تفرز قياداتها بصفة منتخبة وديمقراطية. وهذا مازال غير متوفر في المنظمات النقابية المعنية بهذا الاجراء. ومن مصلحة الحكومة ومن مصلحة تونس ومن مصلحة الجميع الحفاظ على منظمة اتحاد الشغل قوية لأن الاتحاد اثبت في كل المحطات التاريخية أنه خيمة للجميع وانه الحصن الحصين لتونس .
اليوم في تونس بات واضحا ان اللوبيات بدأت تتشكل وتتمكن من مفاصل الدولة والمجتمع فهي التي بدأت تصوغ المشهد السياسي والاعلامي وهذا خطر على تونس والديمقراطية ولنا ما حصل في روسيا في عهد يلتسين وفي ايطاليا دروس ينبغي ان نعتبر منها ونتصدّى لهذه اللوبيات التي بدأت تسيطر على مفاصل الدولة. فهذه المافيا التي هي بصدد التموقع لن نجد منها سوى محاولات محمومة لإفساد الحياة السياسية .وهم ليسوا رجال اعمال ولا صناعيين بقدر ما هم اشبه بأمراء الحرب.
هل صحيح أن هناك ازمة في العمل البرلماني بسبب الصراع الدّائر داخل «نداء تونس»؟
هناك ضعف في أداء مجلس الشعب باعتراف النواب أنفسهم لأسباب عديدة ربما الصراعات الداخلية للحزب الحاكم أثّرت بشكل كبير على عقد الجلسات العامة وأعتقد انه ليس للمجلس القدرة على اعداد مشاريع القوانين... هناك تخلف كبير وادارة المجلس مطالبة بأن تجد حلولا. هناك ازمة في العمل البرلماني وعليهم ان يجدوا الحلول الكفيلة لتجاوزها وعلى كل فمقارنة بالمجلس التأسيسي هناك اختلاف فالمجلس التأسيسي اخذ ثلاث سنوات لإعداد دستور ويبقى مجلس الشعب أحسن.
عديد التحاليل نفخت في أزمة «النداء» واعتبرتها كارثة باعتبار أنها ستعيدنا إلى تطبيق سياسة الحزب الواحد ما رأيك ؟
أزمة «نداء تونس» هي من حيث المبدإ قضية داخلية لكن باعتبار أنه عهدت له إدارة شؤون الدولة كحزب أغلبي فإن لمناخ الصراعات أثر على سير الحياة السياسية وعلى سير مؤسسات الدولة والمجلس وانجرار الاعلام في مواكبة هذه الأزمة والحال ان القضايا التي تشغل المواطن أكبر بكثير. ما يدور داخل «النداء» في تقديراتي مسألة منتظرة لأن الذي جمع المنتمين إلى هذا الحزب لم يكن فكرة أو رؤية أو برنامجا أو استراتيجيا أو أهدافا... الجميع اجتمعوا من اجل معارضة جماعات الاسلام السياسي ومن اجل الوصول إلى السلطة وحزب يبنى على هذا الأساس مرشح للزوال في أول أزمة حيث تفجرت هذه التناقضات فلكل مجموعة منه اجندة خاصة دون أن توجد اجندة حزبية واحدة تجمعهم. أمّا بالنسبة لمن يعتبرون أن في انقسام «النداء» خطرا على المستوى السياسي فأنا أؤكد لهم أن هذا الانقسام لن يغير من العمل البرلماني أو الحكومي شيئا فالجميع مناط بهم مهمة تصريف الاعمال يوم بيوم .
هناك مأخذ على مشروع الميزانية لسنة 2016 من حيث اعتبارها تكرار لسابقاتها؟
بشكل عام وبغضّ النظر عن بعض الاصلاحات المتعلقة فإن الميزانية تكرار للميزانية السابقة وللميزانية التي سبقتها من حيث الخيارات ومن حيث الصبغة التقشفية للنفقات ومن حيث الاعتماد على التداين الخارجي لأنها صيغت على أساس منوال تنمية ليبرالي أثبت فشله وعلى أساس خيارات اقتصادية واجتماعية ممتدة من الماضي الى المستقبل وستظل كل الميزانيات في المستقبل على هذا النمط ما لم تكن هناك قطيعة حقيقية مع منوال التنمية المهيمن منذ ستّين عاما .
الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية تطرح نفسها كبديل قادر على تحقيق العدالة الاجتماعية... ألّا يمكن أن يعتبر ذلك اقرار ضمنيا بفشل المعارضة الممثلة في البرلمان ؟
أتمنى لبقية أحزاب المعارضة أن تؤطر عملها في جبهة تساهم في اثراء الحياة السياسية وتقديم الحلول والتصوّرات للقضايا التي لم تعرف طريقها الى الحل. فوجود جبهة اخرى تتقاطع في بعض خياراتها مع أرضية «الجبهة» نقطة قوة لنا في «الجبهة الشعبية» وفي الحياة السياسية بالبلاد التي تحتاج الى تجميع القوى القريبة من بعضها وتجنب التشظي في الحياة الحزبية.
تتعالى أحيانا أصوات تحن إلى أيام الأمن في عهد النظام السابق... هل أن ذلك من علامات فشل الثورة؟
هذه الاصوات التي ترتفع من هنا وهناك ان كانت صادرة عن السياسيين فهي تعبّر عن وقاحة مفرطة وان كانت صادرة من العامة فيمكن أن تفهم نظرا لحالة الاحباط الشديد والانكسار الذي يعيشه المجتمع بكل مكوناته بعد ان حلم طويلا بمستقبل أفضل بعد الثورة. وفي جميع الاحوال فإن تونس بدون النظام السابق وبدون فساده اليوم أفضل بآلاف المرات وان كانت هناك دماء تسيل واخفاقات تسجل واحباط منتشر فإن لنا ثقة بأن شعبنا له القدرة على تجديد خلاياه وعلى تجاوز هذه المرحلة الصعبة من تاريخه ولندرك ان المراحل التاريخية الصعبة تصنع للشعوب ملاحمها ومستقبلها ومستقبل الاجيال القادمة .
تطالبون بدولة المؤسسات وتتدخلون في عمل القضاء في قضية اغتيال بلعيد والبراهمي ألّا يعدّ ذلك تناقضا؟
بالنسبة لملف اغتيال الشهيدين مازلنا نصر على ان هناك تراخيا وعدم جدية من طرف القضاء لكشف الحقيقة وهذا في اعتقادنا ناجم عن انعدام الارادة السياسية وسقوط الحقيقة ضحية تسويات سياسية بين الطرفين الرئيسيين في البلاد. فالتفاهمات الحاصلة بين الحزبين الحاكمين رغم بعض التناقضات كان ثمنها للأسف محاولة غلق ملف اغتيال الشهيدين والاغتيالات بشكل عام وهذا ما لن نقبل به مهما كان الثمن .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.