صدر تقرير دائرة المحاسبات صادما حيث كشف عن العديد من الإخلالات في التصرف وغياب للشفافية أكدها التقرير في أكثر من مناسبة ولا سيما تلك المتعلقة بإجراء تحويل لمبلغ 1.000 مليون دينار بعنوان التفويت في قسط من رأس مال اتصالات تونس لفائدة موارد ميزانية الدولة غير أن حساب سنة 2013 والوثائق المصاحبة له لا يتضمن مبالغ بما تبقى منها وهي اكثر من 873 مليارا وهو ما يتعارض حسب دائرة المحاسبات مع مقتضيات الشفافية ومبادئ الميزانية المنصوص عليها بالقانون الأساسي للميزانية. كما أكد التقرير أن الترخيص في إجراء تحويل بالمبلغ المذكور لا يتماشى مع أحكام الفصل 8 من القانون الأساسي للميزانية. من جهة أخرى كشف تقرير دائرة المحاسبات أن عدم الافصاح عن الحجم الجملي للموارد الجبائية ومبلغ فائض الأداء الذي يتمّ استرجاعه وحجم الامتيازات الجبائية والديوانية، هذا بالإضافة إلى عدم الافصاح عن حجم الموارد الجبائية المتحصلة خلال سنة 2013 من قبل الحسابات الخاصة في الخزينة خالية من الفوائض من التصرف السابق وذلك بغرض تحديد الموارد الجملية المحصلة وتحديد نسبة الضغط الجبائي بصفة أدق. كما شددت دائرة المحاسبات على عدم الحصول على المعطيات المتعلقة بحجم مستحقات الدولة بعنوان مرابيح المؤسسات والمنشآت العمومية والتي لم يتمّ تنزيلها بالميزانية حسب المؤسسات، إلى جانب التكتم على عدد الانتدابات التي تمت خلال سنة 2013 والتي كانت أيضا من بين أبرز النقاط التي كشف عنها التقرير حيث لم يتلق أي وثيقة حول العدد الجملي للانتدابات الفعلية المحققة من أجل مقارنتها بالانتدابات المرخص فيها بموجب قانون المالية. وفي ذات السياق بيّن التقرير غياب أية معطيات أو وثائق بخصوص عمليات القبض وعمليات الصرف المنجزة من قبل الصناديق الخاصة وذلك باستثناء المنح التي يتمّ سنويا رصدها بميزانية الدولة. والأخطر من كل هذا فقد أكدت دائرة المحاسبات أنها لم تتحصل على الوثائق المثبتة للأرصدة في موفى 2013 وهو ما حال دون التأكد من دقة الأرصدة المدرجة بالحساب العام للسنة الماليّة 2013. مشدّدا أن الدائرة لم تتحصل على جملة الموارد المحصّلة وجملة النفقات المنجزة خلال السنة المعنية ما من شأنه أن يحول دون تمكين السلطة التشريعية من مراقبة مدى التقيّد بما ورد ضمن قانون المالية. وتبعا للغموض الذي لف كل هذه المسائل طالبت دائرة المحاسبات بإضفاء المزيد من الشفافية على الحساب العام كي يستجيب إلى كل الشروط المنصوص عليها ضمن ميزانية الدولة وذلك بهدف إضفاء المزيد من الشفافية على تنفيذ الميزانية. الوزير يتبرأ وفي هذا الصدد أكد إلياس الفخفاخ وزير المالية السابق ل»الصباح» أن وزارة المالية قدمت كل التوضيحات وكل الوثائق اللازمة لدائرة المحاسبات من أجل إعداد تقريرها، مبينا أن وزارة المالية ممثلة في إدارات وأن الإدارات المعنية تعاملت بايجابية مع دائرة المحاسبات وقدمت لها كل الوثائق المطلوبة للقيام بالمهمة الملقاة على عاتقها، شارحا أن التقرير تضمن كل المعطيات المتحصل عليها من وزارة المالية والإدارات التابعة لها ولا يمكنه أن يقدم معطيات أكثر من التي تمّ تقديمها من الوزارة والتي أتى على ذكرها وتقديمها التقرير. مشدّدا في ذات الصدد أن التقرير ليس شخصيا ولا يمس شخص إلياس الفخفاخ بعينه بل هو يتناول جملة من المعطيات والوثائق تهم التصرف في ميزانية 2013 وتعني وزارة معنية وهي وزارة المالية. اخلالات خطيرة وبشأن الإخلالات المعلن عنها ضمن تقرير دائرة المحاسبات أكد وليد بن صالح كاتب عام هيئة الخبراء المحاسبين ل»الصباح» أن التقرير كشف عن اخلالات خطيرة تهم خاصة غياب الشفافية في العديد من المجالات على غرار الموارد الجبائية وكيفية الصرف فيها ، وأيضا الانتدابات التي تمت خلال 2013 ومن انتفع بها خاصة وأنها من أكثر السنوات التي حصلت فيها انتدابات وذلك حسب ما جاء ضمن قانون المالية حيث قدرت ب23 ألف انتداب وعدم توفير أي معطى حولها يكشف عن إمكانية وجود عمليات انتداب مشبوهة. وواصل بن صالح مشدّدا أن المصيبة الأكبر في عدم وجود أية معطيات حول تمويل وصرف الصناديق الخاصة على غرار صندوق الصناعة وصندوق التشغيل ...والتي تتضمن أكثر من 1300 مليون دينار وهذه «مصيبة» كبرى، وكانت هيئة الخبراء المحاسبين قد طالبت بالتدقيق في الأرصدة والتمويلات وأيضا التصرف في الصناديق الاجتماعية لكن دون مجيب. وأكد كاتب عام هيئة الخبراء المحاسبين وليد بن صالح أن ما كشف عنه تقرير دائرة المحاسبات من اخلالات هو من تبعات لحكم «الترويكا» إذ تمت التسميات حينها في المناصب الوزارية لاعتبارات سياسية وليس على أساس الكفاءة. وطالب محدّثنا رئيس الحكومة ووزير المالية سليم شاكر بتحمل المسؤولية كاملة والقيام بالتدقيق في ما تمّ رصده من اخلالات عبر إحالة الملفات التي تتضمن شبهات على التدقيق ومحاسبة كل من أخطأ عبر تمرير ملفه إلى القضاء لأخذ مجراه. كما طالب بتغيير طريقة إعداد الميزانية وتغيير النظام المحاسبي عبر اعتماد المعايير الدولية للمحاسبة العمومية، مبينا في هذا الصدد أن قانون المالية نص سنة 2013 على بعث مجلس للمعايير الدولية إلا أن هذا المجلس لم يفعل. حنان قيراط جريدة الصباح بتاريخ 18 فيفري 2016