قردة وطيور ترشق بالحجارة وترمى بالقوارير الفارغة بعضها أصيب بكسور والبعض الآخر بالعمى، أنواع من الغزلان النادرة تسرق وتذبح ويؤكل لحمها في الجلسات الخمرية، وتمساح يشج رأسه في عقر داره بحديقة البلفدير..جرائم شنيعة ترتكب في حق حيوانات حديقة البلفيدير التي كان من المفترض أن تنعم بالحماية. إن حادثة تمساح البلفيدير كانت القطرة التي أفاضت كأس معاناة حيوانات هذه الحديقة الذين يتعرضون للاعتداء من قبل بعض الزوار إلى مختلف أنواع الاعتداء فضلا عن رمي الفضلات في أماكن كانت مخصصة للحيوانات بالإضافة إلى حالة الهزال التي تعاني منها بعض الحيوانات على غرار الأسد كل ذلك يعكس الوضعية المتردية والإهمال الشديد الذي تشهده حديقة البلفدير. وقد أثارت حادثة قتل التمساح بشكل وحشي استياء الرأي العام المحلي والدولي وقد سلطت وسائل إعلام أجنبية الضوء على الحادثة التي أعطت صورة سيئة عن المجتمع التونسي. وبعد حادثة التمساح تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لوحيد القرن بحديقة البلفيدير الذي حوله أطفال ومراهقون إلى دابة يمتطونها ويلهون بها وفي تعليق عن الحادثة قال مدير الحديقة إن مقطع الفيديو نقل حادثة قديمة وحادثة تحويل وحيدة القرن إلى حصان سبقت حادثة قتل التمساح ولكن ذلك لا يبرر الاعتداءات المتكررة التي تستهدف بشكل يومي حيوانات الحديقة من قبل بعض الزائرين الذين استسهلوا الاعتداء على الحيوانات وحولوا المسألة إلى ضرب من التسلية لا سيما أمام صمت السلط المعنية. وقد يكون الجانب الإنساني مات عند هؤلاء المعتدين ولكن هل هناك عقوبات زجرية لردعهم وما هو رأي المشرع في هذه المسألة وهل أن النيابة العمومية عليها أن تفتح بحثا عندما ترى حيوانا يتعرض للاعتداء لا سيما وأنه على المستوى الدولي هناك قانون خاص بمسائل المحافظة على الحيوانات لحمايتها من التعذيب وسوء معاملة الإنسان لها، وكذلك حمايتها من سوء استخدام الإنسان لها كإخضاعها للتجارب العلمية وتشمل القوانين الدولية أيضا التجارة بالحيوانات الحية ومنتجاتها وعلاقتها بالحفاظ على الأنواع. «الصباح» اتصلت بمساعد وكيل الجمهورية معز بن سالم فأفادنا أن الاعتداء على الحيوان يعد مخالفة تستوجب العقاب بالسجن مدة 15 يوما وقد نص على ذلك الفصل 317 من المجلة الجزائية في فقرته الثالثة حيث ينص على انه يعاقب الأشخاص الذين يسيؤون معاملة حيوانات لغيرهم دون أن يمنع ذلك من العمل بأحكام الفصلين 25 و26 من الأمر الصادر في 15 ديسمبر عام 1896، وفي فقرته الرابعة ينص على أن الأشخاص الذين يباشرون على رؤوس الملا سوء معاملة حيوانات أهلية لهم أو أنيط حفظها بعهدتهم ويحكم دائما بالعقاب بالسجن في صورة تكرر الفعل. وبسؤالنا لمساعد وكيل الجمهورية معز بن سالم حول دور النيابة العمومية عندما تلاحظ مثل هذه الاعتداءات قال إنه على النيابة العمومية أن تتحرك خاصة وأن حادثة قتل التسماح لا تتكرر دائما ويجب أن يفتح فيها بحث وتتبع ما يقف وراءها. ولكن على من سيطبق هذا القانون في غياب الأدلة وأمام جاني مجهول وصمت المسؤولين؟ ماذا يقول الشرع؟ وردت في الأحاديث النبوية عبر كثيرة تحثنا على عدم الإساءة إلى الحيوان وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنْ الْعَطَشِ فقَالَ الرَّجُلُ: «لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنْ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ بِي» فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلَأَ خُفَّهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ فَسَقَى الْكَلْبَ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا فَقَالَ نَعَمْ فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ (صحيح البخاري). وقال صلى الله عليه وسلم: «ما من إنسان قتلتعصفوراً فما فوقها بغير حقها إلا سأله الله عز وجل عنها. قيل: يا رسول الله، وما حقها؟ قال: يذبحها فيأكلها، ولا يقطع رأسها يرمي بها».. (رواه النسائي) والوعيد الوارد في هذا الحديث يشمل قاتل الحيوان الذي يؤكل لحمه والذي لا يؤكل لحمه، ومثل القتل كل ما في معناه، فعن أنس رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تصبر البهائم).. (رواه مسلم) وفيه أيضاً عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تتخذوا شيئاً فيه الروح غرضاً».