بثت التلفزة الوطنية ليلة الجمعة شهادة لعماد الطرابلسي صهر الرئيس المخلوع، شهادة سجلتها هيئة الحقيقة والكرامة داخل سجن المرناقية في إطار الاستماع إلى المتورطين في منظومة الفساد المالي داخل النظام السابق بعد أن تم الاستماع سابقا إلى شهادات عدد من الضحايا. شهادة عماد الطرابلسي لم تكن شهادة عادية، سواء من حيث المعلومات التي قدمها من سجنه، أو في علاقة بتوقيت عرضها خاصة وأن مضمونها تطرق إلى الفساد المالي والإداري، والحال أن البلاد تعيش على وقع مشروع قانون المصالحة المثير للجدل والذي قسم التونسيين بين رافض ومساند لهذا القانون. تجاوزات وخروقات صهر الرئيس المخلوع، دعا إلى طي صفحة الماضي، مطالبا بمعاملته بالعدل والمساواة، معبرا عن استعداده للاعتذار لكل من اخطأ في حقهم، كما كشف عماد الطرابلسي النقاب عن التجاوزات التي اقترفها مستغلا قرابته بالرئيس المخلوع، مستعرضا المجالات التي اشتغل بها وقام فيها بمخالفات في حق الدولة والشعب وقال في هذا السياق «كنا نستعمل القانون مطية ونادرا ما نقترف تجاوزات على مستوى الوثائق وإن التدخلات تتركز بالخصوص على التسريع في الإجراءات وتعطيل ملفات المنافسين». كما تطرق الطرابلسي إلى مسألة تواطؤ مسؤولين في الديوانة للسيطرة على سوق بيع الموز، وذلك مقابل مبالغ مالية متفاوتة، واحتكار 30 بالمائة من سوق المشروبات الكحولية، مبينا أن التجاوزات لم تقتصر على عائلة الطرابلسي بل كانت تطال مؤسسات اقتصادية كبرى ومنها من كان يعرض عليه الشراكة لاستغلال صفته ونفوذه، مشيرا إلى أن منظومة الرشاوى والمحاباة والفساد مازالت تعمل إلى حد الآن وفق قوله. وعلى صعيد متصل تحدث صهر الرئيس المخلوع عن الفساد المتعلق بالصفقات العمومية وتوظيف أجهزة الدولة لخدمة مصالح عائلة الرئيس وأصهاره، مؤكدا أن العديد من السياسيين الموجودين اليوم في مناصب هامة ضالعون في عمليات التهريب وتورطوا معه في الفساد المالي وبعد الثورة أسسوا جمعيات ومنظمات مدنية ورياضية. علاقة الشهادة بقانون المصالحة مجمل ما قاله عماد الطرابلسي في شهادته أمام هيئة الحقيقة والكرامة، أثار العديد من ردود الأفعال المتباينة خاصة وأن شهادته تتزامن مع الجدل الذي أثاره مشروع قانون المصالحة، وفي هذا السياق اعتبر القيادي في التحالف الديمقراطي محمد الحامدي في تصريح ل»الصباح» أن شهادة صهر الرئيس المخلوع مهمة لأنها كشفت عينة مما تريد السلطة الحاكمة اليوم إخفاءه وطي صفحته، من شبكات متشعبة من الفساد التي مازالت تنخر البلاد، وجاءت هذه الشهادة لتؤكد أن رموز الفساد لم تسقط ومازالت تنشط إلى اليوم، معتبرا أن المعطيات التي كشفها عماد الطرابلسي هي مادة مهمة يجب استغلالها في عملية تفكيك شبكة الفساد، مشيرا إلى أن هذه الشهادة ستخدم مسار التصدي لمشروع المصالحة الاقتصادية وفضحت من يريدون تمرير هذا القانون، على حد تعبيره. من جهته اعتبر الناطق الرسمي لحركة مشروع تونس حسونة الناصفي في تصريح ل «الصباح» أن توقيت شهادة عماد الطرابلسي يطرح أكثر من تساؤل، مؤكدا أن اختيار الوقت من قبل هيئة الحقيقة والكرامة لبث هذه الشهادة غير بريء وهي محاولة للتشويش على مناقشة مشروع قانون المصالحة الذي سيعرض على مجلس نواب الشعب، مشيرا إلى أن ما صرح به الطرابلسي لا معنى له خاصة وأن صهر بن علي غير مشمول بقانون المصالحة، إضافة إلى أن هذه الشهادة قدمت جزءا بسيطا من عدة حقائق، ولا يمكن أن تكون محل ثقة لأنها جاءت في سياق سياسي واجتماعي معين وهو ما افقدها مصداقيتها، وفق تعبيره. على صعيد متصل قال المحلل السياسي عبد اللطيف الحناشي في تصريح ل»الصباح» شهادة عماد الطرابلسي أحرجت مختلف الأطراف الداعية إلى المصالحة لأنها تحتوي على معطيات تمس أمن الدولة، كما أنها أحرجت الحكومة التونسية في علاقة بالرسائل الموجهة إليها من خلال هذه الشهادة، رسائل مفادها أن الحكومة مدعوة إلى مراجعة نفسها وكشف الفاسدين المتواجدين في دواليب الدولة، إضافة إلى ذلك فقد وجدت هيئة الحقيقة والكرامة الشرعية في التقرير الأخير لمجموعة الأزمات الدولية لعرض شهادة الطرابلسي التي جاءت لتؤكد تواصل منظومة الفساد إلى اليوم خاصة وأن صهر بن علي كشف بالتلميح أو مباشرة أسماء أشخاص يشغلون مناصب هامة في الدولة وشخصيات عامة لها وزنها في الشارع التونسي». وجيه الوافي