أشرف رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر صباح اليوم الاثنين على افتتاح أشغال الندوة الإقليمية حول «دور المجالس النيابية في دعم الانسجام الاجتماعي وإنجاح التحوّلات السياسية السلمية في الدول العربية» التي ينظمها المجلس بالتعاون مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي وبالشراكة مع المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية والمركز العالمي للتعددية، وذلك بحضور عدد من أعضاء مجلس نواب الشعب . وأكد رئيس المجلس في كلمته الافتتاحية الأهمية التي يكتسيها موضوع الندوة على المستويين العربي والدولي، مبيّنا أنّ اختلاف حصيلة مسارات تجارب الانتقال الديمقراطي في البلدان العربية يكمن في خصوصيات النسق التاريخي لكلّ منها، وان تقييم كلّ جوانب المرحلة الانتقالية يمكن أن يكون هاجسا مشتركا لتحسين الأداء وترشيد التنفيذ وتعديل الأهداف. وبيّن الناصر أنّ الهدف المركزي من عمل مجلس نواب الشعب كان ولا يزال تأسيس دولة على قواعد علوية القانون وفعالية المؤسسات في سياق انتقالي أطالته الصعوبات الداخلية والخارجية. وأضاف أن المجلس متمسك في أدائه بالمنهجية التي تعتمد الحوار الساعي إلى بلورة التوافق بين مختلف الآراء والمفاهيم من أجل صياغة وسائل العيش السلمي والديمقراطي المشترك، مؤكّدا ضرورة اجتناب انزلاق البرلمان ليتحول إلى مسرح لصراعات حزبية ضيقة، ذلك أنّ مهمّته الأولى هي أن يكون مخبرا لصناعة المستقبل الوطني المشترك عبر النقاش الحر، والتبادل والتعديل والتلاقح بين الرأي والرأي المخالف. وأكد رئيس المجلس في ذات الصدد أن هذا المنطق الإدماجي هو القادر على تحقيق الانسجام الاجتماعي والسياسي وهو نتيجة مباشرة لخصوبة الحرية الساعية إلى التجميع بدل الإقصاء وإلى التوحيد بدل التفتيت، حتى تحافظ الدول والأوطان على قواها الصالحة وعلى قدراتها البناءة، وأضاف أن قدرة النخب السياسية على التعايش في الفترات الانتقالية هي من أهمّ المحددات في المجال البرلماني لتحقيق الانسجام الاجتماعي والتحول السياسي السلمي. كما بيّن رئيس مجلس نواب الشعب أن تونس في حاجة إلى ثقافة تشاركية ديمقراطية جديدة تربط بين حرية الرأي والتنافس فيه وبين السعي إلى توافق على أساس المصلحة الوطنية. هذا وأفاد محمد الناصر أن موطن الاختلاف في التجارب الانتقالية العربية يكمن في خصوصيّة تاريخ كلّ منها وثقافتها ودرجة انسجام مجتمعها وتجانسه، مبينا في هذا السياق أن بعض العوامل السياسية والاجتماعية والثقافية ومن بينها حيوية المجتمع المدني وتجذر ثقافة الاعتدال فيه وعمق ثقافة الوحدة الوطنية والوعي السياسي والمدني وفاعلية دور المرأة والشباب ساعدت تونس في تجربتها الانتقالية، دون التخلّي عن مكاسبها وانجازاتها الماضية، ودون أن تقبل منطق المخاطرة بها، بل أنّها حرصت على جعل مرحلة التأسيس للتطوير وتحقيق مكاسب إيجابية جديدة. وأكد رئيس المجلس أن نجاح مسار الانتقال السياسي السلمي يستوجب تخليص المواقف والآراء السياسية من هيمنة الإيديولوجيا وربطها بمجال الواقع المعيش، وتخليص المواقف والآراء السياسية من منطق الشعارات العامّة وإدماجها في برامج عملية مرفوقة بآليات تنفيذ. كما طرح رئيس المجلس مسألة بناء عقد اجتماعي، بين مختلف القوى المجتمعية والسياسية والفكرية الممثلة في الهيئات البرلمانية، يحدّد الأهداف المشتركة وآليات تنفيذها ويمثل قاعدة علاقات تلك القوى ببعضها ومدونة سلوك مشتركة ونافذة على الجميع تضمن المشاركة الجماعية والحرّة وتفرض قواعد علوية المشترك الوطني والالتزام به وفق مبادئ القانون الذي يجب أن يكون نافذا، مشدّدا على أن الممارسة البرلمانية في إطار هذه المقاربة تستوجب الارتقاء إلى مستوى الحوكمة الوقائية التي تستبق الصعوبات والأزمات وتنزع فتيلها قبل أن تندلع حتى تجنب البلاد مخاطر الانزلاق في منطق صراع المصالح.