كما كان متوقعا،لم يقدر فوزي البنزرتي على تحمّل موجة غضب جماهير الترجي التي تجاوزت كل الحدود،ليرمي في النهاية المنديل ويقرر تقديم استقالته عقب نهاية مباراة الفريق ضد النادي الصفاقسي.قرار أكثر المدربين التونسيين تتويجا كان الأنسب للجميع بما أنه لم يعد قادرا على العمل وسط هذا الضغط الكبير وهذا الرفض الجماهيري الذي عملت هيئة المدب على امتصاصه وتلطيف الأجواء ولكن الأمور لم تسر بالشكل المطلوب لتحصل القطيعة وتنطلق رحلة البحث عن البديل. حرب النجوم أضرّت بالبنزرتي رغم خروج البنزرتي من شباك الحديقة»ب» فإنه لا يمكن بأي حال من الأحوال التشكيك في قدراته الفنية والخدمات الكبيرة التي قدمها للفريق ولكرة القدم التونسية،ولكن واقع الأمور يفرض علينا الاقرار بأن المرور الأخير للبنزرتي بالترجي لم يكن موفقا رغم التتويج بالبطولة والبطولة العربية،حيث لم نقف صراحة على قوة الشخصية التي ميزت الرجل على مدار مسيرته الطويلة والتي جعلته عاجزا عن فرض كلمته على المجموعة والدليل خلافته المتكررة مع نجوم الفريق على غرار ما حدث مع الفرجاني ساسي في مصر خلال البطولة العربية وبعد نهاية مباراة الأهلي في رادس حيث لم يجد البنزرتي القدرة على وضع ساسي على البنك رغم أن الأخير يعد الحلقة الأضعف حاليا في وسط ميدان الترجي وذلك تفاديا لميلاد جبهة تمرد قياسا بالتأثير الكبير الذي يملكه اللاعب على المجموعة. البنزرتي وإضافة إلى جملة الأخطاء الفنية التي ارتكبها في المواجهات الكبيرة،لم يكن وفيا لعاداته في الدفع بالشبان حيث دفعه خوفه من ردة فعل النجوم إلى تهميش ماهر بالصغير وبلال الماجري وبدرجة أقل هيثم الجويني ليجد نفسه مجبرا على التخلي عن قناعاته بتغيير مراكز بعض اللاعبين ليضمن تواصل تواجدهم في التشكيلة الأساسية على غرار ما حصل مع غيلان الشعلالي وفخر الدين بن يوسف وسعد بقير الذي أصر الرجل على تثبيته على الجهو اليمنى للهجوم ليقطع الطريق أمام أنيس بن حتيرة الذي بات اشكالا في الفريق ليصعب بذلك التحكم في المجموعة ويخسر بالتالي البنزرتي حربه مع النجوم إضافة إلى خسارة شق كبير من الجماهير التي لم تقتنع والحق معها بما يقدمه الفريق رغم ترسانة النجوم التي استقطبها حمدي المدب. العدل وقوّة الشخصية أهم خصال المدرّب الجديد يمكن التأكيد على أن الترجي الرياضي التونسي لن يخسر الكثير برحيل البنزرتي،فالمجموعة الحالية بإمكانها مزيد التطور من حيث الأداء إذا وجدت مدربا متمرسا قوي الشخصية وعادلا ولا يتعامل مع التشكيلة الأساسية بمبدأ الأسماء وهذه النقطة أضرت بالفريق كثيرا وشكلت منطلق خلاف البنزرتي مع الجماهير التي تطالب هيئة المدب بالتعاقد مع مدرب من المقام الأول يعيد بعض الأسماء إلى الجادة ويفرض عليهم التواضع وتقدير القميص الذي يمثلونه والأموال الكبيرة التي يتقاضونها في الفريق،فأداء الفرجاني ساسي وفخر الدين بن يوسف وفرانك كوم وسعد بقير ومعز بن شريفية ومايكل اينرامو وتواجدهم المستمر في التشكيلة يطرح أكثر من نقطة استفهام خاصة بتواجد بنك يعج بالمواهب والأسماء القادرة على تقديم الإضافة وهي في حاجة فقط إلى قليل من العدل من المدرب الجديد الذي لن تكون مهمته سهلة في ظل الأحلاف الموجودة في الفريق والنفوذ الكبير لبعض الأسماء التي باتت ترى نفسها أكبر من المحاسبة والنقد،وما على المدرب الجديد إلا العمل على تنقية محيط الفريق وإبعاد السماسرة عنه حتى تعود روح المجموعة وتعود معها كرة الترجي المعهودة. مصلحة الفريق أهم من المصالح الشخصية استغلّت بعض الأطراف التي فقدت نفوذها في الفريق،الظرف الحالي الذي تعيشه الجمعية لتطلق العنان لحملات تشويه واستهداف لبعض أعضاء الهيئة المديرة مستغلة في ذلك جملة من الصفحات الفيسبوكية لترويج جملة من المعلومات المغلوطة والهادفة أساسا إلى دفع حمدي المدّب الرجل الأول في الفريق إلى الإطاحة بالمجموعة العاملة معه وتحميلها سبب تراجع أداء الفريق وفشل بعض الصفقات والغاية ليست خدمة مصلحة الترجي وإنما خدمة بعض الأطراف الساعية إلى إيجاد مكان لها في الفريق بعد أن أثبت فشلها في السابق وبعد أن أكلت نصيبا كبيرا من «الكعكة» وتسببت في مشاكل جمّة للفريق على غرار ما حدث مع «ماريغا» وما يحدث حاليا مع «الروج».وعليه فإن مصلحة الفريق تقتضي الهدوء التام وانتظار نهاية الموسم حتى يكون التقييم منطقيا وبعيدا عن التشفي والاستهداف.