أنقذت باخرة لشحن البضائع مهاجرين تائهين في البحر المتوسط، هربوا من واقع العنف في طرابلس الليبية. أحمد الغزالي مغربي مقيم في ليبيا منذ 20 عاما هو أحد المهاجرين غير الشرعيين الذي توجه برفقة عائلته وحوالي 70 شخصا آخر على متن قارب خشبي إلى إيطاليا. وكان مصير هذه الرحلة التي نظمها أحد مهربي البشر الليبيين الموت، لو لم تنقذهم أحد السفن التجارية في 16 بعد وصوله إلى إيطاليا شارك أحمد تفاصيل رحلته مع "مهاجرنيوز": "لا يحق لك أن تناقش المهرب، عليك أن تقبل الواقع كما هو" كنت مقيما في طرابلس مع عائلتي وابنتين أعمل في صالون حلاقة. لكن مع اشتداد وتيرة العنف وحالات الخطف والابتزاز بالمال، لم يكن لدي خيار إلا التوجه إلى أوروبا خوفا على عائلتي وأطفالي. اضطررت إلى بيع ممتلكاتي بثمن رخيص حتى أستطيع تأمين المبلغ الذي يطلبه المهرب 12 ألف دينار (ما يقارب 8500 دولار). بدأت الرحلة بالتوجه إلى ضواحي صبراته حيث تنشط شبكات تهريب البشر. كنا 10 عائلات نتشارك شقة صغيرة بانتظار موعد انطلاق الرحلة عبر البحر. كانت الأوضاع سيئة جدا في الشقة، فالمياه لا تصلح للاستحمام والمرحاض غير صالح للاستخدام، فانتشر القمل وكثرت المشاكل بين المهاجرين. كنا في حالة مزرية لكن هناك أنت لا يحق لك أن تناقش الوضع، عليك أن تقبل بالواقع كما هو. في صبراته، تنشط العصابات التي تعمل على خطف الأشخاص وابتزاز المهرب الذي يضطر لدفع مبلغ مالي معين لإطلاق سراح المهاجرين. المهرب يضطر لدفع الفدية المالية حتى يتمكن من الحفاظ على سمعته ويتابع تسيير رحلات المهاجرين. وبعد مرور حوالي أسبوع تم تحديد موعد الرحلة. كنا حوالي 80 شخصا من أطفال ونساء على متن قارب خشبي ويرافقنا قارب آخر من المسلحين الذين يتعاملون مع المهربين. تقتصر مهمتهم على حمايتنا من باقي العصابات التي تكون متواجدة في البحر وتعمل على سرقة القوارب ويقدمون لنا الدعم والإرشادات. وبعد انطلاق القارب، اصطدم المحرك ربما بحاجز صخري وبدأت المياه تتدفق إلى داخل القارب. كان الرعب ينتاب الجميع والصراخ يملأ المكان لكن المسلحين أصروا على أن نكمل رحلتنا. أحد الراكبين قام بالاتصال مع المهرب بشكل مباشر الذي أمر المسلحين بأن يسمحوا لنا بالعودة، كما التقينا بخفر السواحل الليبية الذي أمرنا بالعودة لأن البحر هائج. تعد ليبيا وجهة عدد كبير من المهاجرين القادمين خاصة من دول جنوب الصحراء الأفريقية، عن طريق شبكات من المهربين موجودة في السودان والنيجر تتعاون مع شبكات تهريب أخرى موزعة داخل المدن الليبية. وتنطلق رحلات التهريب من الشواطئ الليبية غرب البلاد خاصة صبراته ومصراتة وزوارة. ومع تزايد أعداد المهاجرين شكل المجلس البلدي في صبراته العام 2016 فريقا لإنتشال جثث المهاجرين. وتواجه السلطات الليبية صعوبات في ضبط الحدود البحرية التي تتجاوز 1800 كم. عدنا إلى الشقة في صبراته بانتظار أن تهدأ الأحوال الجوية. بعد مرور حوالي الشهر، حان موعد المحاولة الثانية للتوجه إلى إيطاليا. كنا حوالي 80 شخصا من الأطفال والنساء وخلفنا قارب آخر على متنه أيضا حوالي 80 شخصا من الشباب المهاجرين. وكان يرافقنا قاربان آخران لمسلحين يتعاملون مع المهرب. وعند اقترابنا من حدود المياه الإيطالية، عاد المسلحون أدراجهم وتابعنا الرحلة. واجهتنا مشاكل عديدة في البحر وصباح اليوم التالي صادفتنا باخرة شحن لنقل البضائع قامت بمساعدتنا، لكنها لم تكن مهيئة لإنقاذ المهاجرين. فلم يكن هناك مكان للنوم ولا توجد أغطية أو أي نوع من المستلزمات (فرانس 24 )