أطلقت المملكة العربية السعودية أمس الاثنين ما يمكن وصفه بأنه أضخم مشروع تنمية وتحول في تاريخها الحديث، ووافق مجلس الوزراء على المشروع الذي أطلق عليه اسم "رؤية السعودية 2030". وفي أعقاب الإعلان عنه، عقد ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مؤتمرا صحفيا أعلن فيه أهم ما ورد في المشروع الذي أشرف شخصيا على إعداده وإطلاقه. ويتمحور المشروع حول الاقتصاد، لكن من شأن تطبيقه أن يقود إلى سلسلة تغيرات في السعودية. إدمان النفط وقال الأمير محمد بن سلمان في مؤتمره إن المملكة تعيش "حالة إدمان نفطية" عطلت تنمية القطاعات الأخرى. وأشار في مؤتمر عقده الاثنين إلى أن "المملكة أدارها الملك عبد العزيز ورجاله دون نفط"، في إشارة إلى الملك عبد العزيز آل سعود مؤسس الدولة السعودية الحالية وجدّ الأمير محمد بن سلمان. كما تشمل الرؤية طرح جزء من الاكتتاب في الشركة العربية السعودية للنفط المعروفة باسم "أرامكو". وتعهد محمد بن سلمان بطرح جزء من أسهم الشركة للاكتتاب العام، مشيرا إلى أن الحصة التي ستُطرح من الشركة أقل من 5%، لكنه سيكون الاكتتاب الأكبر في «تاريخ الكرة الأرضية» بسبب ضخامة أرامكو، وسيحول "دخل المملكة من النفط إلى الاستثمار". ومن شأن هذه الخطوة أن تقود إلى مزيد من الشفافية في عمل أرامكو، إذ ستعلن الشركة عن بياناتها وتصبح تحت رقابة البنوك ومراكز التخطيط في العالم. وتعد أرامكو -المملوكة للحكومة السعودية- أضخم شركة بترول في العالم من حيث قيمتها السوقية، وقدّر الأمير قيمتها بأكثر من تريليوني دولار. وقال الأمير السعودي إن شركات تابعة لأرامكو ستطرح في السوق لاحقا، مما سيساهم في زيادة حجم السوق السعودي. وسيشرف صندوق الاستثمارات على طرح أسهم أرامكو للاكتتاب، لكنه لن يدير الشركة، بل سيتولى مجلس إدارة يمثل ملاك الشركة الإشراف عليها وإدارتها. استثمارات ضخمة وقال محمد بن سلمان في مؤتمره الصحفي "نستطيع أن نعيش بدون نفط عام 2030"، قائلا إن المشروع كان سيطرح بغض النظر عن أسعار النفط، في إشارة إلى عدم ارتباط الرؤية بالهبوط الحاد الحالي في أسعار المحروقات. وبدا الأمير شديد الحماسة لصندوق الاستثمارات العامة المتوقع أن يشغل رأس مال بقيمة تريليوني دولار، وقال إن الصندوق "سيسيطر على أكثر من 10% من القدرة الاستثمارية في الكرة الأرضية، وسيُقدر حجم ممتلكاته بأكثر من 3% من الأصول الموجودة في الكرة الأرضية". وذكر أن العام الماضي شهد إعادة هيكلة صندوق الاستثمارات، وأن "برنامجا كاملا للصندوق سيعلن قريبا يوضح إدارته للثروات"، متعهدا بأنه لن تكون هناك إدارة تستبد برأيها في الصندوق. كما تشمل الرؤية "تحويل أصول أراضي الدولة أيضا إلى صندوق الاستثمارات لتطوير وحل مشاكل المدن". وقال محمد بن سلمان إن جسر الملك سلمان المزمع إنشاؤه لربط المملكة بمصر سيكون «أكبر معبر بري في العالم»، وأنه «سيوفر فرصا ضخمة للاستثمار والبناء». وحسب الأمير، فإن» استثمار الموقع الجغرافي سيجعل البضائع تمر من خلال السعودية بمئات المليارات». وتشمل الرؤية السعودية أيضا توسعة كبيرة للحرم لزيادة قدرته الاستيعابية. البطاقة الخضراء كما وصف الأمير محمد بن سلمان الترفيه والثقافة بأنهما «رافدان مهمان لتحسين مستوى معيشة السعودي خلال فترة قصيرة». وتعهد بفتح المملكة للسياح من مختلف الجنسيات، كاشفا أن مشروع البطاقة الخضراء (غرين كارد) سيمكّن العرب والمسلمين من العيش طويلا في المملكة، وأنه سيكون بذلك رافدا من روافد الاستثمار. واستهجن ولي ولي العهد السعودي عدم وجود صناعات حربية في المملكة التي تعد ثالث أكبر مشتر للسلاح في العالم، كما قال إنها لم تستغل سوى 5% من ثروتها المعدنية، وإن ذلك تم بشكل غير صحيح. وأضاف أن المملكة «ستنشئ شركة قابضة للصناعات الحكومية، وستطرح في السوق نهاية 2017». وفي خطوة لافتة، قال الأمير محمد بن سلمان إن التعريفة الجديدة لأسعار الكهرباء والماء ستطبق على الأمراء والأثرياء، مشيرا إلى أن الأثرياء الذين سيعترضون على إعادة تعريفة الدعم «سيصطدمون بالشارع». وذكر أن «وزارة المياه فشلت في إعادة هيكلة دعم المياه»، وأنه «لا يجوز أن يذهب دعم الطاقة والمياه إلى الأثرياء»، مضيفا أن هذا الدعم سيكون «لأصحاب الدخل المتوسط وما دون المتوسط».