قال زبير الشهودي القيادي وعضو مجلس شورى حركة «النهضة» إن الحركة تناقش حالياً المرحلة الانتقالية التي ستعيشها إثر انتهاء فترة رئاسة الشيخ راشد الغنوشي في 2020 تلافياً لحدوث أية إشكاليات في قيادة الحركة مستقبلاً، كما تحدث عن إمكانية تنظيم مؤتمر خاص بشباب الحركة بهدف توسيع نسبة مشاركتهم لتبلغ حوالي ثلث عدد القيادات فيها. وأشار، من جهة أخرى، إلى أن الانتخابات البلدية لها أهمية كبيرة بالنسبة للحركة التي تسعى للفوز بأكبر عدد ممكن من المقاعد فيها، ولم يؤكد أو ينفي إمكانية المشاركة بقوائم مشتركة مع حزب «نداء تونس»، والذي اعتبر أن قيامه مؤخرًا بإعادة ترميم نفسه عبر استقطاب كفاءات جديدة، يساهم في استقرار وترسيخ الحالة الديمقراطية في البلاد، والتي تحتاج – برأيه- إلى أحزاب (في السلطة والمعارضة) ديمقراطية قوية ومنظمة. وكان مجلس شورى حركة «النهضة» عقد قبل أيام دورته العاشرة، التي ناقش فيها عدداً من القضايا، أبرزها مستقبل الحركة ما بعد الغنوشي، فضلاً عن توسيع مشاركة الشباب داخل مؤسسات الحركة، وعدد من القضايا المتعلقة بالوضع السياسي والأمني في البلاد. وقال زبير الشهودي في حوار خاص مع «القدس العربي»: «من بين المواضيع التي طُرحت ضمن ورقة الإصلاح داخل مجلس الشورى في دورته الأخيرة، خلافة الشيخ راشد الغنوشي أو المرحلة الانتقالية بعده باعتبارها آخر عهدة له ستنتهي عام 2020، والمنطق يقول إن علينا تهيئة أنفسنا لهذه المرحلة، طبعا الأمر يحتاج لتوضيح القضايا التي تؤمن هذا الأمر الذي سيتم من خلال الانتخاب المباشر (لرئيس جديد للحركة)، لكن قد يحتاج الأمر لتوافق القيادة، فنحن بصدد بناء هذا التوافق حتى لا نعيش نوعاً من الفراغ والإشكاليات بعد الغنوشي». وأضاف «لكن الموضوع الأساسي الذي تناولته الدورة العاشرة، هو وضع الشباب داخل الحركة وفي البلاد عموماً، حيث تم تقديم مبادرتين حول هذا الأمر، الأولى لشباب مجلس الشورى والثانية للمكتب التنفيذي، وكلا المبادرتين تدعوان لتمثيل أكبر للشباب، لكن الخلاف حاصل حول كيفية تنظيم هذا القطاع (الشبابي) بما يحقق أكثر انتشار في فئة هشة من حيث حضورها في المشهد السياسي، فمبادرة شباب الشورى تحدثت عن ضرورة وجود قاعدي للشباب ولو ارتقى ذلك إلى منظمة وهذا كله يجب أن يُحسم عبر مؤتمر شبابي، والمبادرة التنفيذية كانت أكثر تحفظاً (إذا صح التعبير) حيث رأت أن يكون من خلال التوازن المنتخب في الهياكل (المؤسسات) أي عن طريق الهياكل وليس عن طريق الانتخاب المباشر». وأوضح أكثر بقوله «لم يتم إقرار تنظيم مؤتمر خاص بالشباب داخل الحركة، ولكن تمت مناقشته داخل مجلس الشورى، فالمجلس يضم أكثر من خمسة عشر شاباً دعوا لتنظيم مؤتمر عام للشباب يتحدث عن خياراتهم وسياساتهم لإيجاد أي صيغة تساعد الشباب على التنظم أو الانخراط في العمل السياسي، وكان هناك خلاف فارجأنا الأمر إلى الاجتماع المقبل للشورى للحسم بين الرأيين: أن نذهب إلى مؤتمر مفتوح بانتخاب قاعدي (للشباب) أو ندوة وطنية من خلال الهياكل. كما أننا تعرضنا إلى وضع الشباب في البلاد وحال التهميش والقلق والبطالة والوضع الاجتماعي الصعب الذي يعيشه، وطبيعة الأدوار التي يمكن أن تقوم بها الحركة من خلال شبابها في مساعدة الشباب التونسي على صنع أفق اجتماعي ودفعهم للمشاركة السياسية، مشيراً إلى أن ربع قيادات الحركة حاليا هم من الشباب و»هناك توصية لتكون النسبة 30 في المئة من هياكل الحركة من العنصر الشاب». وكان رئيس مجلس شورى حركة «النهضة» عبد الكريم الهاروني تحدث مؤخراً عن إمكانية دعوة أبناء النهضة إلى الاختيار بين العمل الحزبي أو الدعوي في أول تجسيد عملي لمقررات المؤتمر العاشر الأخير للحركة. إلا أن الشهودي أكد أن ما قاله الهاروني يأتي «من باب التذكير فهذا الأمر (الفصل بين السياسي والدعوي) موجود حاليا، وما قاله الهاروني الحديث موجه للقيادات وليس للقواعد، فهناك من أبناء الحركة من اختص بالسياسة ومنهم من انصرف للمسألة الاجتماعية وغادر السياسة، وثمة آخرون بصدد البحث عن مواقع، المسألة إذاً ترتيبية لا أكثر». وحول انضمام عدد كبير من الشخصيات السياسية والوطنية لحزب «نداء تونس» (شريط النهضة في الحكم) ضمن ما سماه البعض «إعادة ترميم الحزب»، قال الشهودي «أي وضع حزبي يذهب إلى التسوية، سواء كان شريكنا في الحكم أو في المعارضة، فهو وضع سليم للانتقال الديمقراطي، فنحن نريد أحزابا منظمة وقوية وديمقراطية وفيها تداول على المناصب، وهذا يؤمن استمرار الحالة الديمقرطية في تونس، ونحن سعداء بأي طرف حزبي ينتظم وتعمل مؤسساته بشكل جيد، لأن ذلك يساهم في استقرار الحالة الديمقراطية في تونس». وفيما يتعلق بتنظيم الانتخابات البلدية نهاية العام الحالي وإمكانية مشاركة «النهضة» مع «النداء» ضمن قائمات انتخابية مشتركة، قال الشهودي «ثمة اتجاه واضح حول تنظيم الانتخابات البلدية قبل نهاية العام وربما في آخر شهر كانون الأول (ديسمبر) المقبل، ونحن نفضل الاستعجال في إنجار ها الاستحقاق الانتخابي، بسبب الإلحاح الكبير من قبل الناس على الخدمات البلدية، وأعتقد أن هناك استعداداً جيداً لها من قبل هيئة الانتخابات». وأضاف «نحن لم نحدد السياسة الانتخابية حتى الآن (فيما يتعلق بآلية المشاركة بشكل منفرد أو مشترك مع النداء) ونحن بصدد تهيئة الحالة المحلية والجهوية حول هذا الأمر، وفيما يتعلق بسياسة التحالف أو التقاطع مع أكثر من طرف ففي اعتقادي أن الجانب المحلي سيكون أكثر دقة في اختيار توجهه، لأننا نتحدث عن منافسة في دائرة وفضاء وجمهور معين (محلي) وليس عن اتجاه وطني عام، والغالب أنه ستكون لنا سياسة في أكثر من وجهة وموقع، حتى نفتح الفرصة للمحليات والجهويات أن تختار ما يناسبها قصد الحصول على نتائج ممكنة للحركة، فالهدف المرسوم لنا هو النجاح في الانتخابات البلدية بأكثر عدد ممكن من المقاعد، وما يحقق هذا الهدف سنشتغل عليه محلياً وجهوياً ووطنيا». وكان عبد الرؤوف العيّادي رئيس حركة «وفاء» اتهم مؤخراً أطرافاً في الحكم (لم يحددها) بالوقوف خلف العملية الإرهابية الأخيرة في ولاية «قبلّي»، ملمحاً إلى احتمال وقوع عمليات أخرى قبيل الانتخابات البلدية. وعلّق الشهودي على ذلك بقوله «هذه مزايدة في غير موضعها، فموضوع محاربة الإرهاب هناك إجماع وطني حوله، وليس هناك حكومة في العالم لا تريد الانتصار على الإرهاب في وقت تكاد تكون فيه جميع مصالح البلاد الاقتصادية والسياسية معطّلة بسببه، فليس هناك حكومة يمكن أن تتقاعس عن مقاومة الإرهاب، ربما قد تنكفئ بشكل أو بآخر، ولكن هناك جهداً أمنياً وعسكرياً كبيراً ويحقق نجاحات لا بأس به من المسك الأمني في البلاد (تفكيك عشرات الخلايا وحماية البلاد من العمليات الإرهابية)».