أحد نواب الشعب صنّع بنجا فاسدا وباعه للصيدلية المركزية تونس تشهد 7000 خطإ طبي سنويا و3000 جريمة في القطاع الصحّي سنصل قريبا مرحلة بيع الأعضاء البشرية على قارعة الطريق منذ أسابيع والقطاع الصحّي يعيش على وقع "فضائح" مدوّية بدأت بقضية اللوالب منتهية الصلوحية والتي تم استعمالها في غرف القسطرة وزرعت في قلوب مئات المرضى وبلغت قضية التخدير القاتل و"البنج الفاسد" الذي تسبّب في حالات شلل وإعاقة لعدد من المرضى، في انتظار ما ستسفر عليه تحقيقات النيابة العمومية التي فُتحت في الغرض من حقائق يُتوقّع أن تكون صادمة. قضية اللوالب منتهية الصلوحية و"البنج الفاسد" أثارت مخاوف وهواجس الرأي العام حول حقيقة ما يحدث في غرف العمليات لمرضى قدموا للتداوي وبحثا عن الشفاء فخرجوا إما جثثا هامدة أو مشلولين أو حاملين في قلوبهم للوالب فاسدة ومنتهية الصلوحية. لوالب فاسدة تورّط فيها مبدئيا 10 مصحات خاصّة و49 طبيبا في انتظار ما ستكشف عنه الأبحاث كما تورّط فيها-الى حدّ الآن- مستشفى عمومي هو مستشفى سهلول بسوسة، وقد اتخذت وزارة الصحة جملة من الإجراءات ضدّ المصحات والأطباء في انتظار قرارات من عمادة الأطباء، وبالنسبة لمستشفى سهلول فقد أكّد وزير الصحة أن رئيسة قسم أمراض القلب التي تقرر إعفاؤها وإحالتها على مجلس التأديب وسحب ترخيص مزاولة النشاط الخاص التكميلي في شأنها أنّها كانت على علم بأنّ اللوالب القلبية المستعملة في المستشفى منتهية الصلوحية ورغم ذلك أمرت باستعمالها وعدم رميها، وفق تعبير الوزير. ولم تهدأ بعد "عاصفة" اللوالب القلبية ،حتى طفت على سطح الأحداث قضية "البنج الفاسد" أو ما اعتبره البعض "التخدير القاتل" الذي أودى بحياة عدد من المرضى وأصاب آخرين بالشلل، قضية اتخذت بعدا جنائيا حسب رئيس المرصد التونسي للاستقلال القضاء أحمد الرحموني، واليوم تباشر النيابة العمومية التحقيق في هذه القضية. ورغم أن الغرفة النقابية للمصحّات الخاصّة هدّدت بإيقاف نشاط قاعات القسطرة بكامل تراب الجمهورية ،كما اعتبر الأطباء الاستشفائيون والجامعيون أن هناك حملة تشهير غير مسبوقة وممنهجة ضدّهم، إلا أن قضية اللوالب القلبية والتخدير القاتل ستكون لها تبعات كبيرة على المتاجرين بأرواح البشر لقاء الكسب المادي. الأستاذ صابر بن عمار المختص في القانون الصحي بباريس ورئيس الجمعية التونسية لمساعدة ضحايا الأخطاء الطبية والذي اهتم لسنوات طويلة بملفّات ضحايا الأخطاء الطبية، وفي تصريح خاصّ ل"الصباح" كشف حقائق جديدة ومدوّية عمّا وصفه ب"الإرهاب الصحيّ" الذي اجتاح القطاع على حدّ تعبيره. جرائم صحيّة رئيس الجمعية التونسية لمساعدة ضحايا الأخطاء الطبية صابر بن عمار قال " تجاوزنا اليوم مرحلة الأخطاء الطبية "التقليدية" والتي نحذّر منها منذ سنوات بعد تفاقم ضحاياه لتصل إلى 7000 حالة خطأ طبي سنويا، إلى مرحلة الجرائم الصحية المنظمة والخاضعة لمافيات وعصابات تتمعّش من من صحّة المريض وتسلب التونسي حياته أو تضعه على كرسي متحرّك دون أن يرفّ لها جفن، وهذا يعتبر إرهابا من نوع أخر، إرهابا صحيّا ينخر الدولة، اليوم بعد إرهاب "داعش" نقع تحت سطوة إرهاب صحّي لا يرحم.." ويضيف الأستاذ صابر بن عمّار "نحن في الجمعية أحصينا آلاف الحالات من ضحايا الأخطاء الطبية، بعضهم فقد حياته.. واليوم نحن نواجه جرائم صحية أخطر وأكثر إجراما وحسب التقديرات التي لدينا فإن هذه الجرائم تناهز ال3000 جريمة في حقّ مرضى أبرياء وضعهم القدر أمام شبكات إجرامية لا ترحم". وبالنسبة لموقفه من قضية اللوالب القلبية الفاسدة والمنتهية الصلوحية يؤكّد صابر عمّار أنه لم يتفاجأ بما حصل وأن ذلك كان متوقّعا وأن الجمعية حذّرت منذ سنوات من الصفقات المريبة والمشبوهة التي تسرّبت لقطاع الصحة وأخضعته لحكم من وصفهم ب"المافيا" والعصابات. ولكن في تأكيد صادم قال صابر بن عمّار أن عدد المرضى ليس 100 مريض كما زعم البعض بل أن اليوم هناك 1300 مريض يحملون في قلوبهم لوالب فاسدة ومنتهية الصلوحية، حسب ما توصّلنا إليه من معطيات". والى جانب اللوالب القلبية، هناك اليوم من يتحدّث عن أجهزة تنظيم دقّات القلب والتي هي أيضا منتهية الصلوحية، غير أنه الى اليوم لم يصدر أي موقف رسمي من وزارة الصحة لنفي أو تأكيد ذلك. "التخدير القاتل" منذ أكثر من سنة أكّدت وزارة الصحة أنها عمدت إلى سحب دواء تخدير معين من السوق وفتحت تحقيقا في الغرض لتحديد المسؤوليات بعد اشتباه في حالات وفيات. ولكن قضية "البنج الفاسد" عادت مجدّدا لتطفو بقوة على سطح الأحداث هذه الأيام ،حيث أكدت مديرة الصيدلة والدواء بوزارة الصحة إيناس فرادي أوّل أمس أن الوزارة اقتنت مخدرا من مخبر أجنبي ولكنها قامت بسحبه من المستشفيات عندما تمت مراسلتهم وإعلامهم بوجود خلل في تركيبته، موضحة أن هذه الحادثة وقعت ما بين سنتي 2014 و 2015. كما أكّد الأمين العام لحزب الاتحاد الشعبي الجمهوري لطفي المرايحي وجود مُخدر لمُصنّع تونس يتسبب في مخاطر عدة للمرضى تصل إلى حد الشلل الدائم والوفاة. قال لطفي المرايحي إن وزارة الصحة العمومية كانت تستورد هذا البنج، وبعد إجراء مناقصة تم الترخيص لمصنع تونسي بتصنيعه في بلادنا. وأضاف أنه ومنذ أن أصبح هذا المصنع التونسي يقوم بصنع البنج في تونس، ظهرت عدة مشاكل صحية على المرضى والتي وصلت إلى حد الموت والإصابة بالشلل الدائم. كما أكّد المرايحي أن هذا البنج تسبب في عدة حالات وفاة لعديد المرضى في مستشفيات عدة بمختلف جهات الجمهورية. وحسب ما توفّر من معطيات فإن عددا من الأطباء التخدير كانوا قد أطلقوا حملة فزع وتحذير ولكن الوزارة لم تكترث في البداية. الأستاذ صابر بن عمّار أكد أن هناك صفقات وتجارة فاسدة للأدوية المخدّرة وأن هناك مخابر بعينها قامت ببيع هذه الأدوية للصيدلية المركزية، وأن المورّط في هذه الصفقة وفي تصنيع "البنج الفاسد" هو نائب من نواب الشعب يملك مخابر طبية (خيّرنا عدم ذكر الاسم لمزيد التثبّت) ووقعت محاباته بإسناد تراخيص تصنيع دواء دون أن يكون قد أجرى اختبارات سريرية للدواء. ويضيف بن عمّار "منذ شهر مارس تقدمنا كجمعية بشكاية ضدّ هذا النائب وكذلك ضدّ وزير الصحة سعيد العايدي حلول الشكوك التي تحوم حول تصنيع بعض الأدوية ومنح التراخيص اللازمة، ولكن إلى اليوم لم يتم النظر في الشكاية". الاتجار بالأعضاء وفي ختام حديثه معنا أكّد الأستاذ صابر بن عمار أننا كدنا نصل اليوم بهذا الوضع الصحي الكارثي إلى مرحلة الأعضاء التي تباع على قارعة الطريق، مضيفا "منذ أشهر كشف تقرير دولي صادر عن الأممالمتحدة أن تونسيين أثرياء استفادوا من أعضاء بشرية تم الحصول عليها من السوق السوداء، ولتجنب أية متابعة قضائية يلجأ هؤلاء إلى تقديم الحصول على عضو بشري من السوق السوداء على أنه تم بموجب رغبة في التبرع من الشخص صاحب العضو". ويضيف بن عمار "يلجأ المتاجرون في الأعضاء البشرية إلى عالم الإنترنت من أجل إتمام الصفقات وهو ما يسمح لهم بتجنب الوقوع في قبضة السلطات الأمنية في وقت تصل عقوبة مثل هذه العمليات في القانون التونسي إلى السجن قد تصل الى عشرين سنة وغرامات مالية ثقيلة". منية العرفاوي جريدة الصباح بتاريخ 11 اوت 2016