أغلقت مكاتب الاقتراع في الانتخابات البلدية بالجزائر، مساء الخميس، أبوابها وانطلقت عمليات الفرز في انتظار إعلان وزارة الداخلية النتائج المؤقتة، غدا الجمعة. وأدلى الجزائريون باصواتهم، الخميس، وسط إقبال ضعيف لاختيار أعضاء مجالس البلديات والولايات بعد حملة انتخابية عكست أجواء التباطؤ الإقتصادي والفتور الاجتماعي. وقال محمد (30 عاما) العاطل عن العمل إنه لن يتوجه إلى مركز الاقتراع مؤكدا "لن أنتخب فذلك لن يفيد شيئا لأن الأمور لن تتغير" ثم "أن الشيوخ لا يريدون ترك السلطة". ونسبة المشاركة هي التحدي الوحيد في الانتخابات إذ إن حزبي جبهة التحرير الوطني الحاكم منذ استقلال البلاد في 1962 وحليفه التجمع الوطني الديمقراطي، هما الوحيدان اللذان لديهما تمثيل في كل أنحاء الجزائر، وهما الأوفر حظا للفوز باغلبية المقاعد، بحسب مراقبين. ولم يتمكن اي حزب من المعارضة الرئيسية من تقديم مرشحين سوى لأقل من نصف المجالس البلدية، لعدم انتشارها في كامل البلاد، ولكن أيضا بسبب العراقيل الإدارية التي واجهتها لتشكيل قوائم مرشحيها في بعض الولايات (المحافظات). وبلغت نسبة المشاركة الساعة الخامسة 34.46 في المئة بالنسبة للمجالس البلدية و33.26 في المئة بالنسبة لمجالس الولايات، كما أعلن وزير الداخلية نور الدين بدوي. وانتهت عملية التصويت التي دعي إليها أكثر من 22 مليون جزائري الساعة الثامنة (19:00 توقيت غرينتش) بدل السابعة بعد تمديد التصويت ساعة واحدة في أغلب مكاتب التصويت. وبمجرد إغلاق مكاتب التصويت بدات عملية فرز الاصوات في نفس هذه المكاتب، وهي العملية التي يمكن ان يحضرها المواطنون اضافة الى ممثلي المرشحين والاحزاب السياسية، كما أطهرت القنوات التلفزيونية. وأفاد التلفزيون الحكومي أن نسبة المشاركة النهائية والنتائج الأولية للانتخابات سيعلنها وزير الداخلية ظهر الجمعة. وشهدت هذه النسبة ارتفاعا مقارنة بالوقت ذاته مع انتخابات 2012 حيث كانت بلغت 28.30 في المئة للبلديات و27.47 في المئة للولايات، أي بزيادة 6 نقاط. وفي ظل عدم وجود تداول في السلطة لم يعد الجزائريون يتوجهون بقوة إلى التصويت خلال السنوات الأخيرة، فبلغت نسبة المشاركة 51.7 في الإنتخابات الرئاسية لسنة 2014 بينما انخفضت إلى 35.37 في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت في ماي مقابل 42.9 في 2012. لم تثر الحملة الانتخابية الكثير من الحماسة في بلد نحو 45 في المئة من سكانه تقل أعمارهم عن 25 عاما و30 في المئة منهم يعانون من البطالة. كما يسيطر الجمود على المشهد السياسي الذي يقتصر على الشخصيات نفسها منذ عقود. وتواجه الجزائر وضعا اقتصاديا صعبا منذ 2014 جراء انهيار اسعار النفط الذي يؤمن 95 في المئة من العملات الأجنبية ما أدى إلى تباطؤ النمو وارتفاع التضخم والبطالة حيث لا يجد أكثر من 12 في المئة من السكان في سن العمل وظائف. ودعا الرئيس عبد العزيز بوتفليقة (80 عاما) الذي يحكم البلاد منذ 1999 بينما تتحدث أوساطه عن ولاية خامسة عام 2019، الجزائريين إلى "التصويت بقوة" وكان الإدلاء بصوته في أحد مراكز الإقتراع في الجزائر إحدى المرات النادرة التي يظهر فيها منذ إصابته بجلطة دماغية في 2013. وقد وصل إلى المركز الانتخابي على كرسي متحرك برفقة شقيقيه واثنين من أبناء أحدهما. وقام بوضع ورقة الإنتخاب في الصندوق بنفسه قبل أن يبصم في سجل الناخبين، ثم غادر دون ان يدلي بأي تصريح. يقول الباحث في علم الاجتماع ناصر جابي لفرانس برس "لن يتم إحداث تغيير عبر مثل هذا النوع من الإنتخابات". تركزت الحملة الإنتخابية حول مسائل مثل "الوضع الإقتصادي الصعب (...) وقانون المالية 2018 والإنتخابات الرئاسية" في 2019، مع توقع ترشيح بوتفليقة لولاية خامسة، بحسب بلقاسم بن زين من مركز الأبحاث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية في وهران (غرب).