تعيش البلاد جملة من التقلبات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ويبدو أن نار الاضطرابات الاجتماعية تأبى أن تخمد في خريف ينذر بارتفاع حدّة الاحتجاجات القطاعية قبل وبعد نهاية 2017. وان كانت التحركات المقررة خلال الفترة القادمة مختلفة في أسبابها الا أنها تشترك في المطلبية الاجتماعية والاقتصادية، ورغم أن مشروع قانون المالية لسنة 2018 مازال لم يعرض بعد على أنظار مجلس نواب الشعب للمناقشة والمصادقة إلا أن العديد من القطاعات لوحت بتنفيذ إضرابات واحتجاجات خلال الفترة القادمة ستزيد في احتقان الوضع. بداية الشهر المقبل ستعرف موجة اضرابات قطاعية حيث يدخل عمال النفط والمواد الكيميائية في إضراب عام يشمل 26 مؤسسة وذلك يوم 1 نوفمبر بسبب ما آل إليه الوضع في ملف شركة «ستيب» حيث طالب اتحاد الشغل الحكومة بتحقيق عاجل وشامل حول ما وصفه بملابسات عملية التفويت وما حام حولها من شبهات فساد وتلاعب. إضراب آخر مقرر أيام 2، 3 و 4 نوفمبر القادم دعت إليه الجامعة العامة لنقل المحروقات ونقل البضائع عبر البر، يأتي على خلفية ما اعتبره الطرف النقابي تنكر اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية للاتفاق الخاص بالزيادة في أجور عمال هذا القطاع، الذي يشغل حوالي 13 ألف عامل. بدوره قطاع المسابك والتعدين والبناءات الميكانيكية الذي يمس شريحة واسعة من التونسيين والذي يوفر آلاف مواطن الشغل سيخوض إضرابا عاما منتصف نوفمبر القادم وتحديدا أيام 15، 16 و17، نتيجة عدم امضاء الملحق التعديلي للزيادة في الأجور بعد فشل المفاوضات بين اتحاد الشغل ومنظمة الأعراف، وإحالة الملف على اللجنة المركزية للمفاوضات التي ستنعقد يوم 2 نوفمبر. من جهتهم اطباء القطاع الخاص لوحوا بالتصعيد من خلال تنفيذ «يوم غضب» خلال شهر ديسمبر المقبل يليه إضراب عام قطاعي لم يقع بعد تحديد موعده، وذلك احتجاجا على ما اعتبروه تلكؤ الصندوق الوطني للتأمين على المرض في تأخير خلاص مستحقات الأطباء التي تعدت ال 5 أشهر اضافة الى عدم تحيين ومراجعة الأتعاب التعاقدية المجمدة منذ 2008، اضافة الى تواصل ما وصفته نقابتهم بالضغط الجبائي على أطباء القطاع الخاص والزيادات المقررة في مشروع القانون الجديد للمالية لسنة 2018، خاصة الزيادة في الأداء على القيمة المضافة للمرض والمطالبة بتشريك الطرف النقابي في صياغة النصوص التطبيقية لقوانين المالية وخصوصا منها القانون التكميلي لسنة 2014، ويذكر أن العمال والاطارات شبه الطبية بالمصحات الخاصة كانوا قد نفذوا منتصف الشهر الجاري إضرابا عاما قطاعيا بكافة المصحات الخاصة، وذلك بسبب عدم تفعيل الزيادة في أجورهم بعنوان سنتي 2106/2017. وتأتي جملة هذه التحركات الاجتماعية بعد التقرير الأخير للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الذي أكد أن التحركات الاحتجاجية خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2017 تجاوزت 8 آلاف احتجاج، بما يعني أن الوضع العام يسير نحو مزيد من التأزم في ظل احتجاجات واضرابات على الأبواب تسبق مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2018 الذي يتضمن اجراءات ضريبية قاسية عادة ما تثير موجات تحركات قطاعية. وجيه الوافي