صوّت، البارحة، 68 نائبا ضد قرار هيئة الحقيقة والكرامة التمديد في مدة عملها بسنة واحدة، مقابل احتفاظ نائبين اثنين بصوتيهما، في حين لم يصوت أي نائب لصالح التمديد في مدة عملها، مع تسجيل انسحاب عدد كبير من النواب وخاصة منهم نواب كتلة حركة النهضة والكتلة الديمقراطية والذين لم يشاركوا في عملية التصويت. وحول أسباب عدم مشاركة نواب كتلة النهصة في التصويت للتمديد لعمل هيئة الحقيقة والكرامة، تحدثت "الصباح نيوز" مع رئيس كتلة النهضة في مجلس نواب الشعب نورالدين البحيري. وأوضح البحيري أن "النهضة نبّهت منذ طرح قرار هيئة الحقيقة والكرامة التمديد في عملها من خطورة التسرع في عرض الموضوع على الجلسة قبل حسم وتوضيح المسائل ذات الطبيعة الدستورية والقانونية". واعتبر البحيري ان "مسار العدالة الانتقالية خيار وطني جامع في مصلحة التونسيين"، مُضيفا: "نبهنا ان اخطر ما يمكن انم يحصل ان تتحول العدالة الانتقالية من مساعدة على وحدة الشعب وقواه السياسية والحقوقية والنقابية إلى سبب في انقسامه". كما أشار البحيري إلى أنه "ومنذ انطلاق الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب والتي تمت الدعوة اليها رغم رفض كتلة النهضة لذلك وتم تحديد موعدها دون توافق وبأغلبية ضعيفة"، قائلا: "لاحظنا ان الجلسة العامة منذ انطلاقتها باطلة ولم يقع احترام مسألة اكتمال النصاب في الحضور كما ان الجلسة تحولت الى ساحة تلاسن وتجاذبات خطيرة عمقت التناقضات وقدمت صورة سيئة على النواب والمجلس وتونس كذلك". وفي نفس السياق، قال نورالدين البحيري ان كتلة النهضة حرصت منذ السبت الماضي على محاولة اقناع الكتل البرلمانية عن البحث عن حلول توافقية وحرصت على تهدئة الاوضاع وعبرت عن رفض تجاوزات بعض النواب وبعد استكمال النقاشات دعت إلى جلسة لمزيد الحوار. وفي سياق متصل، قال البحيري ان النهضة أكّدت أن التسرع سيضع مجلس النواب في مأزق، متسائلا: "على ماذا سيصوت المجلس.. ما الاغلبية المطلوبة ما السند القانوني لهذه الاغلبية؟ وإذا قرر المجلس اي قرار وخاصة قرار رفض التمديد على عاتق من تقع مسؤولية تنفيذ القرار؟ هل على رئيس المجلس أو مكتب البرلمان المنقسم او الحكومة؟ وإذا لم ينفذ قرار المجلس وواصلت هيئة الحقيقة والكرامة ما تبعات ذلك؟ ما المصلحة من رفض التمديد وما الضرر الذي سيحصل لمسار العدالة الانتقالية؟ وعن إجابته على هذه التساؤلات، ردّ البحيري: "لا اجابة لي في الوقت الحالي". وأكّد نورالدين البحيري أن عدم مشاركة النهضة في التصويت على قرار تمديد عمل هيئة الحقيقة والكرامة من عدمه، كان تقديرا من نواب الكتلة بان الجلسة العامة باطلة، مُضيفا أن من بين أسباب عدم المشاركة كذلك رفض رئيس مجلس النواب مجرد الاستماع لنا وهضم حق طلب الكلمة من قبلي كرئيس.. ولا يمكن أن نكون شركاء في اي عملية تصويت لان التصويت لا يكون الا اذا توفرت الشروط القانونية.. وما حصل عملية صورية فمن شاركوا في التصويت لم يتجاوز عددهم ال70 نائبا بينما رفضت الاغلبية المطلقة التصويت والمتمثلة في النهضة والجبهة الشعبية والكتلة الديمقراطية وربما حتى نواب كتل شاركت في التصويت رفضوا المشاركة في العملية". مصلحة البلاد ودعا نورالدين البحيري ان يراجع النواب أنفسهم من أجل مصلحة تونس وان يستحضروا ان البلاد مُقبلة على المصادقة على مجلة الجماعات المحلية وتركيز المحكمة الدستورية والبلاد تعيش اوضاعا صعبة، مُذكّرا أن الأحزاب والمنظمات الممضية على وثيقة قرطاج انطلقت في البحث عن حلول. وأضاف البحيري: " نحن في حاجة اكيدة لتوحيد موقفنا ووضع مصلحة البلاد فوق كل شيء والعمل على تعزيز الوحدة الوطنية والبلاد في حاجة إلى أن تكون كالبنيان المرصوص صفا واحدا وليست في حاجة الى الانقسام". لا أحد فوق القانون ومن جهة أخرى، قال البحيري: "في كتلة النهضة كنا اوفياء لمبادئنا وقيمنا ودافعنا عن خياراتنا الاقتصادية كخيار وطني يحمي مصلحة الوطن وكل التونسيين ممن كانوا في الحكم او معارضين له.. دفاع مبدئي لمصلحة تونس وفي اطار طي صفحة الماضي وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة دون حسابات والخيار هذا خيار جوهري لا يمكن التنازل عليه بكل حال من الأحوال لان التنازل عليه يعني عودة تونس إلى مربع الصراعات والتجاذبات والاحقاد". وأكّد البحيري ان "العدالة الانتقالية ومسارها خط أحمر واستحقاق من استحقاقات الثورة لا يجوز المساس به فان الاشخاص مهما كانوا واذا ما كانوا لا يمكن أن يكونوا عقبة أمام انجاح هذا المسار"، مُوضحا: "نُفرّق جيدا بين مسار العدالة الانتقالية وبين هيئة وتركيبتها من أولها الى آخرها يُقبل فيها الحوار والمساءلة والمحاسبة ولا أحد فوق القانون ولا فوق المصلحة الوطنية العليا اما مسار العدالة الانتقالية فهو خيار جماعي ودستوري لا يجوز لأحد التراجع فيه.. والمفروض على الجميع تعزيز وتسريع استكماله ونجاحه في تحقيق أهدافه". العدالة الانتقالية خيار راق وحول مسار العدالة الانتقالية اليوم بعد الرفض على التصويت للتمديد لعمل هيئة الحقيقة والكرامة، قال البحيري: "يكفينا ان نعي أولا ان العدالة الانتقالية استحضار لماضي تونس البعيد والقريب ولحاضرها ومستقبلها وانه مشحون بالدماء والدموع والالام والتضحيات واليتامى والارامل ... وانه يختزل تاريخ تونس منذ ما قبل الاستقلال الى غاية اليوم.. وثانيا خيار العدالة الانتقالية كان خيارا راقيا بالتعالي على الجراح والتحرر من الماضي والنظر الى المستقبل وان هذا المستقبل والنجاح في إعادة بناء تونس الحقيقة رهين نجاح استكمال العدالة الانتقالية"، خاتما بالقول: "اليوم على كل القوى الوطنية ان تعي أن المساس بمسار العدالة الانتقالية تهديد للمسار بأكمله".