إضعاف الدور الرقابي وغياب الصلاحيات العقابية وعدم ضمان استقلالية هيئة الإتصال السمعي والبصري، تلك هي أهم نقاط الضعف التي يعاني منها مشروع القانون الجديد المتعلق بهذه الهيئة، حسب ما تم التأكيد عليه خلال الجلسة التي عقدتها اليوم الخميس، لجنة الحقوق والحريات بمجلس نواب الشعب، للإستماع إلى جمعية «يقظة من أجل الديمقراطية والدولة المدنية»، حول هذا الموضوع. وقدمت هذه الجمعية بالمناسبة دراسة تحت عنوان «قراءة في مشروع قانون هيئة الإتصال السمعي والبصري»، بحضور الخبراء الذين تولوا إعداد الوثيقة وهم حفيظة شقير ورشيدة النيفر ومصطفى باللطيف. ويمثل المشروع الجديد، حسب هؤلاء المختصين، «خطوة أخرى لتشتيت النصوص القانونية وتجزئتها في حين أن التوجه العام الذي يسود العالم حاليا يرمي إلى تجميع النصوص وتبسيطها لتوفير الأمن القانوني وتسهيل النفاذ للقوانين»، حسب ما جاء بالخصوص على لسان باللطيف، أستاذ القانون العام والعلوم السياسية، والذي اعتبر أن الإستقلالية التي يوفرها مشروع القانون الجديد، «ضعيفة وتعكس ضعف ثقافة الإستقلالية وثقافة المرفق الإعلامي العمومي لدى السلطة التنفيذية عموما». أما رشيدة النيفر وهي خبيرة قانون وعضو مستقيل من الهيئة العليا المستقلة للإتصال السمعي والبصري (الهايكا)، فاعتبرت في تدخلها أن مشروع القانون الجديد يجعل الهيئة الجديدة لا تتمتع إلا بصلاحيات «مشاهد»، مبينة أن المشروع لم يحاول تلافي نقائص المرسوم 116 المنظم للسمعي البصري، في حين أنه جاء لتعويضه، خاصة في ما يتعلق بتحديد المقاييس التي يتم على أساسها إسناد إجازات البث أو تحديد الأبجديات التي يجب أن يدار وفقها الإعلام العمومي السمعي والبصري. كما أشارت إلى غياب أهم الأدوات التي عملت بها الهيئة الحالية، لتنظيم الإشهار السياسي أثناء الإنتخابات، وللتدخل في صورة وجود خروقات جسيمة، طبقا لما ورد في الفصلين 30 و45 من المرسوم 116. وقالت إن المشروع الجديد تغافل عن الإشارة إلى إلغاء «قوانين بن علي» التي مازال بعضها «يحكم المجال السمعي والبصري، إلى غاية اليوم»، حسب رأيها أما توفيق يعقوب، نائب رئيس جمعية يقظة فقد اعتبر أن المشروع الجديد يشكل «تراجعا عن المكاسب التي أتى بها المرسوم 116». في حين عبرت الجامعية حفيظة شقير وهي من مؤسسات الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ونائبة رئيس الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، عن أسفها لاعتماد القانون الخاص بالهيئات الدستورية الذي اعتبرت أنه «يساهم في تشتيت النصوص القانونية». وبعد أن انتقدت غياب التعريف بالمفاهيم والمصطلحات في المشروع الجديد (على غرار مصطلح التعديل) والتي يمكن الرجوع إليها في حال حصول نزاعات، لاحظت شقير غياب المرجعيات أو الإشارة إلى الدستور وإلى الإتفاقيات التي صادقت عليها الدولة التونسية في أغلب القوانين المصادق عليها منذ 2014 بما في ذلك المشروع المعروض على اللجنة. وأكدت الخبيرة في ردها على انتقاد النائب سمير ديلو للمراسيم الصادرة بعد الثورة، أن «هذه المراسيم مكنت من تحرير البلاد من شوائب الدكتاتورية»، مبرزة «ضرورة رد الإعتبار للهيئات الدستورية، بالنظر إلى كونها نابعة من الدستور وتشكل ضمانا للديمقراطية ولدولة القانون». وكان عضو لجنة الحقوق والحريات، سمير ديلو (كتلة النهضة)، عبر أثناء النقاش عن اقتناعه بالتأثير السلبي لتشتت النصوص القانونية، منتقدا تحويل المراسيم الصادرة بعد الثورة إلى ما أسماه «غول قانوني». ومن ناحيته ذكر النائب عماد الدايمي (حراك تونس الإرادة)، أن الوضع الحالي الذي يعرفه القطاع الإعلامي يحتاج إلى جهد كبير لتوضيح دور الإعلام العمومي وضمانات التعيين وتطبيق الخط التحريري. وتساءلت النائبة يمينة الزغلامي (النهضة) عن المعايير التي يمكن أن يعتمدها البرلمان لاختيار ممثلين عن المجتمع المدني، ضمن أعضاء هيئة الإتصال السمعي والبصري، مثلما جاء في الدراسة محل النقاش. ودعا النائب توفيق الجملي (الإتحاد الوطني الحر)، إلى أن يشمل التعديل أيضا مجال الإعلام الإلكتروني الذي «يحظى باهتمام كبير في أوساط الشباب بالخصوص». وأعلن رئيس اللجنة، نوفل الجمالي، عن تنظيم يوم مفتوح للحوار حول مشروع القانون وذلك يوم 15 فيفري 2018، مذكرا بأن اللجنة كانت استمعت الأسبوع الفارط إلى وزير العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الانسان، مهدي بن غربية، حول مشروع القانون الجديد وستحاول أخذ المقترحات التي تصلها بعين الإعتبار.