في موقف أمدنا به الدكتور عبد الجليل التميمي تجاه سيمنار الذاكرة الوطنية التي انعقدت الأسبوع الفارط في مقر مركز التميمي للدراسات عن "الأمين باي وحول ملف إنجاز متحف الذاكرة الوطنية"، قال التميمي أن رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين اقترحت مؤخرا إنشاء متحف الذاكرة الوطنية على بقايا سجن 9 أفريل، فيما كان هو اقترحها على رئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي. وتوجه إليها التميمي عبر هذا الموقف الذي تنشره "الصباح نيوز" بالقول أن "الأمانة العلمية شيء مهم وأساسي". وفي التالي نص الموقف كما وصل ل"الصباح نيوز": " اعتبر سيمنار الذاكرة الوطنية الذي تم يوم السبت 2 أفريل 2016 وخصصناه لآخر البايات الحسينيين الأمين باي، اعتبر سيمنارا استثنائيا عندما امتلئت القاعة بحوالي مائتي مشارك، إذا قيس ذلك بعدد المشاركين في العهد الاستبدادي والذي لم يتجاوز المشاركون في بعض الأحيان العشرة، وهذا بسبب الحصار البوليسي المضروب على المؤسسة. أما اليوم، فإن الثورة قد منحت هذا المنبر العلمي كل الصلاحيات لفتحه لاستقبال الجميع، وهذا ما يؤكده سيمنار الأمين باي عندما حضر العديد من الشخصيات السياسية من الدرجة الأولى ثم قيادات حزبية مرموقة وعديد الشخصيات من المجتمع المدني. لقد كان الهدف الجوهري من عقد هذا السيمنار هو فتح ومعالجة بعض الملفات التاريخية الصعبة والدقيقة جدا والتي لم يجرؤ أحد على تناولها. ونعتقد أن مؤسستنا قد حققت انجازات مهمة ورائدة لتأطير الحقيقة التاريخية والتي نعدها فوق كل الاعتبارات. ولم يكن الهدف من تناول مثل هذه الملفات لتبييض أو لتعتيم على عدد من الشخصيات التاريخية الفاعلة، والتي غيبت منذ استقلال بلادنا السياسي. وبالرجوع إلى سيمنار الأمين باي، فقد تفضل الأستاذ المختار باي صاحب التآليف العديدة والمتخصص في تاريخ العائلة الحسينية، تقديم أضواء كاشفة حقا عن دور الأمين باي ومساهماته في مساقات الحركة الوطنية. وهذا خلافا للصورة السلبية التي قدمها النظام الحاكم عندما تم تشويهه تماما. وقد التزمنا بتأطير الحقيقة التاريخية في كتاباتنا المختلفة. إلا أننا مع عميق أسفنا الشديد وأثناء انطلاق الحوار، قام بعض المشاركين منددين بموقف الرئيس الحبيب بورقيبة وتحميله كل المسؤولية التاريخية بكلمات بذيئة وغير مقبولة أصلا ومدانة جملة وتفصيلا. وعلى ضوء ذلك فقد رددنا على هؤلاء الذين يتصيدون في الماء العكر، بأننا المنبر الوحيد في بلادنا من ناضل للدفاع عن الرأي المقابل، لكننا نرفض إن يوظف هذا المنبر لتصفية الحسابات التاريخية، وبهذا ما لا يمكن أن نقبله بل ندينه بشدة، ذلك أن مساعينا تركزت منذ ستة عشر سنة على مصالحة التونسيين مع بعضهم البعض وبصفة أخص مع تاريخهم وقياداتهم. وقد نظمنا لهذا الغرض عددا من اللقاءات حول هذه الجدلية الدقيقة جدّا. ووفقنا في إصدار 52 كتابا حول الذاكرة الوطنية، وهي تشكل اليوم مراجع جوهرية، لا يمكن لأي باحث أو مؤرخ الاستغناء عنها. وبالمناسبة أنتهز هاته الفرصة وأذكر أني أول ما ناديت بإنشاء متحف الذاكرة الوطنية على بقايا سجن 9 أفريل، وقد أبلغت ذلك إلى رئيس الحكومة التونسية يومئذ السيد حمادي الجبالي عندما دعاني لمقابلته وإحاطته علما كيف أني بعد 42 سنة من التحريات عثرت ولأول مرة على قبر المصلح الكبير خير الدين التونسي. وقد وجه تساؤلا حول الذاكرة الوطنية باعتباري المعني بالحفاظ عليها، وقد طلبت منه في الحال ضرورة تبني مشروع بناء متحف للذاكرة الوطنية على بقايا سجن 9 أفريل، وقد سر كثيرا بالفكرة والمشروع واعتبرها جديرة بالإنجاز، وقد كتبت هذا في مقالي يومئذ منوها بتلقائية اللقاء واستجابة رئيس الوزراء لاقتراحي. وعلى الرغم من متابعتي لهذا المشروع مع دوائر الدولة، إلا أن سي حمادي لم يموقع هذا المشروع لديه ولم يتم إنجاز ذلك. واليوم تنادي السيدة سهام بن سدرين أنها اقترحت إنشاء متحف الذاكرة الوطنية على بقايا سجن 9 أفريل، وأنا أتوجه إليها شخصيا بالقول أن الأمانة العلمية شيء مهم وأساسي بمنحي بعمل منذ 16 سنة للحفاظ على الذاكرة الوطنية ولدينا مشروعا متكاملا لإنشاء المتحف وكذا للمقبرة الوطنية الجماعية، وهذا المشروع الثاني الذي اقترحته على السيد حمادي الجبالي يومئذ مقترحا مكانها : من حدود قبر فرحات حشاد والصادقية والبلدية. كما أني اقترحت على السيد حمادي الجبالي جلب رفات العديد من الشخصيات التونسية، من تركيا والقاهرة وسوريا وآسيا. وقد تأكد لي أن السيمنار الذي خصصناه لآخر البايات أن الأمين باي ترجم عن أن التونسيين بدأوا يتفاعلون مع هاته الذاكرة ويسعون إلى الحفاظ عليها بسلبياتها وإيجابياتها. وتلك هي رسالتنا دفاعا عن ذاكرة التونسيين والتونسيات "