توج أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في قصر هوفبورغ بالعاصمة النمساوية، فيينا، عددا من المؤسسات والأفراد والمجموعات من أوروبا وآسيا وأمريكا الوسطى والجنوبية وأفريقيا، بجائزة تقديرية لجهودهم في مجال مكافحة الفساد وهذا بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد. وأُعلن بهذه المناسبة عن أسماء الحائزين على هذه الجائزة في دورتها الأولى والتي أشرف عليها مركز حكم القانون ومكافحة الفساد في قطر. كما أزاح أمير قطر بحضور بان كي مون، الستار عن نُصب «جائزة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للتميز في مكافحة الفساد»، وذلك في حديقة مركز فيينا الدولي. ويرمز النصب الظاهر على شكل يد فولاذية، إلى تكاتف جميع دول العالم كيد واحدة للتعاون من أجل مكافحة الفساد. وهنّأ أمين عام الأممالمتحدة في كلمته بالمناسبة الفائزين وشكرهم على شجاعتهم، كما وجه التحية لأمير قطر وحكومة بلاده لدعمهما الجهود العالمية لمكافحة الفساد والجرائم، وبسط سيادة القانون من خلال تنفيذ "إعلان الدوحة" الذي تم اعتماده العام الماضي خلال "مؤتمر الأممالمتحدة الثالث عشر لمنع الجريمة والعدالة الجنائية". وقال بهذا الصدد: "إن الفساد داء فتاك يتغلغل في عمق المجتمعات ليطفئ جذوة الأمل ويقمع الفرص، متيحاً لعصبة من الفاسدين الإثراء على حساب الملايين الذين تضيع فرصهم هباءً منثوراً. وجميع المجتمعات معرضة لهذه الآفة الخطيرة" من جانبه شدد الدكتور علي بن فطيس المري، النائب العام القطري، ومحامي الأممالمتحدة لمكافحة الفساد في تصريح ل»القدس العربي» على أهمية توحيد الجهود الدولية لمحاربة هذه لآفة وادماج هذه المواضيع في مختلف النشاطات الرسمية لتكون سياسة عامة مع تحفيز الجميع لبذل المزيد من الجهود ليكونوا أقوياء ومساندتهم في نشاطاتهم المقدرة. وكرمت هذه الجائزة السنوية أبرز المساهمات والجهود لمنع ومكافحة الفساد حول العالم بما في ذلك توجيه الاتهام إلى اثنين من قادة الدول في أمريكا الوسطى وأوروبا. وتدعم الجوائز التفويض الخاص بمكافحة الفساد الصادر عن "مكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة" (UNODC) ولا سيما تطبيق اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد. وبعد عملية اختيار طويلة ومستفيضة، أعلنت اللجنة العليا للجائزة -استناداً إلى توصيات اللجنة الاستشارية للتقييم- عن 7 فائزين ضمن الفئات الأربع: "الابتكار في مكافحة الفساد"، و"البحث الأكاديمي في مكافحة الفساد"، و"جائزة إبداع الشباب"، و"جائزة إنجاز العمر في مكافحة الفساد" وفاز اثنان عن فئة الابتكار في مكافحة الفساد هما الفلسطينية حنان خندقجي التي عملت بصورة سرية كعاملة متطوعة لتقصي حقيقة سوء معاملة المرضى الصغار في المؤسسات الأردنية للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. وقد اكتشفت خندقجي بأن مقدمي الرعاية وطاقم التمريض يسيئون معاملة الأطفال بشكل روتيني خلال تقديم خدمات الرعاية لهم. وساهم تقريرها المعمق في إغلاق العديد من المرافق، وتشكيل لجنة رسمية قدمت تقريراً حول سوء المعاملة هناك. وكانت المبادرة الفنية الأفغانية "آرت لوردس" ثاني الفائزين بجائزة هذه الفئة؛ حيث نجحت هذه المجموعة في رفع مستوى الوعي إزاء قضية مكافحة الفساد في العاصمة كابول، وحث المجتمع على عدم التهاون في موضوع الفساد من خلال أعمال فن الشارع بما فيها رسم لوحات لعيون على الجدران، وذلك ضمن إطار سلسلة من الأعمال الفنية تحمل اسم "أراك" وعن فئة "البحث الأكاديمي في مكافحة الفساد"، فاز بالجائزة مناصفةً كلّ من أستاذ القانون الجنائي ميودراج لابوفيك من كندا و»مجموعة البحث بقضايا الفساد والديمقراطية» من فرنسا. وقد تم تكريم لابوفيك تقديراً لجهوده في اعتقال رئيس الوزراء المقدوني السابق فلادو بوكوفسكي الذي حُكم عليه بالسجن لمدة 3 سنوات، فضلاً عن رصيده الغني من المنشورات التي تدور حول الإصلاحات الوطنية الهيكلية في النظم السياسية والقانونية. بينما حازت «مجموعة البحث بقضايا الفساد والديموقراطية» على الجائزة بفضل مشروعها البحثي الذي حظي بأصداء إيجابية واسعة وتناول المشاكل السياسية والاقتصادية التي تقوض التطبيق الأمثل للديموقراطية في المجتمعات المعاصرة وهو ما يسبب انعدام ثقة المواطنين بهذه المجتمعات. وتم تقديم جائزة «إبداع الشباب في مكافحة الفساد» لاثنين من المرشحين هما «شباب اليونان لمكافحة الفساد»، وهي شبكة تضم ألف شاب وشابة يونانيين يهدفون إلى دفع عجلة التغيير في اليونان وأوروبا والعالم. ولا يتلقى هؤلاء الشباب أي تمويل حكومي، بل يسعون إلى إحداث تغييرات إيجابية في حياة الشباب الآخرين. كما حازت على هذه الجائزة أيضاً مجموعة «تي إم» من تنزانيا، وهي منظمة غير حكومية تأسست عام 2004 وتضم عدداً من المغنيين الشباب الذين يستخدمون قوة الغناء لرفع مستوى الوعي وإيصال رسالة قوية لبلدهم بشأن مكافحة الفساد. وقد تم تأليف ألبومهم الغنائي الذي حمل عنوان «ويب أوت كوربشن» بهدف دعم مساعي الحكومة التنزانية في هذا الخصوص. وحاز على الجائزة الأخيرة في الحفل عن فئة «إنجاز العمر في مكافحة الفساد» النائب العام في غواتيمالا ثيلما ألدانا. وحازت ألدانا على هذه الجائزة تكريماً لمسيرتها المهنية في النيابة العامّة والتي كللتها بتوجيه اتهامات للرئيس الغواتيمالي أعقبها إعفاءه من منصبه بتهمة الاحتيال، وإقامة ارتباطات غير مشروعة، وقضايا فساد متعلقة بمجموعة الاحتيال الجمركي التي تقدم للشركات تخفيضات على الرسوم الجمركية للواردات مقابل الحصول على عمولات غير مشروعة. وتم تأسيس «جائزة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للتميز في مكافحة الفساد» من قبل «مركز حكم القانون ومكافحة الفساد» الذي يرأس مجلس أمنائه الدكتور علي بن فطيس المري. وأعلن الدكتور المري عن تأسيس الجائزة خلال «المؤتمر السنوي الثامن للجمعية الدولية لهيئات مكافحة الفساد» الذي استضافته مدينة سان بطرسبرغ الروسية في نوفمبر 2015. وقال الدكتور إبراهيم الجازي، المدير التنفيذي ل«مركز حكم القانون ومكافحة الفساد»: "لقد أذهلنا حجم الإقبال الكبير الذي شهدناه من المجتمع الدولي، وكان عدد ونوعية الفائزين خير دليل على قوة الحراك العالمي لمكافحة الفساد. وقد عكس ذلك ضرورة تسليط الضوء على الشخصيات الفاعلة في هذا الحراك، وكذلك الأعداد التي لا تحصى للجنود المجهولين الذين يناضلون يومياً لإحداث فرق في حياة مجتمعاتهم والقضاء على الفساد بمختلف أشكاله" وخلال الحفل قال يوري فيدوتوف، المدير التنفيذي لمكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة: "لقد أعطت الأجندة الجديدة للتنمية المستدامة حتى عام 2030 دفعاً قوياً جديداً للحرب على الفساد عبر إقرارها بأن جهود مكافحة الفساد تشكل قوة أساسية للقضاء على الفقر، وتوفير تعليم عالي الجودة، وتأمين فرص عمل لائقة، وتعزيز النمو الاقتصادي، وحماية الموارد الطبيعية" وتم فتح باب المشاركة من مختلف أنحاء العالم أمام الهيئات من الأطراف الثلاثة لترشيح أي مؤسسات أو مجموعات أو أفراد من أي جنسية ممن يظهرون التزاماً واضحاً ومساهمات كبيرة في مكافحة الفساد والحد منه. وقد بدأت عملية التقييم بدعوة لتقديم الترشيحات عبر الإنترنت.