طفى مجددا وبطريقة فجئية ملف اختفاء سفيان الشورابي ونذير القطاري على سطح الأحداث ليحتل الصدارة دون سابق إنذار. وللوقوف على خفايا هذا الملف ودواعي إثارته في هذا التوقيت بالذات لا بدّ من الرجوع إلى التطورات الأخيرة التي يشهدها ملف المصالحة الليبي، إذ تسربت عدّة معلومات عن مبادرة تونسية بدعم جزائري لإيجاد مخرج يعزز موقف حكومة السراج ويلمّ شمل الإخوة الفرقاء. هذه المبادرة التي يقودها رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي قادته خلال الأيام القليلة الماضية إلى زيارة سريعة إلى الجزائر التي استقبلت بدورها رئيس الحكومة الليبية فائز السراج وممثلا عن مجلس النواب الليبي بطبرق وكذلك القائد العسكري خليفة حفتر وآخرين. ولئن اعتاد أكثر من مسؤول ليبي على مختلف مواقعهم السياسية زيارة تونس، فإنه إلى حدّ الآن لم يعلن عن زيارة اللواء خليفة حفتر الذي يبدو أنّ لتونس موقفا منه أو لنقل للدبلوماسية التونسية موقفا منه، عبّر عنه مدير المكتب الإعلامي للقيادة العامة للقوات المسلحة الليبية خليفة العبيدي الذي لا يعدو أن يكون غير الصحفي مقدّم برنامج قناة "ليبيا الحدث" المتعلق بشهادة أحد "الدواعش" التي روى فيها كيفية اغتيال نذير القطاري وسفيان الشورابي. خليفة العبيدي قال بصريح العبارة خلال تقديمه للبرنامج ان السلطات التونسية ترفض التعاون والاعتراف بالجيش الليبي رغم ما يقوم به من جهود لمقاومة الإرهاب.... بما يترجم غضبا واضحا للقيادة العسكرية لجيش حفتر من تونس. في هذا الإطار الزمني، يتنزل نشر اعترافات "الداعشي" عبد الرازق ناصف الذي ظهرت عليه اثار عنف بما يطرح أكثر من سؤال حول صدقية تلك الاعترافات التي قد تكون انتزعت تحت التعذيب، في حين قالت مصادر ليبية أن هذه الاعترافات قديمة وهو ما أكّده أيضا الناطق الرسمي باسم قطب مكافحة الارهاب سفيان السليطي، بما يثير أكثر من تساؤل حول التوقيت. ان قراءة سريعة في ظروف وملابسات وحيثيات نشر هذه الاعترافات تقود حتما إلى ملف مبادرة الرئيس الباجي قائد السبسي لتجاوز الخلاف الليبي-الليبي، والتي يبدو أنها لم ترض بالقدر الكافي اللواء خليفة حفتر سيما وأن أخبارا تواردت من الجزائر تقول بأن استقباله لم يكن وفق ما يفترض أن يكون عليه استقبال قائد عسكري حقق نجاحات في القضاء على التنظيم الارهابي في الشرق الليبي، إذ تردد أنه منع من النزول من الطائرة إلا بعد أن غيّر ملابسه العسكرية بأخرى مدنية. فإثارة هذا الملف في هذا التوقيت بالذات وإثارة الرأي العام التونسي على حكومته وعلى رئيس الدولة سيدفع الجهات الدبلوماسية التونسية حتما لخفض التوتر إلى فتح باب المفاوضات مع اللواء خليفة حفتر للبحث في حقيقة اعترافات الارهابي الداعشي عبد الرازق ناصف وهو ما يبتغيه حفتر الذي يريد مهما يكن من أمر استثمار الضغط الشعبي التونسي لمقايضة الجهات الرسمية التونسية بشيء ما ..فحفتر شعر أنه لم يحظ بالقدر اللازم من الاهتمام في مبادرة الصلح التي يعرضها الباجي قائد السبسي لذلك يحق القول أنّ رائحة لعبة سياسة تفوح من برنامج قناة "ليبيا الحدث" التي تعتبر لسان حال جيش حفتر وجزءا من لعبته السياسية .