قال فرحات الحرشاني وزير الدفاع الوطني إن الوضع الأمني في البلاد تحسن بصفة ملحوظة لكن التهديدات الإرهابية مازالت قائمة. وأكد أمس خلال اجتماع لجنة الأمن والدفاع بمجلس نواب الشعب وأثناء اللقاء الصحفي الذي عقده إثر هذا اللقاء الذي دار جانب منه بصفة سرية، أنه لا مجال لمقارنة الوضع الأمني اليوم بما كان عليه الحال خلال السنوات الماضية، إذ تم تحقيق نجاحات كبيرة في مقاومة الإرهاب والسيطرة على المناطق الجبلية والحدودية ومحاصرة العناصر الإرهابية ففي السابق كان الإرهابيون يتحركون بسهولة وكانت لهم أماكن ينامون فيها ويتدربون ويصلون لكن اليوم لم يعد من السهل عليهم التحرك. وأضاف الوزير أن المؤسسة العسكرية قائمة بواجبها وفسر تحسن الوضع الأمني في البلاد بسببين أساسيين يتمثل الأول في القيام بعمليات وقائية لاجتناب الجريمة بمختلف أنواعها بما فيها الجريمة الإرهابية لأن الوقاية هامة ويمكن بفضلها اجتناب الكثير من الكوارث اما السبب الثاني فيعود للعمل المشترك والتنسيق الجيد بين المؤسسة العسكرية والمؤسسة الأمنية على مستوى القيادات سواء كان ذلك في العاصمة أو في الولايات. واستدرك الحرشاني ليشير إلى أنه رغم هذا التحسن المتواصل فإن التهديدات مازالت موجودة لأن الوضع في ليبيا مازال متأزما. وذكر أن وزارته واعية بهذا الأمر وهي مدركة أن الوضع في ليبيا رهين المفاوضات بين الأطراف السياسية هناك وتأمل تونس وتعمل من اجل ان يكون الحل سياسيا لكن الوزارة وضعت مختلف السيناريوهات بما فيها السيئ من أجل حماية الحدود. ولمقاومة الإرهاب على الحدود بين الوزير ان هناك عمليات يومية تتم في هذا الإطار وهناك منظومة كاملة لحماية الحدود مع ليبيا وذكر ان المنظومة الالكترونية لحماية هذه الحدود بين راس جدير والذهيبة والذهيبة برج الخضراء بلغت طورا متقدما من الانجاز. وبخصوص إستراتيجية الأمن والدفاع المعروفة ب»الكتاب الأبيض» قال الوزير ان مثل هذا المشروع لا يوجد إلا في البلدان الديمقراطية، وبين أنه تم وضع الكتاب الأبيض في إطار مقاربة تشاركية تراعي المبادئ التي جاء بها الدستور خاصة أن الجيش جمهوري ملتزم بالحياد التام والأمن جمهوري ملتزم بالحياد التام، وفسر ان الإستراتيجية لا يمكن ان تكون ناجعة ولا يمكن أن تحمي الديمقراطية إلا إذا كانت تشاركية تساهم في إعدادها كل الأطراف من وزارات وسلطة تشريعية ومجتمع مدني من أحزاب سياسية وجمعيات وخبراء. وللغرض تقرر أن تخصص الدورة الحالية لمعهد الدفاع الوطني لنقاش الكتاب الأبيض مع مختلف الوزارات والمجتمع المدني والسلطة التشريعية، وتعتبر هذه الوثيقة على حد تأكيده الإطار الاستراتيجي الذي سيساعد على أخذ القرار وسيعين مجلس نواب الشعب على سن التشريعات وبين أنه سيقع تحيينها كل أربع أو خمس سنوات. وأضاف أن الكتاب الأبيض يعالج التهديدات التي تتربص بالأمن القومي سواء كانت تقليدية أي خارجية أو تهديدات غير تقليدية منها الإرهاب والتهريب، كما أنه سيوضح الإطار الذي سيتم من خلاله تنزيل الفصل الدستوري الذي ينص على ان الدفاع عن الوطن واجب على كل مواطن. وكرر وزير الدفاع أكثر من مرة أن محاربة الإرهاب لا يمكن أن تكون أمنية وعسكرية فحسب وأوضح ان التجربة أكدت ان البلدان التي اعتمدت مقاربة أمنية عسكرية في مقاومة الإرهاب فشلت ورغم الأموال التي تم ضخها للغرض تنامى الإرهاب ومن حسن الحظ كانت تونس واعية بذلك الأمر وترسخت لدى الجميع قناعة مفادها أن الإرهاب لا يتم فقط بالسلاح أو عبر القتل بل هو فكر قبل كل شيء والفكر لا يمكن محاربته إلا بالفكر، وتكون المقاومة الأمنية والعسكرية آخر مرحلة. وذكر ان محاربة الإرهاب تتطلب دعم التعاون الدولي مع دول الجوار والدول القريبة جغرافيا من تونس والدول التي تتقاسم مع تونس نفس القيم وأشار إلى ان التعاون يتم على أساس احترام السيادة الوطنية وبخصوص التعاون مع الجزائر أكد على وجود تنسيق تام بين القيادات العسكرية التونسية والدرك الجزائري من اجل حماية الحدود. وأشار الحرشاني الى ان كل قطاعات الدولة يجب ان تفكر معا في الإستراتيجية الوطنية لمقاومة الإرهاب لأن الدفاع عن الوطن ليس مهمة الجيش فحسب بل هو واجب على كل مواطن، وأفاد ان تونس في حاجة الى تكوين جيل جديد من العسكريين المتدربين والمتكونين في مقاومة الإرهاب ومحاربة الجريمة المنظمة والتهريب. وأوضح خلال اللقاء الصحفي أنه تمت السيطرة على الحدود لأن الوزارة لها هذا الجيل الجديد المتكون من العسكريين. ولم يخف الوزير أن المشكل الكبير في تونس هو ضعف الحس الوطني وضعف الانتماء لدى الشباب وهو ما يفسر تفشي الإرهاب. وبين أن الوزارة ستنظم يوما برلمانيا حول مضامين الكتاب الأبيض وستعقد لقاء مع نواب لجنة الأمن والدفاع لتطلعهم على أنشطة الوزارة وبرامجها منها برامج لبناء مصحات عسكرية وبرامج أخرى خاصة بسكن العسكريين. وذكر الوزير أنه تم توفير معدات متطورة لجيش البر والبحر والجو. وإجابة عن سؤال يتعلق بقانون حالة الطوارئ وانتهاكات حقوق الانسان المسجلة في ظل اعتماده قال الحرشاني قد تكون هناك بعض السلبيات والحالات الاستثنائية لكنها ليست سياسة ممنهجة وأضاف أن القانون القديم يسهل عمليات معينة في مقاومة الإرهاب وفسر ان محاربة الإرهاب ليست سهلة وتتطلب تحقيق معادلة صعبة بين محاربته من جهة واحترام حقوق الإنسان من جهة أخرى، وبين أن فرنسا حاليا في حالة طوارئ وعبر عن أمله في ان يقع رفع حالة الطوارئ في تونس. وعن سؤال آخر حول المراقبة الالكترونية للحدود مع ليبيا أجاب أنها في طور متقدم وقال انها منظومة الكترونية وحرارية وتعتبر آلية هامة لمراقبة الحدود وذكر أن إرساء المنظومة انطلق هذا الأسبوع وعبر عن أمله في الانتهاء منه في أقرب وقت. وبخصوص مشاركة القوات الحاملة للسلاح في الانتخابات بين ان القانون الانتخابي الذي صادق عليه مجلس نواب الشعب مؤخرا يمكنهم من حرية الاقتراع في الانتخابات البلدية بشروط وذكر أنه حبذ لو تم الانتظار قليلا لكنه يحترم إرادة الشعب وسيطبق القانون بحذافيره. وسيعمل على ان لا يمس هذا من الأمن القومي والمنظومة الأمنية في البلاد، وللغرض سيتم بالتنسيق مع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات للترتيب لممارسة هذا الحق وأضاف ان دور الجندي الأساسي هو حماية الوطن والجندي واع بهذا الدور. للتذكير فقد صادقت الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب المنعقدة موفى جانفي 2017 على منح الأمنيين والعسكريين الحق في التصويت في الانتخابات البلدية والجهوية لا غير، ويقتصر هذا الحقّ على الاقتراع ولا يشمل الترشّح. ومنع على الأمنيين والعسكريين المشاركة في الحملات الانتخابية واجتماعات الأحزاب وكل نشاط متصل بالحملة الانتخابية ونص على عقوبات زجرية ضدّ المخالفين. سعيدة بوهلال جريدة الصباح بتاريخ 14 فيفري 2017