إن تونس التي تمر بمرحلة دقيقة لا تقل أهمية عن فترة الحرب على الإرهاب،زمن كان أمننا القومي مهددا، تطلب تضافر كل الجهود لإنقاذها من الإفلاس سيما وان كل المؤشرات الاقتصادية تدل على تحسن ملحوظ يفترض دعمه بالدخول في برنامج إصلاح مالي واقتصادي يضع حدا لنزيف الإنفاق العمومي ولثغرة الميزانية التي ما فتئت تتسع جراء كتلة الأجور المرتفعة وخسائر المؤسسات العمومية والصناديق الاجتماعية . وان مبدأ تضافر الجهود يفترض تقاسم التضحيات والكثير من الحكمة ورجاحة العقل والبعد عن الشعبوية وعن تصفية الحسابات الشخصية وعن المطامع الفردية في وقت يعتبر فيه الاستقرار السياسي مطلبا شعبيا وشرطا دوليا لضمان مرور البلاد إلى بر الأمان . غير انه وعندما نعاين البعض من الأطراف الذين تجمعهم طاولة اجتماعات ما تبقى من الممضين على وثيقة قرطاج وتستمع لتصريحات بعضهم التي تزيد في سكب الزيت على النار لا نقدر إلا أن نتساءل عن الدور الذي تلعبه وثيقة قرطاج 2 ووزنها الحقيقي. فالمتأمل في الصور المنقولة من قاعة اجتماعات قصر قرطاج التي تجمع من تبقى من الممضين على وثيقة قرطاج والمتخلين العائدين والملتحقين الجدد لتأثيث المشهد ..والمتابع لتصريحات بعض المشاركين في تلك الاجتماعات ولتسريبات الكواليس يعتريه الخوف على تونس الذي بات من ضمن من يحدد مستقبلها ويقيّم أداء حكومتها حزب رئيسه مورط في قضايا فساد ومجمدة أمواله ورئيسة ما تبقى من منظمة نسوية لا تمثلية لها لدى المرأة ورئيس منظمة آخر يبدو انه لا يعود لقواعده التي يتكلم باسمها والتي عرفت تاريخيا إنها تهتم ببرامج الحكومة ولا تتدخل في التعيينات والإقالات وقس على ذلك من مسؤولين على أحزاب سموا فيها مصادفة ولم يكونوا من مناضليها او ممن يمثلون قواعدها شرعيا وحتى وان توفرت الشروط في غيرهم فإنها تنتفي في أحزابهم ... ان مخترعي فكرة وثيقة قرطاج ومهندسيها الذين ربما أرادوا ان ينتقل مركز الحكم من القصبة الى الضاحية الشمالية والذين اخرجوا اسم يوسف الشاهد كما يُخرج الساحر الأرنب من قبعته وسط دهشة الحضور هم أكثر الناس اكتواء بنار اختراعهم فهم قد لا يعلمون ان نجاح الشاهد من نجاحهم وفشله من فشلهم وسقوطه من سقوطهم في ظرف لا تحتمل البلاد فيه أي هزة سياسية جديدة وهي تستعد خلال أيام للخروج للسوق المالية العالمية للاقتراض وتنتظر بعد أربعة أسابيع قرار صندوق النقد الدولي تحديد مستقبل تعاونه مع تونس .. تونس التي لم تعد تحتمل أكثر مما احتملت فاتقوا الله في وطنكم في هذا الشهر الفضيل.