كان من المنتظر أن يفرج صندوق النقد الدولي عن القسط الثاني من القرض الذي يبلغ 2.9 مليار دولار أي بقيمة 6.7 مليار دينار والذي يندرج في إطار برنامجه للدعم المالي لتونس والمبرمج صرفه على 8 أقساط على مدى 4 سنوات بداية من العام الجاري 2016. فبعد أن صرف الصندوق القسط الأول من القرض خلال شهر جوان المنقضي وكان بقيمة 663.7 مليون دينار، كان مبرمجا أن يصرف القسط الثاني منه خلال 6 أشهر أي قبل موفى السنة الجارية 2016 علما وأن القسط المنتظر صرفه يقدر ب325 مليون دولار أي حوالي 760 مليون دينار لكن إلى اليوم ورغم انعقاد الاجتماع الشهري لمجلس إدارة الصندوق إلا أنه لم يتخذ قرارا بهذا الشأن رغم الزيارة التي أداها وفد من الصندوق إلى تونس. وقد أكد مصدر من البنك المركزي ل"الصباح" أنه ليس للبنك أي معلومة بشأن صرف القسط الثاني من عدمه وأن البنك في انتظار انعقاد الاجتماع القادم لمجلس إدارة صندوق النقد الدولي للحسم في هذا الملف. تقرير سلبي وكان وفد عن صندوق النقد الدولي قد زار تونس في الفترة الممتدة بين 28 أكتوبر و10 نوفمبر المنقضيين للوقوف على حقيقة الوضع الاقتصادي في البلاد ومدى تطبيق بلادنا لبرنامج الإصلاحات المقترح من قبل الصندوق والذي تبنته الحكومة التونسية. وقد أكدت بعثة الصندوق أن الحكومة التونسية تسير بخطى ثابتة على درب الانتقال الديمقراطي مع سعيها لتطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تم الاتفاق بشأنه بين الطرفين على غرار المصادقة على قانون الاستثمار وإصلاح البنوك العمومية. في المقابل أشار التقرير إلى أن الحكومة مطالبة خلال الفترة القادمة، وهي من أولويات المرحلة، بالضغط على الديون التي ارتفعت بشكل لافت والتي باتت تمثل 60 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، كما شددت البعثة على وجوب الضغط على حجم كتلة الأجور للسنة القادمة 2017 على أن يتضمن قانون المالية عديد الإصلاحات على غرار مراجعة كتلة الأجور ووضع برنامج فعّال للتنمية المستدامة ودفع الاستثمار العمومي والضغط على عجز الميزانية والمصاريف العمومية ووضع برنامج إصلاح جبائي مع ضرورة الانطلاق في إصلاح منظومة الإدارة العمومية من أجل تقديم خدمات تليق وإنتظارات المواطن التونسي. إملاءات جديدة.. متجددة وتضمّن التقرير الأخير حول الوضع الاقتصادي في تونس جملة من الإصلاحات وهي تقريبا ذات الإصلاحات التي اشترط الصندوق من الحكومة القيام بها من أجل منح بلادنا قرض جديد وتتمثل هذه الإصلاحات، التي اعتبرها العديد من الخبراء ورجال الاقتصاد بمثابة الإملاءات، في تحقيق مستويات أرفع من النمو، علما وأن الصندوق قد راجع نسبة النمو في تونس من 2 بالمائة إلى 1.5 بالمائة للسنة الجارية 2016، مع ضمان استقرار التوازنات العامة للاقتصاد وإصلاح المؤسسات العمومية بما في ذلك الوظيفة العمومية مع وجوب تطبيق الحكومة لإصلاحات اجتماعية موجعة بالإضافة إلى وجوب سعيها لخلقها لمواطن الشغل. وكان الصندوق قد شدد على وجوب تحقيق استقرار اقتصادي كلي لتعزيز نمو احتوائي تلتزم من خلاله تونس بوضع سياسات اقتصادية فعّالة وناجعة. وشدد على اعتماد تونس لميزانية حذرة تضع الديون في المسار الصحيح بما يمكّن من تخفيف الأعباء المالية على ميزانية الدولة والتقليص من الدين الخارجي. وكانت تونس قد نجحت في استكمال تطبيق ما تم الاتفاق بشأنه في إطار برنامج الإصلاحات الخاص بالقرض الأول الممنوح لتونس والتي تتمثل أساسا في إقرار قانون جديد للبنوك وآخر خاص بالبنك المركزي إلى جانب إصلاح منظومة الدعم لا سيما الدعم الموظف على الطاقة في حين أنها تسعى جاهدة في إطار قانون المالية للسنة القادمة 2017 لاستكمال باقي الإصلاحات حتى يتسنى لها الظفر ببقية أقساط القرض الممنوح من الصندوق. حنان قيراط جريدة الباح بتاريخ 29 ديسمبر 2016