ظاهرة الفساد وتفشيه بتونس لم يعد مخفيا عن العيان وقد كانت أشارت الى ذلك الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد على لسان رئيسها شوقي الطبيب الذي قال "بأننا في طريقنا الى الدولة المافيوزية" هذا بالإضافة الى الإقرار السياسي من السلطات الثلاثة وأيضا الأحزاب باستشراء الفساد في تونس. ونظرا لأهمية القضاء والدور الكبير الذي يلعبه في مكافحة الفساد أعلنت اليوم رئيسة جمعية القضاة التونسيين روضة القرافي خلال افتتاح ندوة صحفية عقدتها الجمعية من أن الجمعية قدمت أمس لمجلس نواب الشعب مقترح مشروع قانون أساسي يتعلق بالقطب القضائي الإقتصادي والمالي يختلف تماما عن المشروع المقدم من طرف الحكومة الذي يعتبر ضعيفا وفق تصريحها ومنقوصا من عديد الضمانات والآليات القانونية التي ترتقي بالقطب القضائي المالي والإقتصادي واختصاصاته مقارنة بمشروع الجمعية. واعتبرت روضة القرافي ان الدعوة الى محاربة الفساد يجب أن تكون من أولويات البرامج والخطط السياسية في المراحل القادمة وذلك بعدما كان موضوع الفساد مغيّبا ويقتصر على المطالبة بمكافحته من طرف بعض الأحزاب وبعض منظمات المجتمع المدني مشددة على أن محاربة الفساد لا يجب أن يكون شعارا فقط ترفعه السلطة السياسية أو ورقة ضغط تستعملها المعارضة ولكن يجب أن تكون محاربته بالوصول فيه الى نتائج ملموسة وهذا لا يتم الا اذا ما تحقق الدعم الضروري للقضاء في التصدي الى هذه الظاهرة فجلب الإستثمارات لا يحصل الا بتحسين مراتبنا الدولية في الشفافية ومحاربة الفساد وإن من أهم المؤشرات التي تقاس بها جدية هذه المحاربة هي عدد القضايا والتتبعات التي تثار ضد مرتكبي جرائم الفساد المالي. مضيفة أن المؤشرات التي تقاس بها جدية هذه المحاربة هي عدد القضايا والتتبعات التي تجري ضد مرتكبي تلك الجرائم وعدد الأحكام الرادعة لتلك الجرائم مشددة على ضرورة دعم امكانيات القضاء لتحقيق تلك النتائج وهي امكانيات لم تتحق الى حد الآن، فالقطب القضائي المالي مازال يفتقر الى الإطار التشريعي الذي ينظّمه ويضبط اختصاصه واجراءات تعهده وتركيبته والجرائم التي يختص بها بما يجعل امكانية تداخل صلاحيات قضاة القطب مع صلاحيات بقية قضاة التحقيق والنيابة امر وارد جدا. وانتقدت القرافي مشروع قانون الحكومة الذي سبق وأن قدمته الى مجلس نواب الشعب والمتعلق بتنظيم القطب القضائي والمالي واختصاصه معتبرة انه مشروع منقوص من عديد الضمانات والآليات القانونية التي ترتقي بهذا القطب الى مستوى النجاعة المطلوبة في الآداء المرتقب منه في مكافحة الفساد وكشفت بأن المشروع الذي تقدمت به أمس الجمعية الى مجلس نواب الشعب يشتمل على 36 فصلا ينظم اختصاصات القطب القضائي المالي وقد تبنى المشروع رؤية واسعة للقطب القضائي الإقتصادي والمالي وهو قانون يرتقي بالقطب المالي الى مستوى النجاعة المطلوبة في الآداء المرتقب منه في مكافحة الفساد... ونوهت رئيسة الجمعية في سياق آخر بموقف نقابة الصحفيين التونسيين فيما يتعلق بموقفها من صحيفة الثورة نيوز معتبرة أن ما تقوم به تلك الصحيفة ليس بحرية اعلام. وتطرقت القرافي الى الحديث عن الحركة القضائية 2016.2017 مشيرة أنه سيتم الإعلان عنها غدا أو يوم السبت معبرة عن تمسك الجمعية من أن الحركة يجب أن تعكس تصوّر رؤية الهيئة الوقتية للقضاء العدلي وتصورها العام الذي حددت من خلاله اختياراتها في انجازها وكيفية تحقيق اصلاحات قضائية من خلالها على أن يتم ابراز ذلك في النقل أو في الترقيات في علاقتها بالمعايير المعلن عنها وذلك لتسهيل دراسة وقراءة الحركة القضائية وتقييمها تقييما موضوعيا من الأطراف المعنية كما تتضمن المعطيات الإحصائية اللازمة لقراءة الحركة سواء بخصوص الإستجابة لمطالب النقل وعدم الإستجابة اليها وإسناد الترقيات والخطط القضائية وعدم اسنادها وتسديد الشغرات في الخطط العليا التي كانت شغورات كبيرة هذه السنة. وعن ظروف العمل بالمحاكم والوضع المادي للقضاة قالت القرافي إن ظروف عدم الإستقرار السياسي في البلاد وتعاقب الحكومات في مدة وجيزة وغياب الإرادة السياسية في تحقيق بعض الإصلاحات في المؤسسة القضائية حتى العاجلة منها وقد أثّر ذلك سلبا على امكانيات استمرارية أي عمل تقريبا مع كل الحكومات التي تعاقبت من بعد انتخابات أكتوبر 2011 فظروف العمل بالمحاكم العدلية والإدارية ودائرة المحاسبات ازدادت سوءا وتدهورا كما أن الوضع المادي للقضاة سجل بدوره تراجعا.