بهدف دفع النمو الاقتصادي والنهوض بالاستثمار الذي لم يتطور بالنسق المطلوب مقارنة ببعض الدول الصاعدة، شرعت تونس خلال السنوات الأخيرة في إجراء إصلاحات اقتصادية جوهرية تهدف إلى تطوير مناخ الأعمال وتحسين تنافسية الاقتصاد الوطني للتكيف مع تحديات الاقتصاد العالمي ودعم قدرته على خلق الثروة واحداث مواطن شغل جديدة تمكّن من الحد من البطالة واستيعاب العاطلين عن العمل وخاصة أصحاب الشهائد. ومن أهم الإصلاحات التي قامت بها تونس في هذا الإطار، إصدار قانون جديد للاستثمار (القانون عدد 71 المؤرخ في 30 سبتمبر 2016) يعوّض مجلة تشجيع الاستثمارات لسنة 1993 التي شكّلت لأكثر من عقدين، الإطار القانوني العام للاستثمار ببلادنا. وبمناسبة صدور الأوامر التطبيقية لقانون الاستثمار ودخول الإطار القانوني الجديد حيز التنفيذ ابتداء من غرة أفريل 2017، تولّى وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي محمد فاضل عبد الكافي، يوم الثلاثاء 28 مارس 2017 خلال ندوة صحفية برئاسة الحكومة، عرض أهم خصائص الإطار القانوني والمؤسساتي الجديد للاستثمار والأهداف المرجوة منه، حيث بين ان القانون الجديد يهدف الى مزيد النهوض بالاستثمار الخاص وتشجيع إحداث المؤسسات وتطويرها خاصة عبر: . الرفع من القيمة المضافة والقدرة التنافسية والتصديرية والمحتوى التكنولوجي للاقتصاد الوطني على المستويين الإقليمي والدولي وتنمية القطاعات ذات الأولوية . إحداث مواطن الشغل والرفع من كفاءة الموارد البشرية، . تحقيق تنمية جهوية مندمجة ومتوازنة، . تحقيق تنمية مستدامة. كما يتضمن الإطار القانوني الجديد العديد من الإجراءات التي تكرس مبدأ حرية الاستثمار وذلك من خلال حذف عدة تراخيص تتعلق بالنشاط الاقتصادي لاسيما التراخيص الخاصة بالنفاذ إلى السوق إلى جانب ضبط آجال إسناد التراخيص وإقرار ضرورة تعليل الرفض واعتبار سكوت الإدارة بعد انقضاء الآجال ترخيصا فضلا عن مراجعة كراسات الشروط وتبسيط الإجراءات الإدارية لفائدة المستثمر. كما يضمن الإطار القانوني الجديد للمستثمر حرية التقاضي واللجوء إلى التحكيم في صورة عدم التوصل إلى حلول صلحية، إلى جانب تكريس مبدأ حرية تحويل الأموال إلى الخارج بالنسبة للمستثمرين الأجانب. ويعمل الإطار القانوني الجديد للاستثمار على تكريس مبدأ حرية انتداب الإطارات الأجنبية في حدود 30 بالمائة من جملة إطارات المؤسسة خلال السنوات الثلاث الأولى لانطلاق المشروع مع اعتماد برنامج تونسة ابتداء من السنة الرابعة. أمّا بالنسبة لحوافز الاستثمار، بين وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي ان الإطار القانوني الجديد يتضمن عدة حوافز لفائدة الاستثمار أهمّها: - منح الاستثمار التي تستهدف مناطق التنمية الجهوية والقطاعات ذات الأولوية والمتعلقة بالمنظومات الاقتصادية وكذلك بمصاريف البنية الأساسية بعنوان التنمية الجهوية، - منحة القطاع الفلاحي والصيد البحري: وتتراوح هذه المنحة من 15% للمشاريع المتوسطة والكبرى و30% للمشاريع الصغرى مع سقف ب 1 م د، بالإضافة إلى منحة خصوصية بعنوان الاستثمارات المادية للتحكم في التكنولوجيات الحديثة وتحسين الإنتاجية والمقدرة ب55% من كلفة الاستثمارات مع سقف ب 500 ألف دينار بالنسبة للاستثمارات من صنف "أ" في الفلاحة والصيد البحري وتربية الأحياء المائية وإلى 60% بالنسبة إلى الشركات التعاونية. - منح الأداء الاقتصادي المتعلقة بالاستثمارات المادية للتحكم في التكنولوجيات الحديثة وتحسين الإنتاجية والاستثمارات اللامادية ومصاريف البحث والتطوير ومصاريف تكوين الأعوان الذي يؤدي إلى المصادقة على الكفاءات، - منحة تطوير القدرة التشغيلية ،تكفل الدولة بمساهمة الأعراف في النظام القانوني للضمان الاجتماعي بعنوان الأجور المدفوعة للأعوان من ذوي الجنسية التونسية المنتدبين لأول مرة وبصفة قارة.كما تتكفل الدولة بنسبة من الأجور المدفوعة للأعوان التونسيين حسب مستوى التأطير في كل الأنشطة غير الأنشطة المستثناة من حوافز التنمية الجهوية. - منحة التنمية المستدامة ب 50% من قيمة مكونات الاستثمار المصادق عليها مع سقف بثلاثمائة (300) ألف دينار (مشاريع معالجة التلوث المائي والهوائي الناجم على نشاط المؤسسة، مشاريع اعتماد التقنيات النظيفة وغير الملوثة الرامية إلى التقليص من التلوث من المصدر أو التحكم في استغلال الموارد،التجهيزات الجماعية المشتركة لإزالة التلوث من قبل متدخل عمومي أو خاص لحساب عدد من المؤسسات التي تمارس نفس النشاط أو تفرز نفس التلوث) وبخصوص الجانب المؤسساتي، فقد تم بمقتضى القانون الجديد والأمر الحكومي المتعلق بحوكمة الاستثمار اعتماد منظومة مؤسساتية جديدة للاستثمار تتكون أساسا من: - مجلس أعلى للاستثمار ، يترأسه رئيس الحكومة ويتكون من الوزراء المعنيين بالاستثمار إلى جانب محافظ البنك المركزي التونسي. ويهدف هذا المجلس الذي يعوض اللجنة العليا للاستثمار إلى ضبط سياسة وإستراتيجية وبرامج الدولة في مجال الاستثمار خاصة من خلال تقييم سياسة الاستثمار واتخاذ القرارات الضرورية للنهوض بمناخ الأعمال وإقرار الحوافز لفائدة المشاريع ذات الأهمية الوطنية وإبداء الرأي في مشاريع النصوص التشريعية والترتيبية المتعلقة بالاستثمار. - هيئة تونسية للاستثمار ، تتولى أساسا: - اقتراح السياسات والإصلاحات بالتنسيق مع القطاع الخاص، - توجيه وإرشاد المستثمر والنظر في مطالب الانتفاع بالمنح بالنسبة للمشاريع التي تتجاوز كلفتها 15 مليون دينار، - إسناد التراخيص وفق الشروط الواردة بأحكام الفصل 4 من قانون الاستثمار، - تلقي عرائض المستثمرين والعمل على حل الإشكاليات المطروحة بالتنسيق مع مختلف الهياكل المعنية، - دراسة وتقييم المشاريع ذات الأهمية الوطنية وعرضها على المجلس، - تجميع المعلومات حول الاستثمار ونشرها وإعداد التقارير التقييمية المتعلقة بالاستثمار، - إمضاء اتفاقيات مع الهياكل والمؤسسات المعنية بالاستثمار. v صندوق تونسي للاستثمار ، تعهد له مهام : صرف منح الاستثمار، الاكتتاب في الصناديق المشتركة للتوظيف في رأس مال تنمية وصناديق ذات رأس مال تنمية من خلال: - إحداث صناديق مساعدة على الانطلاق وصناديق تنمية في كل جهة، - إحداث صناديق في القطاعات ذات الأولوية. وتسعى تونس من خلال الإطار القانوني الجديد للاستثمار والإصلاحات الهيكلية الاقتصادية الأخرى على غرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص لسنة 2015 والقانون المتعلق بالاستثمار في الطاقات المتجددة لسنة 2015 والقانون الجديد المتعلق بمراجعة منظومة الامتيازات الجبائية لسنة 2017، إلى تغيير النمط الاقتصادي الحالي الضعيف واعتماد نمط اقتصادي جديد يرتكز على النجاعة والمردودية عبر تطوير الاستثمارات في القطاعات المجددة والقطاعات ذات القيمة المضافة العالية التي من شأنها تحسين القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني والحد من البطالة والتقليص من التفاوت الجهوي.