تم اليوم تشييع جثمان الفقيدة أم الخير حرم الزعيم الوطني فرحات حشاد الى مثواها الاخير حيث ووريت التراب بمقبرة قرقنة. و القى اليوم الأمين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي كلمة خلال تأبين الراحلة قال فيها ما يلي: "فقدنا اليوم المغفور لها السيدة أم الخير أرملة الشهيد والزعيم الوطني والنقابي فرحات حشاد وبهذه المناسبة الأليمة نعزّي أبناءها وأحفادها وعائلتها الموسعة ونعزّي كل النقابيات والنقابيين وكل الشعب التونسي. لقد كانت مثالا للمرأة المناضلة التي وقفت جنبا إلى جنب مع الزعيم فرحات حشّاد وضحّت بشبابها من أجل رعاية أبنائها بعد اغتيال زوجها وعملت على صَوْن الأمانة والوفاء إلى روح الشهيد. إنّ المكتب التنفيذي يسجّل روح المقاومة التي تحلّت بها السيدة أم الخير والتي كانت دوما تبلغها إلى النقابيين في كلّ المناسبات التي زاروها فيها وخاصة يوم 05 ديسمبر من كلّ سنة تاريخ إحياء ذكرى استشهاد الزعيم فرحات حشّاد عندما كانت تفتح بيتها مرحّبة بكلّ زوّارها وخاصّة النقابيين. اللّه أكبر اللّه أكبر اللّه أكبر لقد ولدت المرحومة يوم 24 أفريل 1930 بقرية العباسية ابنة لأحمد حشاد عم فرحات وابنة فطومة عاشور خالة الزّعيم الحبيب عاشور. تُوفّي والدها وهي في سنّ خمسة أشهر فعاشت يتيمة مع أخويها محمد وإبراهيم تعاني الفقر والجهل المخيم في تلك الفترة على تونس جراء الاستعمار. وعند بلوغها سنّ الثالثة عشرة تزوّجت من ابن عمها فرحات حشاد ورافقته للسّكن بصفاقس أين انخرط في العمل في الأشغال العامة وبدأ ينشط ضمن هياكل الاتحاد المحلي لcgtالنقابة الفرنسية في ذلك الوقت. بدأت مع الزعيم الشهيد مشوار حياة قصيرة لم تدم سوى تسع سنوات وأنجبت أربعة أبناء نور الدين وناصر رحمه الله وجميلة رحمها الله وسميرة. وكانت ربّة بيت موفّقة فقامت بواجبها الأكمل في تربية أبنائها وتعويضهم فقدان الأب. كانت تقول إنها لم تأسف إلاّ على أنّها لم تتعلّم الكتابة والقراءة ولذلك كرّست عقلها وجهدها أن يتلقّى أبناؤها أرقى التعليم وأن تهتمّ هي بتثقيف نفسها في شؤون الحياة بذكاء فوق العادة. اللّه أكبر اللّه أكبر اللّه أكبر الامتحان الكبير كان المصاب الجلل حين اغتيال زوجها ورفيق حياتها في الظروف المعروفة ولكن علقت في ذاكرتها كلماته الخالدة التي وجهها إليها يوم الوداع خمس أيام قبل الاغتيال أي يوم 01 ديسمبر 1952 إذ قال: "أوصيك بالأبناء ولن يكون لك أي هدف وأي مرمة إلا العناية بهم لأكون مطمئنا عليهم " وكان يعرف جيّد المعرفة أنّها لحظة الفراق. لقد شكّلت وصيّة الشهيد مصدر قوّتها وطاقتها وسرّها وهي في سن 22 سنة. ودخلت معترك الحياة مدفوعة بها فتحملت فيها المشاق والمتاعب والحاجة والفقر ككلّ التونسيين في ذلك العهد. عاشت وهي تريد أن تحقّق هدفين اثنين لا ثالث لهما في حياتها: تربية أبنائها تربية صالحة يعتزّ بها الشعب التونسي ورفع شأن اسم فرحات حشّادا زعيما وطنيا ونقابيا ليبقى مكسبا للشعب التونسي ولقد نجحت في ذلك باعتراف الجميع. وكانت الزوجة الرفيقة والأمّ الراعية والمناضلة الوفيّة والحبيبة إلى قلوب التونسيّات والتونسيين. اللّه أكبر اللّه أكبر اللّه أكبر ولقد عوّضها الله عن الزعيم رفيق عمرها بالتفاف الشعب حول ذكرى الشهيد ولقيت النقابيين سندا لها جيلا بعد جيل كما توسّعت أسرتها إلى تسعة أحفاد وأربع أحفاد الأحفاد. ويذكر التاريخ اليوم أنّها بقيت على العهد عهد فرحات متشبثة بسيرته ومبادئه فكانت مرجعا تاريخيّا للنقابيين والعمّال في جزئيات وتفاصيل تهمّ الاتحاد العام التونسي للشغل وتهمّ النشاط الخاص والدقيق لمؤسّسه فرحات حشّاد. نسأل الله أن يتغمّد الفقيدة بواسع رحمته وأن يلحقها بجنانه وأن يرزق أهلها جميل الصبر والسلوان. وأن يعوّض عن كلّ التونسيات والتونسيين امرأة مناضلة صلبة صبورة امتحنها الدّهر فكانت مثالا لكلّ النساء "