قال الأمين العام المساعد والناطق باسم الاتحاد التونسي للشغل سامي الطاهري إن الاتحاد ليس معنياً بالمشاركة في حكومة الوحدة الوطنية، لكنه أشار إلى أن رئيس الحكومة المُقبلة يجب أن يكون شخصية سياسية ملّمة بالاقتصاد والمجتمع، كما وصف حكومة الحبيب الصيد بأنها "حكومات عدة في حكومة واحدة" مشيرة إلى أنها تفتقر للانسجام بين مكوناتها، كما نفى وجود علاقات متوترة مع بعض الأطراف السياسية، مشيراً إلى أن "كل من التزم بمصلحة البلاد والشغالين وعموم التونسيين، علاقتنا طيبة معه". وقال في حوار خاص مع "القدس العربي": "قلنا منذ البداية إننا لسنا معنيين بالمشاركة في الحكومة، لأن دورنا (اتحاد الشغل) تعديلي ويتمثل بخلق توازن في البلاد وبالتالي لا يمكن أن نكون الخصم والحكم في وقت واحد". كما نفى ترشيح الاتحاد لأية شخصية سياسية لرئاسة حكومة الوحدة الوطنية المقبلة، مضيفاً "هذه مبادرة خاصة برئيس الدولة، وليس من دورنا تقديم مقترحات إلا فيما يتعلق بالأولويات والبرنامج، وكنا قدمنا مقترحات حول هذا الأمر ووجدنا تفاعلاً إيجابياً معها، أما بالنسبة للأسماء فليست مهمتنا اقتراح أشخاص، ولكننا نطلب فقط التشاور معنا فيما يتعلق بالأسماء المقترحة". وحول مواصفات رئيس الحكومة القادم، قال الطاهري "المرحلة لا تحتاج إلى تقنيين بل تحتاج إلى كفاءات تفهم في السياسات العام والجوانب الاستراتيجية ولديها معرفة شمولية فيما يتعلق بالاقتصاد والسياسة بالوضع الاجتماعي والتوازنات المالية، بطبيعة الحال يجب أن يكون رئيس الحكومة المقبل رجلاً سياسياً، ولا يمكن أن يكون رئيس الحكومة في هذا الظرف بالذت تقنياً يطبق سياسات اقتصادية تقنية، لا بد له من فهم السياسات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها". وأكد أن تونس لا تحتاج اليوم إلى حكومة تكنوقراط كما هو الحال مع حكومة مهدي جمعة التي تم تشكيلها في نهاية عهد الترويكا "لأن الظروف تغيرت الآن، ولكن هذا لا يعني عدم وجود تقنيين داخل الحكومة المقبلة (لأن بعض الوزارات تتطلب ذلك) على أن لا يكون هذا الطابع العام للحكومة التي يجب أن تفهم في السياسات العامة والاستراتيجيات". ولخص الطاهري أولويات الحكومة المقبلة بخمس نقاط، تبدأ بقضية الإرهاب ك"أولوية مطلقة وعليها إجماع، ولا بد أيضاً من الحديث عن أولوية ثانية وهي إنقاذ الاقتصاد وهذا يتطلب جملة من الإجراءات، وثمة أولوية إنقاذ اجتماعي تتعلق بالتشغيل والتنمية وغيرها، ورابعة تتعلق بمقاومة الفساد وإرساء حوكمة رشيدة وإعلاء شأن الشفافية في التسيير الإداري والسياسي، وطبعاً لا بد من أولوية خامسة ترتبط بالمساءل المتعلقة بالقطاعات الاستراتيجية التي تحتاج لحلول عاجلة كالفلاحة والسياحة والنقل والطاقة، وهي قطاعات ولها دور كبير في النهوض بالاقتصاد التونسي، وثمة جزئيات كثيرة لهذه الأولويات الكبرى التي تحتاج إلى تنفيذ وليس مجرد تعهدات". وحول تقييم اتحاد الشغل لحكومة الحبيب الصيد الحالية، قال الطاهري "حكومة الصيد تشكّلت بطريقة غير منهجية وغير بيداغوجية (غير مدروسة) أفضت إلى حكومة محاصصة ورهينة للرباعي الذي شكل لها حكومة ظل وموازية ضمن ما يسمى بتنسيقية الرباعي الحاكم، وبالتالي يمكن القول إن هذه الحكومة فشلت، ولكنها لم تفشل باعتبارها حكومة الحبيب الصيد وإنما باعتبارها حكومة رباعي حاكم، لأن وزراءها ينتمون إلى أحزاب لها برامج وتصورات مختلفة، وأهم الأخطاء القاتلة لهذه الحكومة أنها كانت عبارة عن حكومات عدة في حكومة واحدة، يعني أن كل وزير يتفرّد برأيه، ولم يكن هناك انسجام وتناسق وعمل تضامني يمكّن هذه الحكومة من النجاح". وفيما يتعلق بتقييم الاتحاد لأداء الرئيس الباجي قائد السبسي، قال الطاهري "في نطاق صلاحياته المحدودة، يحتاج رئيس الجمهورية إلى المزيد من متابعة الملفات الخارجية والأمنية والدفاعية بشكل خاص، وفي بعض الأحيان نجد لديه نوعاً من الإفاضة على صلاحيات الآخرين، كما يحدث من خلال التضارب مع رئاسة الحكومة، وهي تجربة (نظام الحكم شبه البرلماني) تتضمن مشاكل كثيرة، حيث يحتاج كل طرف من الرئاسات الثلاث (الجمهورية والحكومة والبرلمان) إلى فهم صلاحياته والتصرف وفقها، وأعتقد أنه ما زال هناك تداخل ونوع من التضارب (بين هذه السلطات) والذي يؤدي أحياناً إلى تعطل الشأن السياسي". ويتحدث بعض المراقبين عن وجود «برود» أو علاقات متوترة بين الاتحاد وعدد من الأطراف السياسية الفاعلة في البلاد. إلا أن الطاهري يؤكد أن اتحاد الشغل «لا يستخدم مقياس حرارة للبرودة والحرارة في العلاقة مع الآخرين، لأن العلاقة أساساً مع الأطراف السياسية هي علاقة برامج وتصورات وملفات، فكل من يلتزم بمصلحة البلاد والشغّالين وعموم التونسيين ويتجاوب مع انتظارات التونسيين التي لخصتها شعارات الثورة (الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية) علاقتنا طيبة معه، فنحن لا نحدد هذه العلاقات بأمور مادية أو عابرة وإنما بقضايا استراتيجية وبملفات كما أسلفت، ولا يمكن أن يكون لدينا علاقة متطورة أو ضعيفة مع هذا الطرف أو ذاك إلا بصلة بالملفات المذكورة سابقاً".(القدس العربي)