يبدو ان شركة فسفاط قفصة تسير رويدا رويدا نحو الغلق النهائي، إذ تتواصل موجة الاعتصامات للمعطلين عن العمل التي أدت إلى توقف الإنتاج كليا في أغلب مواقع الإنتاج ما من شأنه أن يؤدي إلى غلق الشركة بعد أن أغلق سابقا مقرها الاجتماعي احتجاجا على عدم التوصل إلى حل جذري لموجة الإعتصامات. فبعد 6 سنوات من الثورة وتعطل النشاط لم تستعد شركة فسفاط قفصة نسق انتاجها العادي مما جعلها مهددة بالتوقف النهائي عن الانتاج والغلق كليا. وبهذا الصدد أكد المدير المركزي بشركة فسفاط قفصة شريف بلحسن ان الشركة مهددة بالاندثار إذا ما تواصلت الحال على ما هي عليه من توقف للانتاج في أغلب مواقع استخراج الفسفاط في الرديف وام العرايس والمظيلة. وبيّن شريف بلحسن انطاقة الإنتاج لم تتجاوز 40 بالمائة من حجم الإنتاج المبرمج للسنة الجارية 2016 والمقدر ب6.5 مليون طن. وأكّد بلحسن أن الشركة تضخ حاليا 260 مليون دينار كأجور لأعوانها ولأعوان الشركات التابعة لها، و500 مليون دينار بين الشركة والمجمع الكيمائي التونسي في ولايات قابس وصفاقس وقفصة. كما حذر من جهة أخرى من أن تواصل تعطل الإنتاج قد ينتهي بالشركة الى الإغلاق التام وبالتالي حرمان الجهة من أكبر مشغل وأبرز مساهم في التنمية وحرمان البلاد ككل من أكبر داعم للصادرات التونسية وأهم ممول لخزينة الدولة من العملة الصعبة. كما حذّر من تداعيات تراجع الانتاج على مكانة تونس في الاسواق الخارجية ودعى بلحسن إلى مزيد العمل والحد من الاعتصامات التي تضر بمستقبل الشركة والقطاع بشكل عام في الوقت الذي كان فيه منتظرا أن تعمل الشركة على استرجاع النسق العادي للإنتاج والارتقاء به الى حدود 8 مليون طنمن الفسفاط التجاري وتحقيق التوازنات المالية ومواصلة انجاز المشاريع. فقد أدى توقف العمل منذ الثورة إلى إنتاج 11 مليون طن فقط بين 2011 و2015 وهي الحصيلة الأسوأ على الإطلاق التي عرفتها شركة فسفاط قفصة، وحسب البعض وبالنظر إلى ما يحصل اليوم فإن هذه الحصيلة من المنتظر أن تتكرر خلال السنة الجارية خاصة وأن طاقة الإنتاج خلال الستة أشهر الأولى من السنة لم تتجاوز 40 بالمائة مما يعني أن كميات الفسفاط التجاري المعد للتسويق تبقى في حدود 1 مليون طن فقط خلال الستة أشهر الأولى من السنة الجارية وهو رقم قريب جدا من الرقم المسجل خلال السنة المنقضية 2015 والذي لم يتجاوز فيه حجم إنتاج الفسفاط 940 ألف طن وذلك بفعل تعطيل عمليات الاستخراج من المعتصمين. وفي الوقت الذي توقع فيه الجميع وخاصة المشرفين على الشركة استعادة الشركة لنسق إنتاجها العادي واسترجاع الأسواق التي خسرتها بلادنا تواصلت موجة الاعتصامات بل وباتت أكثر حدة لا سيما في الآونة الأخيرة بعد الإعلان عن نتائج مناظرة انتداب 347 من الإطارات العليا والمتوسطة بشركة فسفاط قفصة من المعطلين عن العمل إلا أن أغلب المنتدبين لم يكونوا من أبناء الجهة مما أدى إلى اندلاع احتجاجات بالمظيلة والمتلوي تم على إثرها غلق خط السكة الحديدية وتعطيل سير قطار محمل بالفسفاط. كل هذا دفع بالساهرين على الشركة إلى مراجعة تقديرات الإنتاج لسنة 2016 من 6.5 مليون طن إلى أقل من 3 مليون طن، ويعتبر إيجاد حلول جذرية من قبل الحكومة لأزمة شركة فسفاط قفصة ضرورة قصوى حتى تستعيد عافيتها ونشاطها المعهود وتسترجع الأسواق التي خسرتها. ويتطلب كل هذا تشخيصا دقيقا لواقع قطاع الفسفاط للخروج بتوصيات عملية واصلاحية تساعد على تجاوز الوضع الصعب الذي يعيشه نشاط انتاج وتحويل الفسفاط والأسمدة. ويستدعي نجاح عملية الإصلاح اعتماد مقاربة تشاركية حول عدة مسائل هامة أهمها ايجاد حل جذري لملف المعطلين عن العمل. حنان قيراط جريدة الصباح بتاريخ 12 جويلية 2016