لم يستبعد مراقبون وتقارير لمؤسسات دولية أن تزيد الأزمة الخليجية من حدة الضغوط التي تواجهها اقتصادات دول الخليج بفعل تدني أسعار النفط في الأسواق العالمية. فقد حذر صندوق النقد الدولي من أن استمرار الأزمة الخليجية لمدى أطول قد يضعف النمو بمنطقة الخليج، في حين أكد اقتصاديون أن هذه الأزمة التي ستدخل شهرها الخامس أثرت على نفسية المستثمرين وتسببت في تراجع جاذبية المنطقة، مما ستكون له آثار سلبية على أداء اقتصادات دولها. وقال تقرير لصندوق النقد الدولي الثلاثاء الماضي إن «استمرار الأزمة قد يضعف توقعات النمو على المدى المتوسط، ليس فقط في قطر، بل أيضا في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى»، مضيفا أن ذلك «قد يؤدي إلى إضعاف الاستثمارات والنمو». وتأتي هذه التحذيرات في وقت توقع الصندوق أن يصل النمو الكلي في دول التعاون الخليجي إلى أدنى مستوياته على الإطلاق عند 0.5% في 2017 مع تخفيض الإنتاج النفطي طبقا للاتفاق الذي تقوده منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، على أن يرتفع مجددا في 2018 إلى 2.2%. واعتبر المدير العام لشركة نماء للاستشارات المالية طه عبد الغني أن الأزمة الخليجية أدت إلى هروب رؤوس الأموال وتراجع الجاذبية الاستثمارية بدول المنطقة، وهو ما ستكون له آثار سلبية على معدلات النمو. وقال للجزيرة نت «ليس صندوق النقد الدولي وحده من حذر من التأثيرات السلبية للأزمة الخليجية على النمو الاقتصادي بالمنطقة، بل كانت هناك تحذيرات أخرى وردت بتقارير دولية وتوقعات العديد من المحللين الماليين». رسائل سلبية وأضاف عبد الغني أن «الأزمة الخليجية تسببت في هروب رؤوس الأموال نحو الخارج وتراجع الجاذبية الاستثمارية بفعل الخوف من أن تتطور هذه الأزمة إلى مدى أبعد، وفرض دول الحصار عوائق تجارية وأخرى على حركة النقل والتحويلات المالية». ولفت إلى أن دول المنطقة وجهت جزءا معتبرا من مواردها نحو الدفاع والتسلح لمواجهة أي تداعيات محتملة لهذه الأزمة، في وقت كان عليها أن توجه هذه الموارد إلى تطوير البنية التحتية وتكريس التنمية المستدامة. كما نبه إلى أن هذه الأزمة بعثت برسائل سلبية للمستثمرين في الخارج، مما قلب توقعات المحللين من اعتبار المنطقة شبه مستقرة إلى منطقة على درجة عالية من المخاطر. من جهته رأى المحلل الاقتصادي ناصر آل شافي أن الأزمة الخليجية كانت لها تأثيرات مباشرة على نفسية المستثمرين سواء المحليين أو الأجانب. وقال للجزيرة نت «إذا كان من الصعب تقدير حجم انعكاسات الأزمة على اقتصادات دول الخليج في الوقت الراهن، لكن تأثيراتها النفسية كانت كبيرة، وتجلى ذلك في تأرجح أداء البورصات وتدفقات رؤوس الأموال». وأضاف «لا يمكن الحكم على أداء المؤشرات الاقتصادية لدول الخليج في الوقت الحاضر بعد مرور خمسة أشهر على هذه الأزمة، لكن كان لها دور واضح في التأثير على اقتصادات دول المنطقة وليس على قطر وحدها». الاكتفاء الذاتي واعتبر آل شافي أن الأزمة كان لها جوانب إيجابية، حيث دفعت إلى التسريع في وتيرة تنويع قاعدة الاقتصاد القطري، وتحويل الاتجاه نحو الاستثمار في القطاعات الزراعية لتحقيق الاكتفاء الذاتي، علاوة على توجيه الاهتمام نحو بناء المستقبل وفق رؤية داخلية أكثر من الارتهان إلى التفكير ضمن منظومة دول مجلس التعاون الخليجي. وسبق للمسؤول بصندوق النقد الدولي محمد القرشي أن حذر هو الآخر في اوت الماضي من أن الأزمة الخليجية قد تترك أثرا خطيرا بالمنطقة في نهاية المطاف. وقال وقتها «في الأجل الطويل، قد تؤدي الأزمة الدبلوماسية إلى إضعاف الثقة وخفض الاستثمار والنمو في قطر وربما أيضا في دول أخرى بمجلس التعاون الخليجي». بيد أن المدير الإقليمي لصندوق النقد في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى جهاد أزعور قال لوكالة الصحافة الفرنسية قبل أيام إن «آثار الخلاف الدبلوماسي (...) على اقتصاد قطر محدودة، وآثاره على المنطقة معدومة». وأضاف «حتى الآن، لا توجد مؤشرات على أن الخلاف الدبلوماسي أثّر على النمو في مجلس التعاون الخليجي»، موضحا أن «هناك آثارا محدودة جدا على التجارة وآثارا شبه معدومة على أسعار النفط». وفرضت السعودية والإمارات والبحرين إلى جانب مصر حصارا بريا وبحريا وجويا على قطر منذ الخامس من جوان الماضي.