- زيارة الشاهد إلى الجنوب إهانة - الشاهد مسيطر عليه من قبل المافيات المالية والاقتصادية خطاب رئيس الجمهورية اليوم.. الرسالة التي وجّهها إليه ودعوته إلى تغيير الحكومة... قانون المصالحة... والدعوات إلى انتخابات تشريعية مبكرة فضلا عن أبرز الإشكاليات التي تواجه الحكومة الحالية هي أبرز المواضيع التي تحدث عنها المؤرخ عبد الجليل التميمي في حوار خص به "الصباح" حيث اعتبر التميمي أنه من الضروري اليوم تغيير حكومة يوسف الشاهد وتعيين رئيس حكومة جديد يكون اقتصاديا بالدرجة الأولى مشيرا في السياق ذاته إلى انه يأمل أن يعانق رئيس الجمهورية من خلال خطابه اليوم التاريخ وأن يعلن عن تغيير الحكومة.. وفيما يلي نص الحوار: ما هي الأسباب التي دفعتك إلى توجيه رسالة إلى رئيس الجمهورية طالبت من خلالها بتغيير الحكومة لا سيما أن البعض يعتبر أن الإشكالية لا تكمن في الأشخاص؟ -كمتابع للشأن العام لاحظت تنصل جميع الأحزاب السياسية من ذكر اسم يوسف الشاهد حيث لم يتجرأ أحد على المطالبة بتغييره. ومن موقعي لديّ رؤية معينة: إذا لم يستجب شخص ما لخصوصيات هذه الوظيفة عليه أن يتنحّى. وفي ظل صمت الجميع باستثناء بعض الأفراد غير الوازنين اعتبرت أن الوقت قد آن كي ننبه إلى أن الشاهد لم يعد القوة الفاعلة في هذا البلد وبالتالي استوجب تغييره. يستشف من إجابتك أن الإشكالية تكمن في شخص الشاهد: أين اخطأ الرجل؟ - لطالما قلت وأكدت أن رئيس الحكومة يجب أن يكون رجلا اقتصاديا لان بلادنا تعيش أزمة اقتصادية تستوجب رجلا لديه الكفاءة والوعي الدقيق بهذا الوضع. دعوت في مؤسسة التميمي تقريبا جل الاقتصاديين وجميعهم يؤكدون بأنه لا مخرج لنا إلا برجل يملأ هذه الوظيفة ويكون اقتصاديا بالدرجة الأولى. زيارة الشاهد إلى الجنوب تعتبر إهانة ليست له وإنما لنا: أي للشعب، لأنه فعلا رجل غير متخصص ولم يكن ناضجا لهذه المسؤولية السياسية العليا في البلد. أنا لست ضد الشاهد، ولكن لنضمن سلامة القرارات التي ستتخذ مستقبلا عبر تعيين رجل واعي بآليات الأزمة الاقتصادية. هل تفاعلت مؤسسة رئاسة الجمهورية مع رسالتك؟ -أرسلت هذه الرسالة باللّغتين العربية والفرنسية لم أتلق ردا مباشرا باستثناء أول أمس حيث تمت دعوتي إلى حضور الخطاب الذي سيلقيه رئيس الجمهورية اليوم. على ذكر الخطاب يتطلع كثيرون إلى ما سيقوله اليوم رئيس الجمهورية هل تتوقع أن يعلن عن قرارات هامة لاسيما أن البعض اعتبر أن السبسي قد يقترح استفتاء شعبيا حول قانون المصالحة ما رأيك؟ -أتمنى أن يعانق رئيس الجمهورية اليوم التاريخ ويستجيب لأبسط حقوق المواطنين اليوم عن طريق رؤية جديدة للعلاقات بين رئاسة الجمهورية ومستلزماتها وبين متطلبات الشعب. كل ما نأمل أن يأخذ رئيس الجمهورية بعين الاعتبار تغيير هيكل الحكومة وتعيين رئيس حكومة اقتصادي بالدرجة الأولى، عكس ذلك فإننا سندور في حلقة مفرغة من المرجح أن تقوم الحكومة في قادم الأيام بأجراء تحوير وزاري هل تراه ناجعا؟ -هذه ترقيعات لا يمكن أن تغنينا عن حتمية هيكل جديد للدولة من خلال عدد ضئيل من الوزراء. أنا اقترحت تكوين فريق حكومي جديد يتضمن 12 وزيرا يكونون ذوي كفاءة ومعرفة وغير متحزبين. مشكلتنا أننا نختار أشخاصا لنرضي الأطراف الحزبية وهذا الخطأ الكبير للباجي قائد السبسي وللشاهد. نحتاج إلى رئيس حكومة جديد اقتصادي بالدرجة الأولى وهجومي تكون له قوة الحسم نحن نحتاج إلى قرارات استثنائية وليست إلى قرارات عادية لأننا نعيش في وضع استثنائي، نحتاج إلى وزراء استثنائيون ورئيس حكومة استثنائي ويكون هجوميا لا يخشى الأحزاب تهمه المصلحة العليا للبلد. لكن يعتبر البعض أن البلاد يحكمها صراع المصالح والمافيات واللوبيات بما يجعل أي رئيس حكومة يواجه إشكاليات؟ -وهنا تكمن قوة رئيس الحكومة، إذا أراد أن ينقذ البلاد عليه أن لا يحتكم إلى أي عوامل بما في ذلك المافيات وإنما المصلحة العليا للبلاد. لا أعتقد أن الشاهد يستطيع أن يتجاوز ذلك فهو مسيطر عليه من قبل المافيات المالية والاقتصادية. ألا ترى أن الشاهد على حد قول البعض ضحية فريقه الحكومي ومستشاريه؟ - مما لا شك في ذلك، إن اختيار المستشارين في الوزارة الأولى كان اختيارا سيئا في ظل غياب منسّق لعمل الدولة. نحن نحتاج إلى وزراء ومستشارين لا يتراجعون عن قول الحقيقة. اقترحت على الشاهد تكوين لجنة مضيقة صلب رئاسة الحكومة تتكون من أربعة وزراء متخصصين يضعون ورقة عمل فاعلة. ثم إن رؤية وسياسة الباجي قائد السبسي هي التي تأخذ بعين الاعتبار.عندما تعين رئيسا للحكومة يفترض انه لا شيء يهم عدا مصلحة البلاد ومصلحة الثورة. وأنا اعتقد أن تعيين الشاهد لم يكن في صالح الثورة على الإطلاق في ظل الصراعات الحاصلة صلب نداء تونس ثم سيطرة النهضة على الدولة فهي الماسكة بمفاصل الدولة. هي "راقدة في الخط" لكنها هي التي تسيطر وتهيمن وتوجه. يعتبر البعض أن هناك أطرافا تسعى إلى بث الفوضى بهدف إسقاط الحكومة: ما تعليقك؟ -لا هذه انتهازية سياسية في غير محلّها، فالوضع وصل إلى درجة لم يعد يقبله التونسيون والتونسيات: مأزق مع فوضى إدارية فضلا عن عدم أخذ القرار الصائب في الوقت المناسب. لنتحدث عن قانون المصالحة ما رأيك في الجدل الحاصل بشأنه ؟ -لا جدال في أننا دعاة مصالحة وأنا شخصيا أنادي بذلك لكن هذه المصالحة لها أصول وتراتيب، فمن غير المعقول عدم محاسبة من ابتزّ أموال الشعب، نحن ننادي بصدق كل من ابتز أن يعتذر وان تسترجع الدولة أموال الشعب وان تكون لدينا عدالة ولكنني اشك في أن تكون لدينا عدالة حاسمة. لذلك اقترحت في صورة عدم توفر قضاة الاستعانة بآخرين دوليين للحسم في هذه المسألة. وبالتالي هذا التردد والتراكم وعدم الحسم في اتخاذ القرارات ومحاكمة الذين ابتزّوا هو الذي عطّل المصالحة وسيعطّلها إلى الأبد. في حال تمرير قانون المصالحة ما هي السيناريوهات المطروحة؟ -الدولة عليها أن تعلن أنها لا تبغي شيئا سوى العدالة الاجتماعية. وتأخذ بعين الاعتبار مصلحة الشعب التونسي الذي ابتزّت ثرواته. الدولة عليها أن تغير أولا من جدلية إعداد هذه الوثيقة الجديدة للمصالحة.وان تقول نعم نريد المصالحة مع قياداتنا ومع شعبنا مع فسح المجال لرؤوس الأموال كي تعمل وتستثمر في البلاد لكن قبل كل شيء، عليهم أن يعترفوا وان يسترجعوا أموال هذا الشعب. وفي صورة عدم حصول ذلك فإننا سندور في حلقة مفرغة ولن نخرج من هذا المأزق على امتداد سنتين. هناك من يعتبر أن الانسداد الحاصل في علاقة بالتفاعل بين مختلف مؤسسات الدولة مرده الدستور الحالي وصعوبة تجسيمه على أرض الواقع ما رأيك؟ -صحيح، تحدثت مع أهم خبير في القانون الدستوري في هذا المجال وأشار إلى أن هذا الدستور يحتاج إلى إعادة نظر فهو يتضمن أخطاء خطيرة جدا ولا يمكن قبول الدستور بهذه المزالق. انا لا أدعو إلى إعادة تغييره وإنما تحتاج بعض بنوده إلى توضيح وإلى إعادة هيكلة حتى تستجيب إلى ما نحتاج إليه اليوم. هذا الدستور بشكله الحالي لا يتوافق مع أهداف المصالحة العليا للبلد. ما رأيك في الدعوات التي تطالب بانتخابات تشريعية مبكرة؟ -هذه دعوات سياسية مبيّتة وغير سليمة ولها أهداف غير أمينة على الإطلاق، أنا شخصيا لا أدعو إلى ذلك فقد حددت الانتخابات البلدية في موعدها ولا ندعو إلى انتخابات تشريعية أو رئاسية مبكرة. لنمر من هذه الوضعية عبر مراحل لإنقاذ البلاد. المرحلية تقتضي تغيير هذه الصورة عبر تعيين أشخاص أكفاء وروح وطنية جديدة. لا بد أن نبثّ عن طريق الإعلام مضامين جديدة للوطنية. ثم إننا نحتاج إلى تجذير جديد للإعلام على الإعلام أن تكون أجندته وطنية ألف بالمائة فضلا عن ضرورة تشبيب هيكل الإعلام. أثارت إقالة وزير التربية السابق ناجي جلول جدلا كبيرا ما رأيك؟ -ناجي جلول رجل فاعل وناضج ويريد أن يصلح البلد ولا أشك في أن مبادرته للإصلاح التربوي ايجابية، ولكن ما يؤلمني حقا هو تدخل النقابة وهي المؤسسة المهنية وتطالب بإقالة ناجي جلول وهو ما اعتبره أكبر وأجرم خطأ يرتكبه الاتحاد في حق صيرورة العمل السياسي. ثم أكثر من ذلك طريقة إقالته التي كانت مساء يوم عطلة، هذا هو الغباء بعينه من طرف الشاهد ومن طرف الاتحاد. انا أنزّه الاتحاد أن لا ينزلق وراء هذه الرهانات الخاسرة. منال حرزي