عرف الوضع الاقتصادي التونسي مند 2010 الكثير من الصعوبات، مما نتج عنه ضعف على مستوى نسب انجاز المشاريع المصرح بها وغلق العديد من المؤسسات. ولمعرفة المشاكل والعراقيل المتسببة في هذا التراجع على مستوى الإنجاز وغلق المؤسسات قامت وكالة النهوض بالصناعة والتجديد باعداد دراسة تهدف بالأساس لتحديد إشكالات الاستثمار الصناعي وإيجاد السبل والحلول الناجعة لتحسين معدل انجاز المشاريع وديمومة المؤسسات الصناعية. اعتمدت هذه الدراسة على قاعدة بيانات المشاريع الصناعية المصرح بها في الفترة المتراوحة بين 2005 و2015 والتي يفوق كلفة المشروع الواحد 100 ألف دينار. وقد أفضت المرحلة الأولى من الدراسة إلى تسجيل ارتفاع في عدد المشاريع المصرح بها والتي لم يتم إنجازها ابتداء من 2010 خصوصا في قطاع الصناعات الغذائية ب 34% وفي قطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية ب 17%. وقد بلغ العدد الجملي للمشاريع المصرح بها والتي لم يقع إنجازها 7548 مشروع (2005-2015( كما تبين النتائج الأولية للدراسة ان معظم المشاريع الغير منجزة تقع في الشمال الشرقي وتمثل 47% من اجمالي المشاريع المصرح بها والتي لم يقع إنجازها. فيما تبلغ هذه النسبة 23% في الوسط الشرقي ولا تتجاوز 9% في بقية المناطق. فيما يتعلق بالمؤسسات الصناعية المغلقة والتي تشغل 10 عملة أو أكثر، أبرز المسح خلال العشر سنوات الأخيرة أن حوالي 400 مؤسسة تغلق سنويا دون اعتبارالإرتفاع المسجل خلال 2005 و2009 و2011 إضافة إلى فقدان قرابة 250 ألف موطن شغل. كما لوحظ ارتفاعا في عدد الشركات الصناعية المغلقة مقارنة بعدد الشركات حديثة النشأة منذ 2011. ويوضح التوزيع القطاعي أن 59% من الشركات المغلقة كانت تنشط في قطاع النسيج والجلود متبوعة بقطاعي الصناعات الميكانيكية والكهربائية والصناعات الغذائية على التوالي ب 13% و11%. كما بينت النتائج الاولية للدراسة ان نسق اغلاق المؤسسات طال كل الجهات من الشمال الى الجنوب بمعدل 37% من مجموع المؤسسات الناشطة بين 2005 و2016. كما لاحظنا أيضا أن 53% منها هي مؤسسات ذات رأس مال أجنبي مقابل 40% فقط بالنسبة للشركات التونسية. وهذا يدل على هشاشة وحساسية الشركات الأجنبية وخاصة الصغيرة منها إزاء الأحداث المحلية (الثورة...) والعالمية (اتفاقيات، الأزمات الاقتصادية( وتجدر الإشارة الى ان أكثر المؤسسات تضررا منذ الثورة هي المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي بلغت نسبة الاغلاق بها حوالي 42%. كما أن هذا المعدل بلغ 47% بالنسبة للشركات التي تشغل أقل من 50 عاملا في حين أنه يساوي 30% فقط للمؤسسات ذات طاقة تشغيلية تفوق 200. هذا يثبت أن الشركات الكبيرة من حيث اليد العاملة هي الاكثر ديمومة. كذلك 60% من الشركات التي تغلق أبوابها تختفي قبل بلوغ 10 سنوات من انبعاثها. ويعود ذلك أساسا إلى الصعوبات الداخلية والخارجية التي تواجهها. إن انخفاض معدل إنشاء مؤسسات جديدة منذ سنة 2011 وتوقف الشركات حديثة الإنشاءعن النشاط بعد فترةلا تتعدى 10سنوات أدى إلى شيخوخة النسيج الصناعي حيث ارتفع معدل عمر الشركات النشيطة من 12 سنة في 2005 إلى 15 سنة في 2015. بالنظر لكل هذه النتائج والاستنتاجات يمكننا حوصلة اهم اسباب ضعف الانجاز وغلق المؤسسات الصناعية في تونس في ꞉(انظر الصور المرافقة) لذلك ترتكز التوصيات المقترحة من طرف أصحاب المشاريع غير المنجزة والشركات المغلقة والأطراف المؤسساتية الفاعلة في مجال بعث المؤسسات على تعزيز دور هياكل الدعم وتبسيط الإجراءات الإدارية وتدعيم نظام ضمان القروض وتوفير آليات تمويل متنوعة لتلبية حاجيات المستثمر في مختلف مراحل المشروع. وسيتم تدعيم هذه المرحلة الأولى من الدراسة بمقارنة دولية لمنظومة بعث المؤسسات وديمومتها مع بعض البلدان (المغرب، تركيا، فرنسا ورومانيا) لتحديد مكانة تونس بين نظيراتها فيما يتعلق بهذه المنظومة. وعلى ضوء نتائج المسح المقدمة والقياس مع بعض البلدان سيتم اقتراح توصيات وخطط عمل لتحسين نسب إنجاز المشاريع المصرح بها وتعزيز ديمومة المؤسسات الصناعية التونسية.