اتهم القيادي في حركة «نداء تونس» محسن مرزوق في حوار له لصحيفة البيان الإماراتية حكومة الترويكا بالسعي للانفراد بالسلطة وعدم التخلي عنها، لافتاً إلى أن «النهضة» تغض الطرف عن نشاط السلفيين في تونس، ما أدى إلى أن تصبح تونس، على حد قوله، «من أكبر مصدري المقاتلين في اتجاه الجبهات في الدول العربية». وشبّه مرزوق «رابطات حماية الثورة» ب«الحرس الثوري الإيراني» التي تستخدمها الحكومة لإرهاب معارضيها، لافتاً إلى أن «النهضة» منقسمة على نفسها، بين من أسماهم «لابسي الأكفان» ويشكلون الأغلبية و«دعاة التقدم»، وهم يشكلون الأقلية. وحذر مرزوق من إن «الإخوان سيحاولون تطبيق إستراتيجيتهم في الخليج وهم مسنودون من إخوانهم الذين باتوا يحكمون مؤخرا في بعض الدول». وجاء في الحوار ما يلي:
هل تتوقعون أن يضمن الدستور الجديد الحريات العامة في تونس؟ أجمع أغلب خبراء القانون الدستوري في تونس، وأغلبية السياسيين، على أن مسودة الدستور الحالية المتداولة تتضمن مؤشرات خطيرة، يمكن أن تؤشر إلى استبداد جديد في تونس. وهذه المسودة قد تكون، حتى أسوأ من الدستور القديم الذي وقع إلغاءه، لأن المسودة الراهنة ليس فيها إقرار واضح باعتبار كل المواثيق الدولية تشكل مرجعية. أما الصيغة الجديدة والتي تتحدث عن القيم الإيجابية الكونية والإسلام، فهي مبهمة خاضعة للتأويل. ونحن كمسلمين، الإسلام في قلوبنا. مؤخرا دعت أحزاب المعارضة الرئيسية وحزبكم منها، لإنهاء المرحلة الانتقالية في تونس في اقرب وقت واعتبار مسودة الدستور لا تستجيب إلى تطلعات الشعب التونسي ومطلب الثورة ...إذا لم يستجب لمطالبكم فما هي خطوتكم المقبلة؟ نحن منذ البداية دعونا إلى التوافق وإلى التقاء كل القوى الوطنية التونسية على أرضية واحدة، حتى ولو كانت في الحدود الدنيا، ولكن هناك تعنت من الطرف الموجود في السلطة، وكأنه أمسك بغنيمة ولا يريد أن يتخلى عنها، ولكن رغم ذلك نحن مانزال متفائلين، وأرجو أن لا نحتكم إلى موازين القوى في الشارع، أو إلى نوع من التعبئة لتصحيح مسار الثورة التونسية الذي وقع الانقلاب عليه، حسب رأيي، منذ الأشهر الاولى التي عقبت انتخابات أكتوبر من عام 2011. ما هي حظوظ حزب «حركة نداء تونس» في انتخابات 2013؟ كل استطلاعات الرأي التي أجرتها مؤسسات دولية ومحلية في تونس أظهرت أن حزبنا يحتل المرتبة الثانية مباشرة بعد «حزب النهضة» بفارق نقطة أو نقطتين خلال الخمسة أشهر الماضية مع التذكير بأن عمر حركة النهضة40 عاماً، وعمر حزبنا خمسة إلى 6 أشهر فقط. وأنا أعتقد أنه إذا ما تخلت «حركة النهضة» عن التعبئة الهادئة للجماعات العنيفة المسماة ب«روابط حماية الثورة»، والتي تشبه الحرس الثوري الإيراني. بما تشيعه من احتقان في الحالة السياسية، وسمحت بحرية التعبير، فإن حظوظنا كبيرة للفوز في الانتخابات. هل أبدت الحكومة أي استجابة لمطلب حل «رابطات حماية الثورة»؟ الحكومة التونسية الحالية متشبثة بشكل كبير ب «رابطات حماية الثورة» لأنها تقوم بدور أساسي في إستراتيجيتها في عدم التخلي عن السلطة وتحويل مسار الانتقال الديمقراطي. أحد أقطاب الائتلاف الحاكم استقبل عدداً من أعضاء هذه «الرابطات»، ودورهم الأساسي هو الهجوم و استعمال العنف ضد كل الأطراف السياسية المعارضة للحكومة. لم يتركوا مدينة أو قرية في تونس إلا ومارسوا العنف فيها بشكل بفوق في بشاعته ومنهجيته ما كان يقوم به نظام بن علي السابق. هل تلمح إلى أن «رابطات حماية الثورة» أصبحت الذراع الأمنية للحكومة التونسية الراهنة والتي قد تستخدمها في المرحلة المقبلة لفرض واقع ما وبالقوة ؟ في الواقع هي إستراتيجية إخوانية عربية كتلك الموجودة في مصر، وهذه الجماعات لا تهاجم إلا معارضي «حركة النهضة فقط» فهي إذن امتداد لها وهي تحميها. ورغم أن راشد الغنوشي اعتبرهم ضمير الثورة، فإنني في الواقع أعتبر أن ليس لهم علاقة بالثورة لا من قريب ولا من بعيد، أغلبهم خريجو سجون، وجزء كبير كانوا من أزلام النظام السابق الذي كان يستعملهم ولكن بصورة أقل كثافة من الآن لإرهاب خصومه . يقال بأنك مرشح لتولي منصب وزير الخارجية إذا ما فاز حزب «حركة نداء تونس» في الانتخابات المقبلة؟ أنا وكثير من أعضاء «حركة نداء تونس» قلنا بشكل واضح وصريح بأننا لسنا معنيين إلا بمواصلة العمل من أجل إخراج تونس من عنق الزجاجة، وأرجو أن تكون الحكومة التونسية المقبلة حكومة مبنية على كفاءات تونسية متميزة وأفضل ما خرجته الجامعات التونسية، وإن شاء الله نخرج من العاصفة التي نحن موجودون فيها اليوم.. المهم بالنسبة لنا الخروج بتونس مما هي فيه الآن. كيف تنظر إلى محاولات الإخوان زعزعة الاستقرار في عدد من البلدان الخليجية مؤخرا، وهل الإخوان في تونس يشكلون أيضاً خطرا على أمن الخليج؟ طبعا هم جزء من حركة كاملة، فالحركة الإخوانية حركة دولية ولها قيادة دولية تتجاوز الدول، ومشروعهم هو التدخل في كل مكان. ومخطئ من يعتقد أن إستراتيجيتهم مقتصرة على منطقة المغرب العربي أو دول شمال أفريقيا، هم سيحاولون تطبيق إستراتيجيتهم في الخليج وهم مسنودون من إخوانهم الذين باتوا يحكمون مؤخرا في بعض الدول. وبالنسبة لنا في تونس هذا غير مقبول فالثورة صارت في تونس من أجل تونس وحول تونس، وأي قيادة تفرزها الثورة التونسية والقيادة التونسية يجب أن تقوم علاقاتها الدولية وخاصة مع البلدان العربية على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل فيها مهما كان الأمر. أين تقف «حركة النهضة» برأيكم، مع حملة الأكفان أم مع دعاة التقدم والحداثة؟ «حركة النهضة» منقسمة، والجزء الأكبر من منتسبيها عقولهم لابسة أكفان منذ مدة طويلة، وللأسف الأقلية منهم تريد نقل حزب النهضة من التطرف الحالي إلى مستوى التقدم والمشاركة في الشأن الوطني، وهم في انقسام واضح، وأرجو أن يختاروا طريق التقدم وإلا ستكون النتيجة سيئة على هذه الحركة بشكل عام . النهضة دعت السلفيين، بعد حادثة مسجد النور التي ظهر فيها شيخ سلفي مرتديا كفنه، للتعقل، والكثيرون يتساءلون، إذا كانت حركة النهضة قادرة على تحييد التيار السلفي وإقناعه بهذه السرعة بالتعقلّ، فلماذا لم تفعل ذلك منذ أشهر عندما تعرضّ العديد من السياسيين ورجال الفكر والثقافة إلى اعتداءات من قبل السلفيين؟ اهتمام طلب القيادي في حزب حركة «نداء تونس» محسن مرزوق من الأشقاء العرب أن يولوا اهتماما لما يجري في تونس، وأن يقرؤوا جيدا الوضع في تونس والتغيرات الحاصلة فيها، مثمناً كل الجهود التي تسعى لإخراج تونس من التجاذبات السياسية و إبعادها عن محاولة إيقاعها في محاور، واستعمالها للتدخل في شؤون الدول العربية.