في وقت دعا المكتب التنفيذي لحركة النهضة في مجلس الشورى الذي انعقد نهاية الاسبوع الماضي إلى بلورة مضمون مبادرة رئيس الحركة مع مختلف شركائهم في البلد من أحزاب وهيئات دستورية ومنظمات وغيرها من أجل معالجة جراح الماضي وإعادة الحقوق إلى أصحابها، أبدت بعض الأطراف داخل الائتلاف الحكومي تحفظاتها بشأن هذه المبادرة بشكل عكس تباينا في المواقف بين الرباعي الحاكم. ورغم ان القيادي في حركة النهضة العجمي الوريمي أوضح أن مبادرة راشد الغنوشي تشمل في مستواها الأول جبر الضرر للذين شملهم مرسوم العفو التشريعي العام ثم المصالحة المالية والاقتصادية اضافة الى التسريع في مسار العدالة الانتقالية فان عديد الحساسيات اعتبرت ان المبادرة غامضة وضبابية ولا تتضمن جزئيات دقيقة بما يفتح المجال للتشكيك في جدواها ونجاعتها خاصة في ظل حديث البعض عن مئات الملياراتللتعويض لمضطهدي فترة الاستبداد. "تستغرق سنتين".. وفي سياق متصل صرح رئيس مجلس شورى الحركة فتحي العيادي أمس خلال استضافته ببرنامج "يوم سعيد" على موجات الإذاعة الوطنية إن مبادرة رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي حول المصالحة الوطنية تختلف عن مبادرة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي مشيرا الى أنه لم يكتمل الحوار حولها بعد وقد يستغرق إعدادها السنتين. وأضاف العيادي أن حركة النهضة مع المصالحة الوطنية الشاملة في اتجاه البحث عن حلول وعن آفاق جديدة وفق تعبيره، مشيرا إلى أن هذه المبادرة تتنزل في إطار حل قضايا تتعلق بالعفو العام ورجال الأعمال ومحاربة الفساد ومعالجة أوضاع الإدارة التونسية. تحفظات "ندائية" كتلة "نداء تونس" التي تدعم بشدة المصالحة الاقتصادية أبدت تحفظاتها من مبادرة مازالت مختلف جزئياتها غير واضحة وضبابية خصوصا فيما يتعلق بالتعويض لمضطهدي فترة الاستبداد، واعتبرت ان مبادرة المصالحة الشاملة التي طرحها راشد الغنوشي يأتي في مقدمتها جبر الضرر لهذه الفئة ورد الاعتبار لها بما قد يكلف الدولة ميزانية غير قادرة على توفيرها في ظل الوضع الدقيق والأزمة التي تعصف بالبلاد وهو ما يدفع الى عدم التسرع في مثل هذه الخطوة. وقال القيادي بوجمعة الرميلي ل"الصباح" أن "نداء تونس" لم تطرح عليه مبادرة راشد الغنوشي وليس له أبعادها وأشكالها ومحتواها ولم يناقشها لا من قريب ولا من بعيد،وهو ليس معنيا بها وكل ما يهمه هو دعم المصالحة الاقتصادية التي يحصل حولها شبه اجماع وطني .متابعا "من حق النهضة ان تطرح ما تريد في مبادرتها لكن المتمتعين بالعفو التشريعي العام حصلوا على حقوقهم ووزير المالية السابق حسين الديماسي استقال بسبب هذه المسألة حيث قال بصريح العبارة ان المبالغ تتجاوز قدرات الدولة.فكيف يتحدثون على عفو تشريعي عام جديد وتعويضات جديدة ؟..لاوجود لأحزاب في الائتلاف الحكومي تلتقي على عفو تشريعي عام جديد وتعويضات جديدة..انتهى الامر ولا مجال لفلوس جديدة "تبرك" الدولة". "آفاق تونس" يرفض المقايضة وفي وقت شدد القيادي بحزب "آفاق تونس" كريم الهلالي على ان المصالحة باتت تمثل أولوية لإنقاذ البلاد واستعادة الثقة بين مختلف الاطراف فانه أكد أن "آفاق تونس" يرفض المقايضة بما يعني عفو تشريعي عام مقابل المصالحة الاقتصادية في عملية غير مقبولة بجميع المقاييس على حد تعبيره. وأوضح الهلالي ل"الصباح" أن حزبه ضد مبادرة تتضارب مع مسار العدالة الانتقالية وتقدم كأنها مصالحة بين الدساترة والإسلاميين في وقت تحتاج فيه البلاد الى مصالحة بين كافة التونسيين بمختلف مرجعياتهم وتلويناتهم . مضيفا «لم نفهم معنى المصالحة الشاملة بل اننا لم نطلع على مبادرة في هذا الشأن لا في تنسيقية الائتلاف الحكومي ولا في أي إطار آخر،والمعروض علينا الآن مبادرة المصالحة الاقتصادية التي سيتم طرحها في الايام القليلة القادمة لمناقشتها بين الكتل داخل البرلمان." حزب "الوطني الحر" يبدو موقفه متناغما ومنسجما مع حزبي "نداء تونس" و"آفاق تونس" في رفض أي خطوة غير محسوبة مقابل دعم المصالحة الاقتصادية بشرط محاسبة من أخطأ في حق المجموعة الوطنية. محمد صالح الربعاوي جريدة الصباح بتاريخ 06 ماي 2016