بعد إطلالة أولى يتيمة خلال دورة أيام قرطاج السينمائية سنة 2000 وحصده آنذاك لجائزتين الاولى للمخرج نضال شطا ضمن مسابقة افضل عمل اول والثانية لفتحي الهداوي كأحسن دور ثانوي، قدم فريق انتاج فيلم "كول التراب" للمخرج نضال شطا وبطولة فتحي الهداوي ولطفي العبدلي ومحمد علي بن جمعة وهيفاء بوزويتة وياسمن البحري وفريد مميش، يوم الاثنين بأحد قاعات العاصمة هذا العمل السينمائي فى عرض خاص بالصحفيين قبل أن يخرج يوم 30 نوفمبر الجاري فى القاعات للعموم. الفيلم هو رحلة تيه وضياع لا حدود لها بطلها شخصية "حكيم" (لطفي العبدلي) الذي وجد نفسه ممزقا بين وجيعة فقدانه لشقيقته فى حادث غرق وتسلط شقيقه الأكبر "عيسى" عليه (قام بالدور الممثل فتحي الهداوي) وتطلعه هو لنحت مستقبل افضل وحياة كريمة آمنة رغم القدر الكبير من اليأس الذي سكن ذاته وعقله. تدور أحداث الفيلم خارج تحديدات المكان والجغرافيا، فى غياهب الصحراء، حيث يمتد الافق رحبا، لكنه لا يطرح فى المقابل بصيص امل امام الاحداث المعقدة والمركبة للفيلم، يصارع "حكيم" هواجسه، يحاول فهم ما تصبو اليه نفسه وكيف الخروج من دائرة الشك التي سقطت فيها، تتداخل الاحداث بين ذكريات شقيقته المتوفاة ومغامرات مراهقة آلمته وعمقت حالة الانقسام والتشرد التي يعيشها، هذه التفاصيل صورها المخرج من زوايا مختلفة لينقل للمتفرج بعض اوجه هذا الضياع الذي يعيشه "حكيم" وكل شخصيات الفيلم تقريبا، فلا احد منهم يمسك مصيره بيديه، الكل يبحث عن امل ما يتجاوز من خلاله محنته. وفى الاثناء يجد "حكيم" نفسه وجها لوجه امام احد بارونات التهريب بالمنطقة "فريد" (قام بالدور فريد مميش) الذي توكل له مهمة غامضة، ولأن "حكيم" مل حالة التشتت التي تمزقه وهو يتطلع لفرصة ما يفرض من خلالها ذاته وماهيته، فانه يقبلها رغم ضبابيتها وخطورتها وينطلق لتنفيذها غير مبال بما تخفيه له من مفاجآت ومؤامرات، وعلى طريق "المهمة الغامضة" تتداخل الاحداث مجددا وتضع حكيم امام لحظات فارقة بين "المتعة" و"التيه"، لكنها لا تثنيه عن مواصلة مع عزم عليه، و بانتهاء هذه "المهمة" تنتهي جزئيا رحلة الشك التي يعيشها. وكتب المخرج نضال شطا فى ديباجة تقديم الفيلم " هذه قصة أردتها بسيطة و قوية في آن واحد، هي تتماشى مع واقع العصر، هي قصة بطل تائه يبحث عن الحب، يبحث عن الهوية، هو بطل اسير الشك والتساؤلات، يواجه قدره على مرمى حجر من "العرق الشرقي الكبير" حيث تقوم ابتسامة أو يد مبسوطة مقام الكلمات. وقد تم التصوير، اعتمادا على صورة ذات تباين عال قصد تجسيد عدد من المؤثرات مثل قسوة الضوء البالغة، التناقض بين ما هو فاتح و ما هو داكن، خشونة الحجارة و نداء الاعماق الذي يعجز التعبير عن وصفه، كل هذه العوامل لها تأثير على البطل وعلى دوافعه وهواجسه ومخاوفه.(وات)