ست سنوات مرت منذ اندلاع ثورة 17 ديسمبر 14 جانفي، تنقل فيها ملف الشهداء وجرحى الثورة وارتحل بين اللجان والوزارات، من لجنة تقصي الحقائق حول الانتهاكات، إلى وزارة حقوق الإنسان، إلى كتابة دولة، ومن رحاب المجلس التأسيسي إلى مجلس نواب الشعب إلى هيئة حقوق الإنسان والحريات الأساسية، ليستقر لدى هيئة دون رئيس منذ قرابة خمسة أشهر. مسار معقد، تعددت فيه الإجراءات، وتشابكت المهام بين الهياكل المشرفة على هذا الملف. كلها معطيات تؤكد أن استكمال هذا العمل، وإنصاف الضحايا، ليس بالأمر الهين. غير أن ذلك لا يحجب حجم التأخير غير المبرر في تعريف التونسيين بشهداء ثورتهم، ورد الاعتبار لعائلاتهم، وتكريم أرواحهم، لا سيما وأن هذه القائمة جاهزة، وتم إيداعها لدى الرؤساء الثلاثة منذ أكتوبر2015، وفق ما أكده رئيس لجنة شهداء الثورة ومصابيها، توفيق بودربالة. وتبرر بعض الأطراف التي أشرفت على الملف هذا التعطيل، ب»حساسية مسألة إسناد صفة الشهيد على قتلى الثورة»، باعتبار أن هذه الصفة، لرمزيتها وقدسيتها، لا يمكن التسرع في إطلاقها، خوفا من منح وسام شرف الشهادة لمن استغل الحراك الشعبي والاحتجاجات المشروعة المطالبة بالتنمية وبإسقاط النظام، للسطو على الملك العام والخاص، وقضى في مواجهات مع الأمن. مباركة عواينية البراهمي (الجبهة الشعبية)، رئيسة لجنة شهداء الثورة وجرحاها وتنفيذ قانون العفو العام والعدالة الانتقالية بمجلس نواب الشعب ، قالت في تصريح ل(وات) «إن أعضاء اللجنة يتساءلون عن الأسباب وراء التعتيم على هذه القائمة الجاهزة منذ سنة 2015»، معتبرة أن «المسالة تبقى غامضة وغير مفهومة حد اللحظة» . وذكرت بأن اللجنة طالبت بالاطلاع على هذه القائمة، وطرحت هذه المسألة، في كل المناسبات وجلسات الإستماع التي استضافت فيها المسؤولين من ذوي العلاقة بهذا الملف، وآخرها مع مستشار رئيس الحكومة، المكلف بالملفات الاجتماعية السيد بلال ، دون تلقي أي رد رسمي أو غير رسمي. وأَضافت أنه، وبعد التحرك الاحتجاجي لعائلات الشهداء وجرحى الثورة في 10 ديسمبر 2016 أمام مجلس نواب الشعب ، تم تكوين وفد التقى مع رئيس البرلمان، محمد الناصر، الذي تعهد ببذل ما يمكن من جهود للدفع بهذا الملف، ووعد بتوجيه مراسلة رسمية لرئاسة الحكومة لطلب تسريع نشر القائمة في الرائد الرسمي. وشددت على أن «التخوف من تسرب خطأ لمحتوى القائمة، لا يمكن أن يكون مبررا لتأجيل نشرها»، مشيرة إلى أن «من يريد الاعتراض عليها، يمكنه أن يتوجه للقضاء». يمينة الزغلامي (حركة النهضة)، التي اشتغلت على قائمة الشهداء والجرحى داخل اللجنة المعنية بالمجلس الوطني التأسيسي، وكانت عضوا بلجنة شهداء الجرحى ومصابيها التابعة للهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، اعتبرت بدورها أن هذا الموضوع «هو مسألة سياسية بالأساس».وبينت أن قرار النشر من عدمه يبقى بيد مؤسسات الدولة (رئاسة الحكومة والجمهورية)، مقدرة إمكانية وجود مخاوف وراء تعطيل هذا النشر، تتعلق بالوضع الأمني، «وهي تخوفات مشروعة من إمكانية الركوب على الحدث، واستغلال ردود الأفعال على القائمة داخل الولايات، والانحراف بالمطالب المشروعة في اتجاه تأجيج الأوضاع «، حسب تعبيرها. وأضافت قولها «من واقع تجربتي، فإن هامش الخطأ في القائمة ضعيف جدا، ويمكن الإعلان عن هذه القائمة اليوم، ونحن نتحمل مسؤوليتنا. ومن لم يجد اسم ابنه أو قريبه في قائمة الشهداء، يمكن له الاعتراض لدى القضاء»