ما بين 19 جانفي و10 فيفري 2013 تدخل أفضل فرق القارة السمراء في منافسات شرسة للفوز بلقب كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم التي تجري في جنوب أفريقيا هذا العام، فهل يدافع منتخب زامبيا عن لقبه أم أن فريقا آخر سيقتنص البطولة من بين أنيابه؟ هذا المقال نبذة عن تاريخ البطولة. تعود فكرة إقامة بطولة قارية لكرة القدم تجمع الدول الأفريقية إلى العام 1956، وكانت فكرة مصرية سودانية جنوب أفريقية مشتركة. جاء التفكير في هذه البطولة مصاحبا لفكرة أخرى وهي تأسيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم وهي الفكرة التي رأت النور في العاصمة السودانية الخرطوم في 8 فيفري 1957 وتم تدشينها عمليا بعد يومين من ذلك على الملعب البلدي بالخرطوم وذلك بإقامة أول كأس أمم أفريقية بمشاركة ثلاث دول هي مصر والسودان وأثيوبيا وأحرزت مصر اللقب.
مرحلة "الاستقرار" بدأت في السودان في البداية لم يكن واضحا ما هي المدة المقررة لإقامة البطولة بشكل دوري، فتم إقامتها كيفما اتفق - مصر 1959، أثيوبيا 1962، غانا 1963، تونس 1965، أثيوبيا 1968 - ولكن بدءا من بطولة 1970 في السودان استقر الرأي على إقامتها بشكل دوري كل سنتين. شهد عدد الدول المشاركة في البطولة تغييرات كثيرة خلال مشوار البطولة الطويل، فقد أقيمت بطولتا 1957 و 1959 بمشاركة ثلاث دول فقط ثم ارتفع العدد إلى أربع في أثيوبيا 1962. ويبدو أن بريق البطولة بدأ في جذب الأنظار إليه ما رفع عدد المنتخبات المشاركة إلى ست عامي 1963 و1965 ثم يستقر العدد على ثمانية منتخبات في أثيوبيا 1968 وحتى السنغال 1992. وفي تونس 1994 ارتأى الاتحاد الأفريقي زيادة عدد الدول المشاركة إلى اثني عشر فريقا ليعود ويرفع العدد بشكل نهائي إلى ستة عشر فريقا في جنوب أفريقيا 1996 ولكن البطولة أقيمت بحضور خمسة عشر فريقا فقط بعد انسحاب منتخب نيجيريا بحجة أن الأمن ليس متوافرا في جنوب أفريقيا. جرت العادة على إقامة البطولة في دولة واحدة من دول الاتحاد الأفريقي ولم تشذ عن هذه القاعدة إلا بطولة العام 2000 والتي تقاسمت كل من غانا ونيجيريا مراسم إقامتها. وجاءت هذه البطولة إثر حمى التنظيم المشترك والتي اجتاحت العالم آنذاك حيث نظمت بطولة كأس الأمم الأوروبية لنفس العام في بلجيكا وهولندا، وكان قد تقرر أيضا إقامة كأس العالم للعام 2002 في كوريا الجنوبية واليابان.
مصر "بطل الأبطال" حصدت مصر معظم الألقاب المرتبطة بهذه البطولة؛ فهي تتصدر قائمة الدول الأكثر فوزا بالبطولة بإحرازها اللقب سبع مرات منها ثلاث مرات متتالية وذلك في أعوام 1957 و1959 و1986 و 1998 و2006 و2008 وأخيرا 2010 وهو إنجاز غير مسبوق، تليها غانا التي فازت بها 4 مرات وتتساوى معها الكاميرون في نفس عدد مرات الفوز. تحتل كل من مصر وغانا صدارة أكثر الدول تأهلا للمباراة النهائية؛ فقد تأهلتا 7 مرات لهذه المباراة. تليهما الكاميرون ونيجيريا اللتان تأهلتا بدوريهما 6 مرات إلى النهائي. تتصدر مصر أيضا قائمة أكثر الدول مشاركة في البطولة؛ فقد شاركت 22 مرة في النهائيات وتليها كوت ديفوار "ساحل العاج" 18 مرة ثم غانا 17 مرة. أما قائمة أكثر الدول استضافة للبطولة فتتقاسم غانا ومصر مركزها الأول بواقع أربع مرات لكل منهما، تليهما تونس وأثيوبيا بواقع ثلاث مرات لكل دولة. ويحتل الكاميرون المركز الأول في قائمة هدافي البطولة حيث أحرز لاعبها صامويل إيتو 18 هدفا خلال مجموع مشاركاته في النهائيات، يليه في الترتيب كوت ديفوار"ساحل العاج" بفضل لاعبها لوران بوكو 14 هدفا ثم نيجيريا بفضل رشيدي يكيني 13 هدفا ويليها مصر التي أحرز لاعبها حسن الشاذلي 12 هدفا. أقيمت كأس الأمم الأخيرة 2012 في الغابون وغينيا الاستوائية وافتقدت لحماس الجماهير في مشاهدتها لضعف منافساتها نظرا لغياب أربعة منتخبات قوية وهي الجزائر ومصر والكاميرون ونيجيريا، ورغم ذلك لم تستطع منتخبات كبيرة وعريقة كمنتخبي غانا وكوت ديفوار"ساحل العاج" اللذين شاركا فيها من إحراز الكأس، وفاز باللقب منتخب زامبيا وهي المرة الأولى في تاريخها. وكانت هذه الكأس هي الأخيرة التي تقام في السنوات الزوجية، وذلك بعد قرار الاتحاد الأفريقي ورئيسه الكاميروني عيسى حياتو بتغيير إقامة البطولات إلى السنوات الفردية نظرا للضغوط الشديدة من الفرق الأوروبية التي يحترف بها عدد كبير من اللاعبين الأفارقة والتي ترفض السماح لهم بالمشاركة مع منتخباتهم في كأس الأمم. واختيرت جنوب أفريقيا لإقامة أول بطولة في السنوات الفردية، وكان الاتحاد الأفريقي قد فضل إقامة بطولة هذا العام بعد سنة واحدة فقط من بطولة 2012 بدلا من الانتظار ثلاث سنوات وإقامتها في 2015. وتشارك ثلاث فرق عربية هي الجزائر والمغرب وتونس في بطولة هذا العام كما وستشهد البطولة غياب المنتخب المصري مرة أخرى وذلك بعد خروجه من التصفيات المؤهلة.